كشف الخبير الاقتصادي ورجل الأعمال المصري الأمريكي، محمود وهبة، عن إقامة شركة عالمية عاملة بقطاع المناجم بمصر دعوى تعويض أمام المركز الدولي لتسوية المنازعات الاستثمارية "إكسيد" التابع للبنك الدولي.

ونشر موقع شبكة التحكيم الدولي والوساطة (ADR) إدارة المنازعات غير الوطنية طلب الشركة الاسترالية (Tantalum International Limited" (TIL" بالتعاقد مع شركة (Funder) للمخاطر القضائية؛ لمقاضاة مصر بسبب مصادرة حصتها البالغة 50% لاستخراج "التانتالوم" بمنطقة أبودباب (جنوب مصر). 

وقال الدكتور محمود وهبة، عبر صفحته بـ"فيسبوك": إن "شركة تانتالوم مصر" وهي شراكة بين "هيئة الثروة المعدنية" وشركة "جيبسلاند الأسترالية"؛ لجأت إلى "إكسيد" بعد سحب ترخيصها للتنجيم عن معدن "التانتالوم"، موضحًا أن الشركة قالت بدعواها إن تراخيصها ألغيت لأسباب واهية وأصولها أخذت عنوة، مضيفًا أنه يتداول الحديث بأوساط المال والأعمال بالخارج أن "هذا ما حدث مع كل قطاع المعادن والمناجم والتحجير والمواد الأولية بمصر، سواء كان المالك مصريا أو أجنبيا".

ويشكل "التانتالوم" نحو 50 بالمئة من صناعة الإلكترونيات؛ ما جعله أكثر قيمة من الذهب، وينتشر في صحراء مصر الشرقية، فيما يوجد 3 عقود استغلال لخامات القصدير المصاحبة لـ"النيوبيوم" و"التانتالوم" لصالح شركة "تانتالوم مصر"، وبلغ الإنتاج (98.5 طن) عام 2013، تم تصديرها بالكامل.

وتساءل وهبة: "هل استولى الجيش على القطاع وألغى التراخيص لأسباب غير شرعية؟"، متوقعا أن تكون قضية التحكيم الجديدة ضد مصر "بداية سيل من القضايا"، مشيرا إلى أنه "يُسرب بالخارج أن شركات الجيش استولت بالكامل على قطاع المناجم والمعادن والمحاجر والمواد الأولية".

وأشار إلى أنه تم سحب تراخيص 13 شركة تنمية عقارية ومقاولات بالعاصمة الإدارية الجديدة فلجأوا مجتمعين إلى (إكسيد) لتحكيم جماعي والحصول على تعويضات.

ليس بالتملك بل بالنفوذ

وحول إمكانية التأكد من الأمر، قال وهبة  لـ"عربي21" إنه "بالنسبة لدخول الجيش لاقتصاد الثروة المعدنية لا توجد أرقام مؤكدة، ولكن المؤكد أنها نسبة عالية ليس بالتملك فقط بل بالنفوذ".

وأشار إلى أن "أدق أرقام هي عن الأراضي لأنها تتم بقرار رئاسي، ثم يليها المدن الجديدة التي بلغت 20 مدينة، ومشروعات الطرق والكباري، والإسمنت، ومزارع السمك، ولبن الأطفال، ومعامل تحليل الدم، وشركات الهيئة العربية للصناعات".

وأضاف: "أما عن اقتصاديات المعادن فإن سيطرة الجيش عليها غالبا صحيحة؛ ولكن لا يمكن أن أثبتها لأنها سرية"، مشيرا إلى أن "ميزانية الجيش بلغت 800 مليار جنيه".

سيطرة الجيش بالقانون

وتحدث الخبير الجيولوجي رضا الجمال عن سيطرة الجيش على قطاع الثروة المعدنية عبر قانون 2014، موضحًا أن "القانون جعل من القوات المسلحة جهة سيادية فوق هيئة الثروة المعدنية".

وأوضح أن عناصر "(النيوبيوم) و(التانتالوم)، أقل من المعدل الاقتصادي وهما من العناصر الأرضية النادرة"، موضحًا أن توجه الشركة الأسترالية للتحكيم الدولي "نتيجة لمحاولة السيطرة الكاملة من الجيش على القطاع بموافقة عبدالفتاح السيسي".

وقال: "لن يرضى الجيش ولا الحكومة ولا القطاع العام عن المستثمر الأجنبي الذي يريد الاستثمار مع القطاع الخاص؛ وبالتالي فالحل لن يكون سهلاً".

وقال الجمال: "قدمنا الكثير من الحلول لمشاكل (قانون التعدين 2014)، واللائحة التنفيذية له، وعرضنا المشاكل المعوقة مرارا وتكرارا ولم تستجب الحكومة".

وإلى جانب "التانتالوم" تحدث الجمال، عن خسائر مصر من منجم "ذهب السكري"، مؤكدا أنه "يعمل طبقا لقانون صادر له بعد اتفاق معيب مع الحكومة، والآن مع أية محاولة لتغيير الاتفاق عبر قانون سيكون بالطبع هناك تحكيم دولي وستخسره مصر".

3 شركات للجيش

وكان الخبير الاقتصادي عبد العزيز السيد، أكد أن الجيش رغم أنه يسيطر على قطاع الثروة المعدنية في مصر منذ 1952 بقانون المناجم والمحاجر القديم رقم 86 لسنة 1956 إلا أنه ومنذ عام 2011، زادت سيطرته على الأراضي المتاخمة للطرق وقطاع الثروة المعدنية، متهمًا إياه بالوقوف أمام تطوير قانون الثروة المعدنية، وإصدار قانون التعدين عام 2014، الذي أحكم قبضته على ثروات البلاد التعدينية ويتحكم بالمناجم والمحاجر، معتبرًا أنه قانون يضيع ثروة مصر ويضعها بيد العسكر.

وأشار بمداخلة هاتفية لفضائية "الشرق" لانخفاض إيرادات المناجم بموازنة  2016/2017، بنسبة 50%، متهما العسكر بالاستيلاء على هذه النسبة، مؤكدًا أن الجيش أنشأ 3 شركات تعدين بالمساهمة مع محافظتي كفر الشيخ وشمال سيناء، يتملك بها نسبة 60%، مبينًا أن الجيش عبر تلك الشركات يحكم قبضته على سوق وصناعة الثروة المعدنية.

ونصت اللائحة التنفيذية للقانون 198 لسنة 2014، واللائحة التنفيذية للقانون الصادرة فى 2015، على زيادة القيمة الإيجارية والإتاوة السنوية بنسبة 740 بالمئة للرخام، و670% للزلط، و300% للرمل الزجاجي، و747 بالمئة للجرانيت، و360% للجبس، و227% للطفلة، ما أثر على تلك الصناعات وضاعف تكلفة إنتاجها.

ولدى مصر، حسب إحصاءات رسمية، 1.5 مليون طن احتياطي من الرصاص والزنك، و3 مليارات طن احتياطي للفوسفات، ويغطي الحجر الجيرى 58 بالمئة من أرض مصر، وهناك أكثر من 120 موقعا للذهب، وينتشر الحديد بالصحراء الشرقية ومنطقة العوينات والواحات البحرية وأسوان، بجانب 21 مليون طن احتياطي من الفحم.