شكّك تقرير دولي وخبراء اقتصاد في جدوى المشاريع الكبيرة ذات الإنفاق الضخم في العاصمة الإدارية الجديدة لمصر، في ظل الأزمة المالية الخانقة التي تعاني منها حكومة الانقلاب؛ ما دفعها إلى اللجوء للاقتراض الداخلي والخارجي بشراهة.
 
وأعلنت حكومة الانقلاب حزمة من المشاريع في العاصمة الإدارية أخيرا، منها القطار الكهربائي بتكلفة 1.2 مليار دولار، والنهر الأخضر الذي تتكلف مرحلته الأولى 9 مليارات جنيه (نحو 511 مليون دولار)، بالإضافة إلى بناء أكبر مسجد وكنيسة في المنطقة، ومساكن فاخرة.
 
وأكدت وحدة الأبحاث التابعة لوكالة فيتش للتصنيف الائتماني في تقرير حديث لها أن مشروع القطار الكهربائي الذي يربط بين القاهرة الكبرى والعاصمة الإدارية الجديدة، يواجه "صعوبات خطيرة" تتعلق بالتمويل والجدوى الاقتصادية للمشروع ككل.
 
ويرى التقرير أن المشروع على المحك، في ظل عدم الحاجة إليه في الوقت الحالي، نظرا لخلوّ العاصمة الجديدة من السكان، ما يثير تساؤلات حول جدوى المشروع للبنية التحتية بهذا الحجم من الإنفاق في هذا التوقيت مع صعوبات تمويلية، بحسب نشرة إنتربرايز.

وفي هذا السياق، يقول الباحث الاقتصادي عبد الله عبد الرحمن، لـ"العربي الجديد"، إن النظام الحالي لا يفكر إلا في تجميل صورته بعيدا عن حل الأزمات المعيشية للمواطنين، ولذا قام بتوجيه الإنفاق لمشاريع لا مردود لها من الناحية الاقتصادية.

ويرى أن العاصمة الإدارية كلها تمثل استثمارا ضخما معطلاً، إذ إن جدواها حتى في المستقبل تحتاج إلى جهدٍ فائق وإنفاق نقدي ضخم، ما يجعلها ضمن المشاريع شديدة السلبية، التي ليست لها أي منفعة حاليا أو في المستقبل، سواء من حيث التكلفة الاقتصادية، أو المردود، أو الأولويات، خاصة في ظل الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تعاني منها البلاد، والتي دفعت النظام نحو الاقتراض لتلبية احتياجاته.

وتبلغ احتياجات مصر التمويلية في موازنة 2018/ 2019 نحو 714.637 مليار جنيه (الدولار = 17.7 جنيها)، منها 511.208 مليارا في شكل أدوات دين محلية والباقي تمويلات خارجية من إصدار سندات وقرض صندوق النقد، الأمر الذي يفاقم الدين العام إلى مستويات قياسية جديدة. وارتفعت قيمة الديون المحلية والخارجية إلى نحو 5.34 تريليونات جنيه، حسب بيانات رسمية.

ويرى الخبير الاقتصادي عبد النبي عبد المطلب، إنه باعتماد حكومة الانقلاب على التبرعات في إقامة الكثير من المشروعات، فهي تسحب جزءاً كبيراً من الأموال التي كانت مخصصة للعمل الخيرى، وبالتالي أصبحت هذه التبرعات تذهب للجهات الحكومية بدلًا من ذهابها للفقراء والمستحقين.

ويوضح أنه ليس لدى حكومة الانقلاب خطة لموارد حقيقية للتنمية بدلًا من استهداف جيوب الفقراء، أو توجيه هذه الموارد لتنمية تولّد فرص عمل لزيادة الدخول وتقليل البطالة".
 
ويتساءل الخبير الاقتصادي، أحمد ذكر الله: أين العائد من هذه المشاريع العملاقة منذ 5 سنوات وحتى الآن؟

ويضيف: "النهر الأخضر" مثلا يندرج تحت مشروعات يمكن أن نطلق عليها صناعة "الضجيج المزيف"، والتي تحاول سلطة الانقلاب وصفها بالإنجازات من حيث الأرقام، فهي الأكبر والأعلى، كبناء أكبر مصنع إسمنت في العالم، في الوقت الذي تنتج فيه المصانع ما يفيض عن حاجة السوق، وكذلك بناء أطول برج في العالم، من دون النظر إلى أهمية تلك المشروعات أو أولوياتها بالنسبة للشعب المصري.

ويشير ذكر الله إلى أن مثل هذه المشاريع بضجيجها المزيف هي محاولة الهدف منها شغل الشعب عن قضاياه الملحّة، مثل مكافحة الفقر والبطالة.

ودشن رئيس حكومة الانقلاب الشهر الماضي، المرحلة الأولى من مشروع النهر الأخضر في العاصمة الإدارية الجديدة، بتكلفة 9 مليارات جنيه، والتي تمتد لـ10 كيلومترات، من أصل 35 كيلومترا.
 
ويضم المشروع عددا من المنشآت، منها الحديقة، والنادي الاجتماعي، والحديقة الاستشفائية، والمركز الصحي، وبحيرة القوارب المائية، والحديقة المغطاة، والمسرح المفتوح، وتم إسناد المشروع لـ6 شركات مقاولات كبرى.

وخلال الأيام الماضية، تم توقيع قرض مشروع القطار الكهربائي بين الجانبين المصري والصيني، بتكلفة 1.2 مليار دولار.

ومع بداية 2019، افتتح قائد الانقلاب مسجد الفتاح العليم، ثالث أكبر مسجد في المنطقة العربية، وكاتدرائية ميلاد المسيح، وهي الأكبر في المنطقة، بتمويل من التبرعات الخيرية، بحسب تصريحات مصادر رسمية.