تواصل أذرع الانقلاب إذلالها للشعب المصري من خلال عدد من الإجراءات والقوانين, كان أحدثها مشروع قانون العمل الجديد في مصر، الذي يحتوي على الكثير من البنود التي تنتقص من حقوق العمال، سواء ما يتعلق بالأجور أو الحماية الاجتماعية، مع تعريضهم للفصل التعسفي وتجريم الإضراب، بينما يتيح لأصحاب الأعمال  تقليص أجور العمال وتغيير أنماط عملهم مقابل عدم إغلاق المنشآت.
 
وأصدر المركز المصري للحقوق الاقتصادية  والاجتماعية تقريرا بشأن ملامح مشروع القانون، الذي تداولت بعض المواقع الإخبارية المحلية أنباء عن موافقة برلمان الانقلاب على مسودة القانون الجديد، الذي ينظم علاقات العمل  التي لا يشملها قانون الخدمة المدنية، وبالتالي إلغاء قانون العمل المعمول به حاليا.
 
وأكد المركز أنه يتضح من مشروع القانون أن" المشرع لا يهتم بمسألة التأمين الاجتماعي على العمال، فلم يضع إلزاما واضحا على أصحاب الأعمال بالتأمين على العمال كشرط أساسي من شروط العمل اللائق".
 
وأشار إلى أنه بالنسبة للأجور، فبالرغم من تعريف الأجر، كما في القانون الحالي، باعتباره كل ما يتقاضاه العامل، إلا أن الأجر قد أصبح في مشروع القانون مقسما إلى أربعة أنواع وهي: الأجر الأساسي، والأجر المتغير، الأجر التأميني، والأجر الثابت.
 
وحسب المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، فإن تقسيم الأجر في مشروع القانون "يجعلنا نخشى أن يستخدم هذا التقسيم في الانتقاص من حقوق العمال، سواء في حالة الفصل من العمل، أو في تقاضي مقابل الإجازات، أو غيرها من الحقوق عبر احتسابها على الأجر الأساسي، بعد أن كان يتم النص في القانون الحالي أن تحسب على الأجر الكامل أو الشامل".
 
وبالنسبة للمجلس الأعلى للأجور، قال المركز إن تشكيله واختصاصاته لم تختلف كثيراً عن المجلس الموجود في القانون الحالي، والذي لا نرى له دوراً، فالمجلس لم يؤدِ دوره.
 
وتابع: "كما فتحت كل المسودات الباب واسعا لشركات توريد العمالة، وهي الأقل حماية واحتراما لحقوق العمال، مع عدم اشتمال المسودات على الضمانات الواردة في اتفاقيات منظمة العمل الدولية لحقوق العمالة التي تشغلها هذه الشركات".
 
ورغم أن مشروع القانون قد أتى بكتاب كامل للحوار الاجتماعي وفض منازعات العمل الجماعية والإضراب والإغلاق، لكنه حسب المركز المصري للحقوق الاقتصادية "أطال في عملية الحوار لفض المنازعات الجماعية، مع عدم وضع ضمانات لتفعيله، تنبئ باستمرار الوضع الحالي إن لم يكن أسوأ. حيث تستغرق عملية فض المنازعات في حال تعنت صاحب العمل أكثر من سبعة أشهر يحرم العمال خلالها من حقهم في الإضراب، والذي كانوا يستخدمونه عادة للضغط على صاحب العمل للجلوس للتفاوض".
 
وبالنسبة للإضراب، فقد نصت المادة (203) من مشروع القانون على "يحظر علي العمال الدعوة إلى الإضراب، أو إعلانه بقصد تعديل اتفاقية عمل جماعية أثناء مدة سريانها".
 
كما نصت مادة (204) على "يُحظر الإضراب، أو الدعوة إليه، أو إعلانه، في تطبيق أحكام هذا القانون، بالمنشآت الاستراتيجية أو الحيوية، التي يترتب على توقف العمل فيها الإخلال بالأمن القومي، أو بالخدمات الأساسية التي تقدم للمواطنين، ويصدر رئيس مجلس الوزراء قراراً بتحديد هذه المنشآت.
 
ويُحظر الدعوة للإضراب أو إعلانه في الظروف الاستثنائية. كما يحظر الإضراب الكلي بالمنشآت ذات الطبيعة الخاصة التي يترتب على توقف العمل كليا بها حدوث أضرار جسيمة لا يمكن تداركها، ويصدر بتحديد تلك المنشآت قرار من الوزير المختص".
 
