حينما تُذكَر العلمانية يخطر على البال فورا هؤلاء الذين يسخرون من الدين ، ويهاجمون تعاليمه ، ويستهزئون بمعتقداته .
لكنهم لم ينتبهوا أن لهذه العلمانية التي يرفضونها وجها آخر ، وهو ألا مانع عند فريق من العلمانيين أن يكون الإنسان المسلم ملتزما بشعائر دينه ،
وحريصا على الهدي الظاهر من لحية وجلباب وغترة وسواك ... إلخ ،
ودارسا لمتون قديمة عن قضايا عقدية أو شعائر تعبدية أو أحكام معاملات ربما أصبحت في ذمة التاريخ ولم يعد لها وجود في واقعنا المعاصر ،
لكنه في مقابل ذلك يلوي أعناق النصوص ليبرر ظلم الحاكم وجبروته انطلاقا من مبدأ طاعة ولي الأمر – وإن كان متغلبا - وإن جَلَدَ ظهرَك وأخذ مالَك ، واعتقادا منه أن السياسة نجاسة ، ولا ينبغي للمسلم أن يوظف الدين المقدس في المجال النجس الممتلئ بالأكاذيب والمؤامرات .
وكم سمعنا من شخصيات تنكر على بعض التيارات الإسلامية وبعض علماء الشرع في بلادنا عملهم بالسياسة ، وتعيب عليهم منافستهم للأحزاب والجماعات السياسية .
والعجيب أن هذا النوع من التدين ، وهذا الصنف من الناس هو عين المطلوب من حكومات العالم الغربي الذي يتحكم في بلادنا وينهب خيراتها ، ويستنزف عقول أبنائها .
وأحد الوسائل الفعالة للغرب في تحقيق ذلك هو سيطرة حكام طغاة مستبدين على مقدرات الشعوب ،
وأحد الوسائل الفعالة لاستمرار بقاء هذا الصنف من الحكام الطغاة المستبدين هو انتشار مثل هذه المفاهيم المغلوطة عن الدين .
وخير من ينشر هذه المفاهيم هم علماء يثق الناس فيهم ، وينخدعون في علمهم ، ويظنون أنهم يقولون الحق الذي لا شائبة فيه ، فتستضيفهم الفضائيات ، وتقدمهم الإذاعات ، وتنشر لهم الصحف والمجلات .