تهنئة بالعيد:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.

وبعد؛ فنقدم خالص التهنئة بعيد الفطر المبارك للشعب المصري الكريم وللأمة الإسلامية جمعاء، وفي القلب منها المجاهدون والثوار الأحرار ، فلتهنئوا أيها المؤمنون بما أنعم الله عليكم من الصيام والقيام، وبما هيأ لكم من أسباب النصر والعزة والتوفيق ﴿قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ﴾ فالحمد لله على نعمائه.

رمضان شهر الجهاد والبطولات:
وقد جاء العيد هذا العام بعد شهر كريم، شهد جهادا عظيما أعاد سيرة رمضان الأولى، وفي هذا مؤشر قوي على أصالة الإيمان في نفوس أمتنا، وتغلغله في أعماق قلوبها، وامتزاجه بدمائها ولحومها، وقد دفعت التضحيات المباركة والبطولات الرائعة التي قدمها الشعب الفلسطيني الأبي المجاهد هذا الشعور الأصيل لأن يعلن عن نفسه في مسيرات ومظاهرات عمت أرجاء العالم الإسلامي، وشارك فيها الأحرار في كل أنحاء العالم، رغم كل القوى التي تتربص بالحق وأهله الدوائر، سواء من النظم الجائرة التي أطلقت العنان لكل مفسد، وضيقت الخناق على الشرفاء الأطهار المصلحين، أو من القوى الدولية التي تقدم كل يوم دليلا إضافيا على ازدواجية معاييرها، وعلى تماهيها مع العدو الصهيوني في عدوانه على الحقوق الإنسانية وإغراقه في ارتكاب الجرائم الإنسانية ضد الأطفال والنساء والمسنين والعجزة من المدنيين الفلسطينيين، وعلى دعمها للنظم المستبدة التي تقتل شعوبها وتنبطح أمام أعدائها.


ومن واجبنا أن نؤكد أن هذا الإيمان الذي تجدد، وأعلن عن نفسه، يجب أن يظل حياً في نفوس الأمة، متقداً في قلبها، يمنحها الزاد ويمدها بالقوة التي تجعلها تواصل العمل الجاد بكل ما من شأنه أن يحرر الأوطان من الظلم والاستبداد، ويحقق النصر والرفعة والتقدم والازدهار للأمة، ويمد المجاهدين في الأرض المباركة بكل أشكال الدعم والمساندة ماديا ومعنويا، حتى يتحقق النصر الكامل بإذن الله.   


دعوة للشعوب الحرة : 
وبدافع من حبنا لديننا وأمتنا ننادي وبأعلى صوتنا الشعوب التي تصر على أن تحافظ على وجهتها الإسلامية، وتأبى إلا أن تظل متمسكة بعقيدتها، وماضية في سبيل تحقيق حريتها وكرامتها،ولن تستطيع قوى العالم أجمع مهما بلغت من طغيان أن تحرف تلك الشعوب عن جادة الإسلام، أو في وأد حلم الحرية الذي انتفضت الشعوب لتحقيقه،إن هذه الجماهير المسلمة تمتلك طاقات هائلة من الإيمان والوطنية والأمل، لا يمكن لأحد إخمادها، 

فلابد   لليل  أن     ينجلى                       ولابد للقيد أن ينكسر

  أمور مهمة في هذه المرحلة الفاصلة في تاريخ أمتنا: 
أولا: أن الاستمساك بديننا والاعتصام به، والحرص على حقوقنا والدفاع عنها هو السبيل لاستنزال نصر الله علينا. إن تكبيرنا في العيد إعلان بأن الله أكبر من كيد ومؤامرات الأعداء مهما تعاظمت قوتهم، ولم يزل هذا التكبير نشيد الأمة في كل الانتصارات التي حققتها لما كانت قلوبنا تردد التكبير مع الألسن، ولقد انتصرنا على الصهاينة في رمضان حين كان نشيدنا (الله أكبر)، وكان يقين جنودنا أن الله أكبر من كل تحصينات الصهاينة ومن وراءهم


إذا جلجلت الله أكبر في الوغى تخاذلت الأصوات عن ذلك الندا


ثانيا: الحرص على وحدة الأمة على سائر المستويات، بدءا بالأسرة المتحابة، ومرورا بالمجتمعات المترابطة، واحترام الحقوق الإنسانية بين الحكام والمحكومين في الدولة الواحدة، وانتهاء بتقوية أواصر الوحدة بين الشعوب العربية والإسلامية في مختلف المجالات، لتكون كل دولة قوة لأختها في مناصرة الحقوق المشتركة وتدعيم القيم الفاضلة ﴿إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ﴾، وليدرك الجميع أن التفرق سر الضعف، وأن التنازع باب الفشل، خصوصا إذا كان العدو على أبوابنا، وحريصا على العبث بمقدساتنا، ومجتهدا في شق صفوفنا، وساعيا إلى الاستقواء ببعضنا على بعض. 


ثالثا: إن نصر هذه الأمة حاصل لا محالة، وإن الشدائد التي تمر بها الأمة هي أمارات ميلاد جديد بإذن الله، فإن مع العسر يسرا إن مع العسر يسرا، فمهما اشتدت الظلمة وغابت شمس الحقيقة إلا أنها ستشرق على الدنيا في يوم قريب، وسيصفو الجو الذي طالما تكدّر، وسيتبدّد الظلام الذي طغى وانتشر، سترتفع رايات الحق عالية خَفّاقة، وستختفي زعامات الظلم والباطل مغلوبة مدحورة، وسيظهر الحق ويزهق الباطل، إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا. 


فلا تَحسبـوا أنَّ الهمـومَ مُقِيمـةٌ رُوَيدًا فإنّ اللهَ بالخـلق أَبْصَرُ


رابعا: إن العصر الجديد هو عصر الشعوب بامتياز، والدرس الذي لا يريد المستبدون المغرورون أن يفهموه هو أن الاغترار بالسلطة والقوة الباطشة، والإغراق في إهمال حقوق وحاجات الشعوب، وإغراقهم في المشاكل والأزمات، ومحاولة إلهائهم وتزييف وعيهم بالإعلام المضلل والفنون الهابطة، وتسليط قوى البغي والقمع الأمني لإخضاعهم،  كل ذلك مآله إلى السقوط والخزي والعار ﴿فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ﴾.


خامسا: إن الشعب المصري سيظل مستمرا في ثورته السلمية المبدعة، حتى يقتص من الذين انقضوا عليها وأراقوا دماء المصريين الأحرار في مذابح رابعة والنهضة والحرس الجمهوري والمنصة ورمسيس الأولى والثانية والإسكندرية والمنصورة وغيرها، وحتى يحقق أهداف ثورته الكريمة من العيش والحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية، ولن تعوق عزيمته القوية وإرادته الحرة أية عوائق يتفنن الانقلابيون الدمويون في وضعها في طريقه، ﴿وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ﴾ 

والله أكبر ولله الحمد.