بعد أسبوعين فقط من الإفراج الصحي عنه؛ داهمت قوة من جهاز مباحث أمن الدولة بالقاهرة- مع عدد من أفراد الجهاز بالمحلة- منزل د. مصطفى الغنيمي (53 عامًا)، استشاري أمراض النساء والتوليد وأمين عام نقابة الأطباء بالغربية؛ وذلك على خلفية مساندة قطاع غزة، ولزِم الغنيمي الفراش منذ الإفراج عنه، بعد أن كان قد تعرض لأزمة قلبية في اعتقاله الأخير!.

 

لكننا فوجئنا باقتحام بيته وإعادة اعتقاله، وأثناء ذلك فقد القدرة على التنفس، وسقط أرضًا، وتباطأت مباحث أمن الدولة في تقديم الإسعاف له حتى أوشك على الموت، ثم نُقِل إلى العناية المركزة بمركز القلب في حالة حرجة في رقابة قوة من مباحث أمن الدولة، كما أن أسرته تعرضت للسب والضرب!.

 

وطوال مدة وجوده بالمحلة مُنعت أسرته من رؤيته ومن إدخال الأطعمة له، ومُنع من إجراء جراحة قلب مفتوح لتغيير عدد من الشرايين بقلبه الواهن حتى اللحظة الأخيرة؛ حيث اضطُر أطباء القصر العيني إلى إجراء الجراحة بعد ساعتين من وصوله إليهم، مؤكدين أن حالته لا تحتمل التأخير، ومُنِع نقيب الأطباء النائب الأستاذ الدكتور. حمدي السيد مع وفد من النقابة من زيارته في المرة الأولى.

 

إن ما حدث ويحدث مع مواطن بقدر د. مصطفى الغنيمي يحتاج إلى وقفة، كما أن ما يحدث يؤكد بما لا يدع مجالاً للشك أن قانون الطوارئ يُستخدم بشكل تعسُّفي غير مقبول ضد الأبرياء والنخب على أساس الفكر دون مراعاة للأبعاد الدينية والإنسانية والحقوقية.

 

لقد اعتُقل د. مصطفى الغنيمي أعوام: 1989, 1991, 1992, 2004, 2005, 2006، وحوكم عسكريًّا عام 1999، وسُجن لثلاث سنوات، ثم قُبض عليه في 13/3/2007 فيما سمِّي بقضية التعديلات الدستورية، وبعد قضاء خمسة أشهر في السجن أخذ حكمًا بإخلاء سبيله من محكمة جنوب القاهرة، وقبل تنفيذ الحكم صدر أمر باعتقاله مرةً أخرى يوم 9/8/2007 لعدة أشهر، ثم أُفرج عنه، ثم ألقي القبض عليه منذ شهر ديسمبر 2008 وحتى 15 يومًا مضت.. وتقريبًا يقضي في السجن أكثر مما يقضي في بيته، وهوجم بيته وتعرّض للمداهمات من 70 إلى 80 مرة!.. فبأي حق يحدث ذلك وبأي قانون؟!

 

 الصورة غير متاحة

 الحالة الصحية الخطيرة للدكتور مصطفى الغنيمي لم تشفع له!!

إن أكثر القوانين الاستثنائية بشاعة لا تصل إلى مثل هذا الحد الفاجر في الخصومة، وحتى تجار المخدرات أَتَحدَّى أن يكون أحد منهم قد طُبِّق ضده قانون بهذا الشكل التعسُّفي.. فأين حقوق المواطنة؟ وأين مبادئ العدل والإنصاف؟ ولماذا يؤخّر إجراء العملية لطبيب (رأت مئات الأسَر بدء الحياة على يديه، واستشعرت الفرحة بقدوم الأطفال) حتى كاد يموت؟!

 

إن هذا النظام نفسه قتل الأستاذ الدكتور حسن الحيوان بدم بارد؛ بعد أن اعتقلوه شهورًا وأطلقوا سراحه مريضًا ليموت حزنًا وكمدًا.. هذا دأبه مع النخب، فكيف يكون هذا النظام رحيمًا بالفقراء والمساكين؟!

 

إن هذه الممارسات القمعية الهمجية سنُسْأل عنها أمام قاضٍ عادلٍ ليحكم بالحق، ويعيد للمظلوم حقه المسلوب، ويجازي الظالم بعد أن كرهته البشرية وضاقت به ولعنته الملائكة.

 

والغريب أن يُعتقل الغنيمي ومعه العشرات ليلة مؤتمر إعادة إعمار غزة.. المؤتمر التمثيلي الاستعراضي الذي كان الهدف منه الخروج من مأزق التواطؤ، هم يدفعون الضريبة هناك ونحن ندفعها هنا، والكيان الصهيوني المجرم يحترم رعاياه ويُفرِط في تقديم الحماية لهم وهم شذَّاذ الآفاق، لا رابط لهم ولا لغة تجمعهم ولا عرق.

 

لذا طالبتُ بإلغاء استخدام قانون الطوارئ الذي تورَّط مجلس الشعب في مدِّه بهذا الشكل التعسفي ضد الأخيار الأطهار من نخب مصر، والذي وصل إلى منع نقيب الأطباء عضو المجلس من زيارة أمين عام نقابة أطباء الغربية بشكل غير لائق، ويفتقد للإنسانية والتحضُّر.

 

لذا فإن مجلس الشعب مطالب بالقيام بمسئولياته تجاه الانتهاكات المتكررة بحق الإنسان المصري من قِبَل الحكومة والنظام.

 

ولكن يبقى السؤال: لماذا يحظى مصطفى الغنيمي بمثل هذا القدر من الاضطهاد؟!!

--------

* نائب في البرلمان المصري وعضو مكتب الإرشاد في جماعة الإخوان المسلمين.