ارتفاع تكاليف الزواج، والمغالاة في المهور، مشكلة كثيرًا ما نوقشت ودائمًا ما تخرج بمناشدات للأسرة أن تراعي الله وتتقيه فيمن يتقدم لابنتها وألا تشق عليه في المطالب إعمالاً لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "أقلهن مهرًا أكثرهن بركة"، وتتعالى مطالبات أخرى تنادي بضرورة أن ترضى الابنة بالقليل حتى يبارك الله لها فيه، ولكن أن تجد ذلك يتحقق على أرض الواقع فهو الذي يحتاج لوقفة، لكي نحاكي تلك النماذج المشرفة ونعرف كيف قبلت بتزويج بناتها بأقل المهور؟ ولماذا قبلت بزوج لا يملك إلا القليل ولم تنتظر "العريس" الغني الذي يكفي ابنتهم؟

 

(إخوان أون لاين) يعرض نماذج مشرفة من المجتمع المصري، والتي يسَّرت زواج بناتها، فاستحقت أن تكون قدوةً يحتذي بها الجميع، فإلى التقرير.

 

تقول هبة محمد (متزوجة حديثًا) إنها تزوجت بأقل التكاليف؛ لأن والدها كان لا يملك سوى ألفي جنيه لتجهيزها، مضيفةً أنها لم تخجل من خطيبها وأهله في إخبارهم بذلك، وبالتالي لم تضيق أسرتها الخناق على "عريسها" ولم تطالبه إلا بأقل القليل الذي يحييهم.

 

وتضيف: أن والدها لم يشترط على الزوج أية اشتراطات سوى أن يكون هناك شقة تجمعهم إيجارًا كانت أو تمليكًا، وحتى المهر تركوا له حرية الاختيار، وأخبروه بإمكانية إحضار "عفش" المنزل لاحقًّا خلال سنوات الزواج الأولى عندما يُتاح له.

 

وتنفي تمامًا شعورها بأنها قليلة عن غيرها من البنات، بل هي سعيدة للغاية وفخورة بأسرتها، مؤكدةً أنها على يقين أن الله سيبارك لها في زواجها؛ لأن أسرتهم اتقت الله وحاولت أن تعف الشباب.

 

اخطب لابنتك

تجربة يرويها عم أحمد "موظف" وستتزوج ابنته قريبًا، يقول إنه خشي على ابنته أن يرتفع سنها دون زواج، فلم يستح وخطب هو لابنته أحد الشباب، ووافق الشاب بالخطبة وهما على وشك الزواج قريبًا.

 

ويستطرد قائلاً: إنه واجه انتقادات كثيرة بذلك التصرف، إلا أنه يرى أن ابنته ليست سلعة؛ ولكنه توسَّم في هذا الشاب خيرًا وأراد في نفس الوقت أن يستر ابنته، مؤكدًا أنه امتثل في ذلك بأم المؤمنين السيدة خديجة التي خطبت لنفسها، فهو ليس عيبًا ولا حرامًا.

 

ضائقة مالية بمزيجٍ من السعادة!

وتروي ريهام محمد (متزوجة وهي من عائلة مقتدرة ماديًّا) قصة زواجها، وما حدث فيها من مشكلات؛ حيث تقول إنها عندما جهزت نفسها للزواج لم تهتم بتأسيس منزلها بأفخم الأشياء وأفضلها وأجملها، إلا أن أهلها عارضوها في البداية لرغبتهم في أن تحيا أفضل حياة، ولكنها أقنعتهم أنها ستكون سعيدةً للغاية بالتجهيزات القليلة، وأن الزواج ليس بالغني ولا المغالاة؛ ولكن بالبساطة واليسر في التجهيز لإتمام الزواج، فوافقوا على مضض إلا أنهم لم يقتنعوا إلا بعد زوجها بسنين عندما وجدوها تحيا حياةً سعيدةً جدًّا بزوجها وأطفالها على الرغم من مرورها بضائقة مالية كل شهر، وفي نفس الوقت يسمعون من أقاربهم أن فلانة التي جهزت بمئات الآلاف طلقت، وتعيسة وتتمنى الفرار من زوجها!

