الشعبُ أصدقُ أفعالا أمِ النُّخَبُ؟
يا ثورةَ العزِّ تفديكِ النفوسُ فلا
قدْ قيلَ في الشِّعْرِ أقوالٌ وقد كُتِبتْ
إذا الشعوبُ أرادتْ عزَّها نهضَتْ
صوتُ الشعوبِ قويٌّ عند ثورتِهِ
صوتُ الشعوب صريحٌ لا بديلَ له
قالوا نريدُ نظامًا عادلا ورِعًا
كرامةُ الناسِ غايتُنا ومطلبُنا
فالدينُ والدارُ والأخلاقُ تجمعُنا
مرَّتْ ثلاثونَ عامًا لا أبَا لَهُمُ
لم يُرْعَ حقٌّ لمظلومٍ فقدْ حَسِبوا
ظَنُّوا الشُّعوبَ قطيعًا لا حقوقَ لهم
عصابةُ العارِ للأوطانِ تسرقُها
كَمْ ضلَّلوا الناسَ كمْ كادوا وكمْ مَكَروا
فأصبحَ الزُّورُ حقًّا والضَّلالُ هُدًى
مَنْ يعترضْ قولَهُم يُطْردْ وليس لهُ
ومَنْ يوافقُ قولَ الزورِ كانَ لهُ
فسمَّموا الرأيَ والتفكيرَ في وطني
والدِّينُ في القلبِ لا تُقْحِمْهُ في نُظُمٍ
أينَ المُروءةُ أينَ الدِّينُ واعَجَبا!
قالوا : فَهِمْنا أخيرًا ، ساءَ ما فَهِموا!
لكنَّ ربَّك بالمرصادِ يَرْقُبُهُم
مشيئةُ الله في الأكوانِ نافذةٌ
ومالكُ الملك فردٌ لا شريكَ له
وقدْ يُعِزُّ ذليلا بعدَ مظلمةٍ
ويرزقُ اللهُ خلقًا دونما سببٍ
واللهُ يجعلُ بعدَ العُسْرِ مَيْسرةً
قد ْيمهلُ اللهُ أقوامًا وإنْ ظلموا
أهلَ العقولِ بهذا الأمرِ فاعْتبِروا
نصرًا من الله موعودًا لِمَنْ صَبَروا
ووحِّدوا الصَّفَّ وابْنوا عَمِّروا وطنًا
سوءَ الظنونِ وخَلُّوا الخُلْفَ بينَكم

 

وهلْ تَبَيَّنَ مَنْ صَدَقوا ومَنْ كَذَبوا؟
يُفَصِّلُ القَوْلَ أَشْعارٌ ولا خُطَبُ
مفاخرُ العزِّ في تاريخ مَنْ ذهبوا
ويستجيبُ لأمر الله مُرْتَغِبُ
وليس يُخْفيه ما زعَموا وما شغَبُوا
لمنطقِ الحقِّ والأحرارِ يَنْتَسِبُ
ويسقطُ الظلمُ والتوريثُ والنُّخَبُ
والموتُ عزًّا وأحرارًا هو الطلبُ
ولا يفرقُنا جاهٌ ولا حَسَبُ
بغْيٌ وظلمٌ وإرهابٌ لهُم رُعُبُ
أنَّ الشعوب عبيدٌ ما لهم طَلَبُ
بئسَ المَظَنَّةُ ما ظنُّوا وما حَسِبُوا
والمالُ ملكٌ لهم والأرضُ تُسْتَلَبُ
وللحقائقِ كَمْ كَتَموا وكَمْ قَلَبوا !
والحقُّ أمسى غريبًا ما لَهُ نَسَبُ !
رأيٌ ليُسْمَعَ بل يُنْفى ويُجْتَنَبُ !
شتَّى الوسائلِ والإعلامُ والكُتُبُ !
والفنُّ شينٌ لهُ الأذواقُ تَنْتحِبُ
كذاكَ قالوا ، فَضَجَّ الناسُ واضْطَّربوا
أينَ العقولُ وأينَ العِلْمُ والأدبُ ؟!
هل يُرْجِعُ الفهمُ ما سَلَبوا وَمَا نَهَبُوا؟
وليسَ يُنْجيهِمُ جُنْدٌ ولا رُتَبُ
وسُنَّةُ الله فيها الفَصْلُ لا اللعبُ
يؤتي وينزعُ ممَّنْ شاءَ ما وُهِبُوا
وقد يُذِلُّ عزيزًا داؤهُ الكذِبُ
ويُحْيي اللهُ أمواتا ولا عَجَبُ
ويَكْشِفُ السوءَ أيْضا تُكْشَفُ الكُرَبُ
لكنْ سيجْمَعُهُم يومًا وإنْ هَرَبُوا
وفوِّضوا الأمرَ للرَّحْمنِ وارْتَقِبُوا
إذْ ليسَ يُهْزَمُ منْ في الله قدْ رغِبُوا
وزيِّنوا النَّفْسَ بالأخلاقِ واجتنبوا
فمِصْرُ أم الدُّنا يهفو لها العَرَبُ

----------

(*) معارضة لبائية أبي تمام في فتح عمورية التي مطلعها:

السيفُ أصدقُ أنباءً من الكتبِ     في حدِّه الحدُّ بين الجدِّ واللعبِ