استنكر عدد من القانونيين والحقوقيين قرار تجميد أرصدة الجمعيات الأهلية والذي يضم 1055 جمعية في القاهرة ومحافظات الجمهورية، ومن أكبر الجمعيات التي طالها القرار الجمعية الشرعية، جمعية أنصار السنة، وبنك الطعام المصري، والغريب أنه عقب إصدار القرار أرسل رجل الأعمال رئيس بنك الطعام خطابًا للطرطور عدلي منصور، دعا الأخير لوقف قرار التجميد وبالفعل تم استثناء مؤسسة «بنك الطعام المصري» من قرار تجميد أرصدته بالبنوك.

 

في الوقت ذاته طال قرار التجميد عددًا من الجمعيات الصغيرة المنتشرة في المحافظات، والتي تعمل تحت مظلة جمعيات أكبر على مستوى مصر.

 

وكانت الجمعية الشرعية قد أصدرت بياناً استنكرت فيه القرار لما له من تأثير على 9.5 ملايين مواطن ممن يستفيدون من خدمات الجمعية، والتي تتنوع ما بين صحية وتعليمية وخيرية.

 

إفلاس الانقلاب

من جهتها، أدانت الجماعة الإسلامية القرار الجائر وغير المبرر بتجميد البنك المركزى لأموال وممتلكات الجمعيات الخيرية الاسلامية وعلى راسها الجمعية الشرعية، وجمعية انصار السنة المحمدية والتحفظ على الأموال المخصصة لليتامى والفقراء والأرامل ومرضى الأورام والكبد والكلى والأطفال المبتسرين .

 

وأكدت ان هذا القرار الظالم يعتبر إخلالاً جسيمًا بالقيم والمبادئ الديقراطية وتعديًا خطيرًا على منظمات المجتمع المدني التي تضطلع بادوار اجتماعية وإنسانية وصحية وتعليمية هامة تعجز الدولة عن القيام بها ولا تستطيع توفير ميزانيات مالية لها .

 

وأوضحت الجماعة أن ما تقوم به الحكومة الانقلابية من إجراءات ضد الجمعيات الخيرية هو ترسيخ للسياسة الاقصائية الانتقامية والمتوحشة التي تسعى لإقصاء التيار الإسلامي بمعناه الواسع عن العمل المجتمعي والخيري بعد أن سعت لإقصائه عن الحياة السياسية والدعوية.

 

ولفت البيان إلى أن الحكومة الانقلابية مقبلة على إفلاس وشيك وبعد أن استنفدت كل وسائل التسول من دول الخليج فإنها بهذا القرار الجائر تسعى للسيطرة والاستيلاء على أموال الفقراء والمرضى والمساكين لدعم الموازنة العامة الدولة .

 

مأساة الملايين

ملايين المواطنين المترددين على الجمعيات الخيرية عبروا عن غضبهم الشديد لهذا القرار الجائر، فمن جانبها قالت شادية محمود (45 سنة): "حرام.. حرام يمنعوا عننا الخير اللي كنا بناخده كل شهر، هنعيش منين ونأكل منينن، هي الحكومة عايزنا نسرق علشان هما يعيشوا".

 

وقال مجدي (أبو عمار): "إبني يحتاج لعلاج وغسيل كلى شهريًّا، وكنت أذهب للجمعية الشرعية لعلاجه ولا أدفع مليم واحد، مين هيعالج ابني؟، ولو نقلته لأي مستشفى، هدفع فلوس علاجه منين؟.

 

واستنكر أبو عمار قرار الإغلاق قائلاً: "هي الحكومة مش عارفه توفر فلوس منين، فجاءت على فلوس الغلابة، ربنا ينتقم من السيسي ومن عدلي منصور.. هما السبب.. ولادنا هيموتوا علشان هما عايزين يعيشوا".

 

- فيديو يظهر معاناة المواطنين المترددين على الجمعيات الأهلية:

http://www.youtube.com/watch?v=Y8Sc31kPNEo

-       فيديو : الأهالي يشكون ويتجمهرون جول الجمعية الشرعية بعد قرار إغلاقها:

https://www.youtube.com/watch?v=R9qYrNWm7GM

-       فيديو: مواطنون نروح لمين ؟

https://www.youtube.com/watch?v=zf9DM8VP6qE

 

مخالفة قانونية

من جانبه، أكد الناشط الحقوقي مصطفى الحدة أن قرار مصادرة أموال الجمعيات الأهلية وعلى رأسها الجمعية الشرعية هو قرار تعسفي ومجحف بحقوق هذه الجمعيات الأهلية وبحقوق العاملين بها وبحقوق المستفيدين منها ومخالف لقانون الجمعيات الأهلية، مشيرًا إلى أن هذه الجمعيات هي بمثابة جمعيات خيرية تقدم مساعدات لكافة الموطنين الذين يعانون من شدة الفقر بسبب فساد 60 عامًا.

