كتبت ـ رحمة مراد:

كشفت الأحكام الهزلية التي قضى بها قضاء العسكر في مصر مؤخرًا، على  قتلة محمد عبد الحكيم وشهرته "عفروتو" داخل قسم شرطة المقطم، حقيقة العدالة في عهد الانقلاب العسكري التى تتوقف على هوية القاتل والمقتول، التى تبرئ القتلة وتمنحهم الحجة للإفلات من جرائمهم، في حين يحاكم أبرياء ويصدر بحقهم أحكام تصل للإعدام في قضايا هزلية ملفقة.

وقضت محكمة جنايات جنوب القاهرة الأحد بسجن ضابط مباحث قسم شرطة المقطم لمدة ثلاث سنوات، وأمين شرطة لمدة 6 أشهر فقط، بعد إدانتهما في جريمة قتل "عفروتو" في يناير 2018.

قصة "عفرتو"

وتعود الجريمة ليوم 5 يناير 2018 بعدما توفي الضحية داخل قسم شرطة المقطم بعد تعرضه للضرب والتعذيب على يد النقيب "محمد. س" معاون مباحث المقطم، و"محمد. أ" أمين شرطة بقسم المقطم، ووفقًا لأقوال ضابط المباحث فإنه قام بالقبض على الضحية لاتهامه بالاتجار في مخدر الإستروكس.

فيما أكد تقرير الطب الشرعي أن المجني عليه توفي نتيجة إصابته بكسر في الضلع السابع من الصدر، وتهتك بالرئة اليسرى والطحال ونزيف دموي بالبطن، بسبب المصادمة أو الارتطام الشديد بجسم صلب.

حكم مرفوض

وتعليقًا على حكم المحكمة قالت ميادة مطاوع، محامية الشاب "عفرتو": إنها لم تتوقع الحكم الصادر من محكمة جنايات القاهرة بالسجن 3 سنوات لمعاون مباحث قسم المقطم وبالحبس 6 أشهر لأمين الشرطة فقط، معقبّة: "الحكم غير مُرضي لذوي المجني عليهم".

وأضافت في تصريحات لها أن المحكمة استبعدت تهمتي تعذيب موكلي والقبض عليه دون وجه حق من قائمة الاتهامات الواردة بأمر الإحالة من النيابة، وأسندت الى الضابط تهمة الضرب الذي أفضى إلى موت فقط، مشيرةً إلى أن أمام أهل عفرتو المحكمة المدنية لتعويضهم، ويمكن للنيابة الطعن على الحكم أمام محكمة النقض لتغليظ العقوبة.

وقابل أهالي عفروتو الحكم بالصراخ وسقطت والدته مغشيًّا عليها، فيما صرخ شقيق المجني عليه قائلاً: "حسبى الله ونعم الوكيل".

وتزامن مع الحكم المخفف على قتلة "عفرتو" حكم صدر من محكمة النقض بتأييد الحكم بالإعدام على 7 مواطنين قتلوا النقيب أحمد أبو دومة، معاون مباحث قسم الإسماعيلية، في مشاجرة بين المتهمين وبعض قاطني مكان الجريمة، وهو ما كشف فساد قضاء الانقلاب والكيل بمكيالين في إصدار الأحكام.

ولم تكن واقعة تبرئة القضاء للمجرمين أو الحكم بأحكام هزلية هي الأولى من نوعها؛ فهناك العشرات من القضايا التى أفلت مجرموها من القصاص العادل أبشعها قضية عربة الترحيلات التي حكمت فيها محكمة النقض بالسجن 5 سنوات فقط على نائب مأمور قسم مصر الجديدة، والسجن سنة واحدة فقط لـ3 ضباط رغم أنهم قتلوا 37 شخصًا داخل عربة الترحيلات!.

الإفلات من العقاب

ويرى مراقبون أن هذه الأحكام الهزلية تأتي في إطار ما وعد به قائد الانقلاب عبدالفتاح السيسي بألا يُحاكم ضابط على تهمة قتل متظاهرين أو مواطنين، وهو ما أعطى لهم الضوء الأخضر بنهش المواطنين وقتلهم دون خوف من محاكمة.

وكانت الشبكة العربية لحقوق الإنسان طرحت في تقرير لها تساؤلاً و"هل يعاقب المتهم بالقتل في مصر؟"، وأجابت عنه: "هذا قد يتوقف على شخصية القاتل والمقتول".

وقالت إنه "حين تفرق العدالة بين الضحايا، وحين تتحرك بجدية أو تراخٍ وفقًا لشخصية القاتل أو المتهم بالقتل، فهذا بالتحديد هو ما يطلق عليه ظاهرة الإفلات من العقاب".

وبحسب الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، فإن الإفلات من العقاب ليس ظاهرة جديدة في مصر، بل قديمة، يمكن إرجاعها إلى الثمانينيات من القرن الماضي، إذ بدأت تلك الظاهرة في التصاعد والانتشار، ثم لم تتوقف أو تتراجع في مصر.

وقالت منظمة "هيومن رايتس ووتش إن سلطات الانقلاب في مصر منذ "مذبحة رابعة" بحملة شعواء على المعارضين السياسيين، فاعتقلت ألوفًا، وحكمت على المئات بالسجن المؤبد أو الإعدام بعد محاكمات شديدة الجور. 

وأوضحت، في بيان لها، أن كثيرًا من الحالات أُدِينَ فيها المتهمون بمحاكمات جماعية تستند إلى أدلة ضعيفة أو مشكوك فيها. ووُجِّهَت إلى أغلبهم تهمٌ من بينها المشاركة في مظاهرات غير مصرح بها، والانتماء إلى جماعة "الإخوان المسلمين"، والإضرار بالممتلكات العامة والخاصة، وحيازة أسلحة نارية، ومهاجمة قوات الأمن.