 

الزوجة معين أو عائق!

وفي نموذج آخر يتضح فيه مدى قدرة الزوجة على تسيير الأمور من عدمه، يقول طه حسن (متزوج منذ أشهر قليلة) إنه لا يملك في شقته سوى غرفة النوم، وبعض الوسائد الأرضية كبديل لـ"الصالون" لكي يجلس عليها من يأتي لزيارته، بالإضافة إلى غسالة عادية، و"بوتجاز" صغير ليس بدون إشعال ذاتي، إلا أنه لا يشعر بأي حرج في ذلك لأن زوجته أخبرته منذ بداية الزواج أنها تقدر ذلك وستعينه عليه، وحتى عندما ينتابه حالات من الضيق لعدم قدرته على أن يحيها حياة طيبة وكريمة، تخبره أنها سعيدة جدًّا معه مهما كانت العوائق وضيق ذات اليد.

 

أسرة ميسورة

وتضيف منى موسى (مخطوبة) أن خطيبها عندما تقدَّم لأهلها أخبرهم بحالته المادية الضعيفة بكلِّ وضوح، وطالبهم بأن تستمر الخطبة لثلاث سنوات أو إلى أن يستطيع تكوين نفسه، إلا أنهم فضلوا التعجيل بالزواج؛ لعدم الوقوع في أي من مشاكل طول الخطبة، وأخبروه عن إمكانية مساعدته في أشياء عديدة، على أن يكمل ما لا يستطيع تجهيزه بعد زواجهم وقتما يشاء الله ويفتحها عليهم.

 

وتضيف أن أسرتها ميسورة الحال ولم تجد أية غضاضة في تزويج ابنتها وتجهيزها بالأجهزة الكهربائية وغيرها ممن لم يستطع الخطيب شراءه، والتي من المفترض أن تكون من اختصاص الزوج إلا أنهم فضلوا التعجيل بالزواج عن الوقوف على الماديات وتفاصيلها.

 

تقاسما "الصالون"!

ويقول ماهر محسن إنه لم يستطع إحضار أثاث منزله بالكامل منفردًا؛ نظرًا لمرتبه الضئيل وتجميعه لقليل من المال صرفه على تجهيزات أخرى، فساعده أخوه المتزوج منذ عدة سنوات بسرير وبعض التجهيزات الأخرى، وتقاسما معًا غرفة "الصالون"، وكذلك أعطى له سجادتين وقام هو بغسلهما وتعطيرهما بالروائح الطيبة!

 

ويؤكد أن زوجته لم تحزن لذلك ولا أهلها، بل قدروا ذلك ودعوا له بتيسير الحال، وحتى زوجة أخيه لم يجد منها أي غضاضة في ذلك بل كانت سعيدة؛ لأنها أخذت أجرًا في تيسير الزواج لبيت مسلم.

 

زوجان في "شقة" واحدة!

وتضيف ميادة أحمد (متزوجة)، أنها تزوجت هي وأختها في نفس الوقت وفي نفس الشقة؛ حيث قاما بتعريف زوج كل منهما بالآخر وقت الخطوبة، واتفقا على شراء شقة واحدة وقسمتها بباب بحيث يكون لكل واحدة منهما غرفة نوم وحمام مستقل ليشعروا بالاستقلالية، وفقط يجتمعان في المطبخ والصالون.

 

وتقول: إن أهلها وأصدقاءها كانوا مستنكرين الفكرة في بداية الأمر، إلا أنهما قبلوها لغلو الحياة من حولهم، ولرغبتهم في سعادة بناتهن، مضيفةً أنها هي وأختها تشعران بأنهما متميزتان لأنهما قاما بفعل نادر، وفي نفس الوقت سعيدتين لأنهما تطهوان معًا وتساعدان بعضهما في نظافة المنزل وقت غياب الزوجين.