وأكد المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية أن شروط الإضراب تجعله في حكم المستحيل، إذ أضاف مشروع القانون شرطا جديداً لم يكن موجودا في القانون الحالي، حيث "حظرت الإضراب أو إعلانه في الظروف الاستثنائية".
 
ووفق المسودة، فإن "عقوبة العمال الذين لا يخضعون لهذه الشروط هو الفصل من العمل بالإضافة لما يتعرضون له من محاكمات طبقاً للقوانين الأخرى التي تجرم الإضراب".
 
كان العمال قد نجحوا في تنفيذ 299 احتجاجا خلال الأشهر التسعة الأولى من العام الماضي 2018، بمتوسط 33 احتجاجا في الشهر، وفقا لتقرير مؤسسة مؤشر الديمقراطية التابع للشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان.
 
في المقابل "بدا واضحا حجم التساهل في حقوق العمال، فبالإضافة إلى عدم ذكر كل ما يخص العمال في طلبات إغلاق المنشآت، تفتح مسودة مشروع القانون الباب واسعا لأصحاب الأعمال فى تعديل شروط العمل وتخفيض الأجور بدلا من الإغلاق"، وفق المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية.
 
وذكر المركز أنه "بالنسبة للعامل الذي لا يعجبه أن تتغير شروط عمله وتنتقص حقوقه، فعليه أن يترك عمله، ويعتبر ذلك بمثابة إنهاء مبرر وقانوني من قبل صاحب العمل لعلاقة العمل مما يجرد العامل من حقوقه".
 
وأشار إلى استبعاد مشروع القانون العمالة غير المنتظمة، فهم لا يعملون في منشآت وليس لديهم عقود عمل أو تأمينات وغيرها من شروط العمل اللائق، فقد اكتفى القانون بالحديث عنهم في مادتين فقط، إحداهما تشير إلى أن الوزارة المعنية ستتولى سياسة تشغيلهم.
 
وتشير المادة الأخرى إلى "سيطرة الوزارة المعنية على أموال صندوقهم من دون أي شفافية أو إعلان واضح لميزانياته وفيما تنفق أمواله، هذا رغم أن أموال الصندوق من الممكن أن تحل مشكلة التأمينات بالنسبة للعمالة غير المنتظمة بأن تدفع من أموال الصندوق حصة صاحب العمل له، على سبيل المثال"، وفق تقرير المركز الحقوقي.
 
وبالنسبة لذوي الإعاقة، قال المركز "خالف مشروع القانون بشكل واضح ما ورد في الدستور والاتفاقيات الدولية من ضمانات لحقوقهم في الدمج في المجتمع والإتاحة، كما أنه لم يتم النص على تمثيل لهم، وكذلك للمرأة، في المجالس واللجان العليا والصناديق الكثيرة في القانون". 
 
وجاء الجزء الخاص بتشغيل الأطفال في مشروع القانون "ملتبساً" حسب وصف المركز، بشأن سن العمل المسموح به، "كما حرم الأطفال العاملين من حقهم في التأمين الاجتماعي خلال فترة عملهم قبل سن الثمانية عشرة".
 
وفي ما يخص العامل المريض، قال المركز "فقد عاقب المشروع، كما بكل قوانين العمل، العامل المريض بانتقاص أجره باستمرار الحالة المرضية له، وكأنه لا يكفيه مرضه حتى ننتقص من أجره، وصولاً لفصله من العمل بسبب المرض".
 
وأشار إلى أن وزارة القوى العاملة تسيطر على جوانب التشريع وتنفيذ القانون وكذلك الرقابة على تنفيذه في ذات الوقت، لافتا إلى أنه ظهر بشكل جلي عدم التناسب في تمثيل الجهات الثلاث (الحكومة - أصحاب الأعمال - العمال) في مجالس إدارات الصناديق الكثيرة الواردة في المسودة، وكذلك المجالس واللجان المختلفة سواء العليا منها على المستوى القومي أو على مستوى المحافظات.
 
وأضاف "قد عمدت المسودة إلى تجاهل فرض أي عقوبات على موظفي القوى العاملة أو الموظفين من الوزارات الأخرى المشاركين في المجالس واللجان، كبيرهم وصغيرهم، في حالة الخطأ، حتى أنها لم تضع مادة تحيلهم فيها للتحقيق طبقاً للقانون الخاضعين له في هذه الحالة.
 
وذلك على الرغم من أن أخطاءهم التي تنتج عن مخالفة تنفيذ القانون سيكون لها نتائج كارثية على العمال، مثل ألا يصدر المجلس الأعلى للأجور قرارته الدورية بحد أدني للأجور، فيحرم ملايين العمال من حقهم في أجر كاف وعادل".