أعرب مركز سواسية لحقوق الإنسان ومناهضة التمييز إدانتَه الكاملة لاستعمال الوسائل القانونية عمومًا والقضاء الاستثنائي على وجه التحديد ضد المعارضة الإسلامية السلمية، والتي كان آخرها الأحكام العسكرية القاسية تجاه مجموعةٍ من قيادات جماعة الإخوان المسلمين، الثلاثاء 15 أبريل 2008م، والتي تؤكِّد أن النظام السياسي بعد أن تمادى في سياسة القمع أصبح أكثر شراسةً في اضطهاد الإصلاحيين الإسلاميين.

 

وأكَّد المركز أنه وفقًا لأعمال المراقبة للإجراءات وجلسات المحكمة العسكرية التي تابعها المركز منذ اللحظة الأولى للقبض على المحاكمين، فإنه لا يمكن القول إن هذه المحاكمة كانت عادلةً على الإطلاق؛ نظرًا لأنهم حُرموا المحاكمةَ أمام قاضيهم الطبيعي من جهة، ولأن إجراءاتها كلها لم تسترشد بضمانات المحاكمة العادلة التي وضعها ديننا الحنيف والمواثيق الدولية، وخصوصًا الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية من جهةٍ ثانية، وأن سلطةً قضائيةً مستقلة ومحايدةً لم تقم بالنظر في القضية أو تنفِّذ هذه الضمانات من جهة ثالثة، وأن الطريقة التي أصدرت بها الأحكام وطبيعة هذه الأحكام نفسها تؤكِّد الطابع السياسي للقضية؛ حيث إنها تعكس رغبة النظام السياسي في إضعاف أكبر قوة معارضة في البلاد.

 

وأشار المركز إلى أن اللجوء إلى القضاء العسكري لاستصدار الأحكام المرغوب فيها يعكس السيرَ في اتجاهٍ معاكسٍ للالتزامات بالإصلاح السياسي من خلال العمل على تجديد آليات الاحتواء وتحديث أدوات العنف وابتكار سياسات إقصاء المعارضين معنويًّا وماديًّا وإجبارهم على الانسحاب من الحياة العامة أو دفعهم إلى الانشقاق.

 

 الصورة غير متاحة

هاني سرور يرفع يده فرحًا بعد الحكم ببراءته

وجاء في البيان أنه من المفارقة أن المتهمين في قضية (هايدلينا) قد حصلوا على حكمٍ بالبراءة من القضاء العادي، رغم أن تحقيقات النيابة كشفت عن وجود عيوبٍ فنيةٍ وميكروبات في أكياس الدم المورَّدة إلى وزارة الصحة، فضلاً عن شبهات فساد في إرساء العطاءات لشركة "هايدلينا"؛ وذلك في نفس اليوم الذي شهد تلك الأحكام القاسية والظالمة على أصحاب رأي لم يكن لهم أية علاقة بالفساد، وإنما ناضلوا من أجل تحقيق العدل والإصلاح في بلادهم.

 

وأكَّد البيان أن الأحكام التي صدرت في يومٍ واحدٍ في كلٍّ من القضية العسكرية وقضية "هايدلينا" يعكس حقيقة أن الدولة المتسلطة تترعرع فيها المصالح الشخصية البيروقراطية الطفيلية في ظل آليات الخصخصة والانفتاح التي تكرِّس الثروات في يد قلةٍ من الأقوياء ولا تهتم بحقوق الغالبية من الفقراء.

 

ويعكس في ذات الوقت عقليةً سلطويةً لا ترى في السلطة سوى غنيمة حرب يحقُّ لها أن تتمتع بها هي وأولادها ومَن يحصلون على ثقتها، ولا تعتبِر أنشطة المعارضة السياسية سوى خروجٍ عليها؛ مما يستدعي تشويه منطلقاتها ومقاصدها واستهداف كوادرها من أجل نزع المشروعية عنها.

 

كما تؤكد القضية برمتها منذ أحداث القبض على هؤلاء الإصلاحيين وإحالتهم للقضاء العسكري بعد أن برَّأهم القضاء الطبيعي، والتعامل القمعي مع الإعلام والمتضامنين من المواطنين ومنظَّمات حقوق الإنسان أن المرحلة الراهنة تأخذ عنوان هو: "الأمنوقراطية" والتي تشير إلى مرحلةٍ تلعب فيها الأجهزة الأمنية والعقلية السياسية الأمنية دورًا في تعطيل قدرات الجماهير وقيادة مرحلة الإصلاح الذي يشكِّل انفراجًا مؤقتًا للاحتقان السياسي والاجتماعي والاقتصادي؛ بما يعني استمرار المناورة واللهو في التاريخ.

 

ويرى المركز أن مواجهة الأزمات، وخصوصًا أزمة الشرعية والأزمة التوزيعية، تكون بالسعي إلى ميادين العدل والعلم، والديمقراطية وحقوق الإنسان، وليس بانتهاج سياسات أمنية قمعية لتأسيس سلطة استبدادية أصبحت تشبه الثقب الأسود الذي يبتلع السلطات الأخرى، وتحوَّلت إدارته للمجتمع من الإدارة الفاسدة إلى الإدارة بالفساد!.

 

وطالب المركز النظام السياسي بالتخلي عن "منظومة الأوهام" التي يتعامل على أساسها مع جماعة الإخوان المسلمين؛ حيث يبرِّر قمعها بمقولةٍ مفادها: أنها جماعة غير ديمقراطية تسعى للحكم؛ مما يعني تكرار السيناريوهين الجزائري أو الفلسطيني في مصر، ويدعو إلى القبول بالقيم الديمقراطية، وأهمها: حكم القانون، تداول السلطة، توازن السلطات، التسامح السياسي والاجتماعي، تعددية سياسية تتطابق مع التعددية الاجتماعية القائمة.