كتبت ـ رحمة مراد:

بين القتل والاعتقال والمطاردة والتشريد، يقبع الآلاف من الشباب المصري الواعي في عهد الانقلاب الدموي الغاشم، وفي المقابل يرقص العميل الصهيوني عبد الفتاح السيسي على أنغام مؤتمر ما يسمى " منتدى شباب العالم" بشرم الشيخ والذى يشارك به  5000 شاب من أكثر من 100 دولة.

ويعلم الجميع أن ما يسمى بـ"منتدي شباب العالم" ما هو إلا  "زفة كذابة" لن تقدم أي جديد يذكر، إلا الظهور الإعلامى لقائد الانقلاب مع الشباب لأخذ الصور التذكارية "والسهوكة"، كما أنها لن تؤدى إلى تحسين صورة النظام الانقلابى بالخارج.

وفيما يلي نستعرض واقع الشباب المصري في عهد الانقلاب:

* تدمير جيل كامل

يمارس الانقلاب أحقر أنواع  الدكتاتوريات بحق الشباب من اختفاء قسري وقتل وتصفية الشباب خارج إطار القانون، واعتقال وفصل تعسفي من الجامعات لرفضهم سرقة إرادتهم الشعبية الرافضة لحكم العسكر والتى استطاعت أن تقتلع المخلوع "مبارك".

وتمتلئ السجون المصرية بما يزيد عن 80 ألف معتقل أغلبيتهم العظمى من الشباب، وجهت لهم اتهامات هزلية بارتكاب جرائم جنائية، أو حكم عليهم في محاكمات غير عادلة.

وتعليقًا على سجن الشباب تقول حسيبة حاج صحراوي، نائب مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في منظمة العفو الدولية: "من خلال استهداف النشطاء الشباب بلا هوادة في مصر، تسحق السلطات آمال جيل كامل من أجل مستقبل أكثر إشراقًا"، وبعد ثورة 25 يناير عام 2011 التي أطاحت بالمخلوع مبارك من سدة الحكم، كان ينظر إلى الشباب على أنهم الأمل في التغيير.

وقالت صحراوي في تقرير لها بعنوان سجن جيل: "مع ذلك يقبع كثير من هؤلاء النشطاء الشباب اليوم خلف القضبان، ما يقدم كل الدلائل على أن مصر عادت إلى دولة القمع الشامل".

* الانتحار والهجرة
لم يكن القمع وحده هو ما يعانيه الشباب في ظل حكم العسكر فالواقع يؤكد ارتفاع معدلات الانتحار بين الشباب بشكل غير مسبوق، ليصل الحال إلى انتحار أكثر من 15 شابًّا في شهر واحد، وبحسب مختصين، فإن تزايد معدلات الانتحار خلال الفترة الأخيرة، أغلبها كان يعود لأزمات مالية واجتماعية طاحنة يمر بها المنتحرون.

كما زاد عدد المهاجرين خلال الفترة من 2013 – 2017 بنحو 3.5 مليون مهاجر، أي بما يزيد عن 50% عما كان عليه الوضع في 2006. وبذلك فقد تجاوز عدد المهاجرين في عهد الانقلاب العسكري في عام 2017 عدد المهاجرين في عام 2010، والذي كان يعتبر أعلى معدل للهجرة في تاريخ مصر بنحو 9.1 مليون مهاجر.

* أفظع محنة

من جانبه قال الكاتب الصحفي عامر شماخ إن شباب مصر يواجهون الآن أفظع محنة، وأسوأ ملحمة؛ ففى ظل الأجواء السياسية الفاسدة التى تشهدها البلاد، وفى ظل أوضاعها الاجتماعية والاقتصادية المتردية يجد الشباب أنفسهم ضائعين، يائسين فلا مجال للمشاركة فى التغيير واستثمار طاقاتهم فى أعمال حضارية تليق بهم وبأمتهم، والأبواب مغلقة أمامهم أيضًا فى استغلال تلك الطاقات فى مشروعات إنتاجية أو خدمية تنهض بوطنهم.

وأضاف - في مقال له بعنوان "الشباب الشباب" - أن الشاب في مصر يعاني البطالة والعوز، والعجز والكسل ليس أمامه سوى طريقين اثنين: إما العزلة وفيها الكآبة وتعاطى المسكرات، ومن بعدهما الجريمة والانحراف؛ أو التطرف والعنف.

وتابع شماخ: وفي كلتا الحالين هو ضحية أنظمة حكم تواطأت على أن يبلغ هاتين الحالتين، بل ربما تعمدت تلك الأنظمة ذلك فهيأت له سبل اليأس والإحباط، ثم فى مرحلة أخرى تنشر المخدرات لتغييبه؛ لضمان إبعاده من معارضتها، أما من تطرف من الشباب فتلك بغيتهم منه؛ ليكون فزاعة لئلا يقبل أقرانه على الدين فيطلب حقه ويسعى للإصلاح فيفسد عليهم عيشهم، ويمنع عنهم ما يأتيهم بالنهب والفساد والسرقات.

وأكمل: وقد كنت أظن أن نسبة الشباب المنحرف من الحالتين اللتين ذكرتهما قليلة، لكني فوجئت بأنها كبيرة ومخيفة، وقد صارت المقاهى أوكارًا لاستقبال الشباب ثم إفسادهم فسادًا لا صلاح بعده، وإن هى إلا سنوات معدودات - إن لم تتداركنا رحمه الله - حتى نجد قطعانًا من المدمنين والمنحرفين تسطو علينا فى وضح النهار، راغبة في تلبية مطالبها لشراء الكيف، وفي المقابل ربما وجدنا من يقتلون الناس باسم الدين - والدين منهم براء - لما يعانونه من اضطهاد سلطة جعلت حربها ضد الدين وضد الشباب الملتزم به أكبر همها ومبلغ علمها.