 

وقال الحدة/ هؤلاء المواطنون الذين كانوا يستفيدون من إعانات تلك الجميعات لن يجدوا مأوى لهم سوى هذه الجمعيات الاهلية التي تعينهم علي المعيشة في ظل تجاهل الانظمة المستبدة لهم , ليس هذا فحسب بل ان هذه الجمعيات تعول الالاف من أسر الايتام , كما أنها تقدم المساعدات المادية للعديد من الشباب المقبلين على الزواج في ظل الأوضاع الاقتصادية المتردية بسبب فساد الأنظمة المستبدة .

 

وأوضح ان هذه الجمعيات العديد منها يعمل منذ عشرات السنين وليس لها علاقة مطلقًا بالعمل السياسي وإنما عملها اجتماعي محض ولا تنتمي لأي فصيل سياسي, متسائلاً كيف يتم اتخاذ مثل هذا القرار بناء على حكم قضائي الجميع يعلم أنه سياسي وليس قانونيًّا؟!

 

وحول قانونية هذا القرار أشار الحدة أنه به عوار لأنه تدخل في موضوع الدعوى المنظورة اليه وهذا مخالف لاختصاص محكمة الامور المستعجلة حيث اسس حكمه علي ان جماعة الاخوان كيان ارهابي متطرف يهدف للتخريب والعنف, ويستقوي بالخارج, وأنه من تسبب في حرق الكنائس والتمثيل بجثث رجال الشرطة والجيش والمواطنين , فهو بذلك حكم على الجماعة قبل أن يصدر حكم يدين هذه الجماعة من المحكمة المختصة بذلك, فهو تطرق إلى الموضوع وحكم فيه, وبالتالي فهذا الحكم به عوار.

 

وتساءل الحدة: كيف يتم مصادرة أموال هذه الجمعيات بهذه السهولة وبهذه السرعة دون إصدار حكم قضائي خاص بها يقرر ذلك أو يثبت أن هذه الجمعيات تنتمي لجماعة الاخوان المسلمين؟ لافتًا إلى أن الحكم الصادر من محكمة الامور المستعجلة خاص بجمعية الاخوان المسلمين والجمعيات المنبثقة عنها ولا يوجد دليل واحد علي ان هذه الجمعيات منبثقة عن جماعة الاخوان المسلمين أو أن أعضاءها أعضاء في جماعة الإخوان المسلمين.

 

وقال إذا افترضنا جدلاً أن هذه الجمعيات منبثقة عن جماعة الاخوان المسلمين أو أن بعض أعضائها أعضاء في الجماعة, فما المانع أن تستمر هذه الجمعيات في عملها طالما أنه ليس لها علاقة بالعمل السياسي وتقتصر علي العمل الخدمي والاجتماعي فقط .

 

واستنكر الحدة متسائلاً: "من سيتكفل بالأسر التي كانت تكفلها هذه الجمعيات؟ هل يا ترى الحكومة ولكن كيف يحدث ذلك في وقت الدولة أوشكت فيه علي الإفلاس إن لم تكن أفلست كما صرح العديد من الوزراء بذلك؟ مؤكدًا أن ما قامت به الحكومة الان بفك وديعة الخليج كما هو معلن في كافة وسائل الإعلام المختلفة، وبالتالي لا بد من إعادة النظر في هذا القرار التعسفي وعدم اتخاذ قرارات سياسية من شأنها أن تؤجج مشاعر المواطنين وتزيد من غضبهم حتى لا تدخل البلاد في نفق مظلم.

 

غباء سياسي

ومن جانبه، قال مصطفى عبد السلام، الخبير الاقتصادي: إن جميع الحكومات على مر عصور الاستبداد والقمع عجزت عن تقديم المساعدات لدى قطاع كبير من الفقراء، مؤكدًا أن الجمعيات الخيرية الإسلامية تقوم بتغطية ما لا تستطيع مؤسسات الدولة الوصول إليهم من أفعال خيرية.

 

وأوضح عبد السلام أن قرار تجميد أموال الجمعيات الخيرية هو قرار يعبر عن غباء سياسي كبير من الانقلابيين في وقت حساس، ويحقق كل ما قاله السيسي في تسريبات سابقة، التي قال فيها: إن كل ما لا يرضي الله سنفعله، وها هو الآن يفعل.

 

وأضاف أن السيسي وحكومته الانقلابية يضغطون الآن على الفقراء، الذين تتجاوز نسبتهم 85%، مشيرًا إلى أن الجمعيات الخيرية كانت تقدم لأكثر من 42% من الفقراء كافة المساعدات المالية والصحية والتعليمية والاجتماعية، حتى وصلت إلى قوافل طب بيطري لعلاج ماشيتهم بالمجان، مشيرًا إلى أن هذا القرار يعد انتحارًا للفقراء.