الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.

أما بعد:


فإن رابطة علماء المسلمين وهي تتابع بقلق بالغ واستياء شديد تواصل العدوان الصهيوني الأثيم الغاشم على إخواننا المسلمين في فلسطين الأسيرة عامة وغزة الأبية خاصة، والمحاصرة حصارًا ظالمًا أثيمًا، وفي ظل تواطؤ دولي، وخذلان رسمي عربي، وانشغال شعبي بقضايا محلية وإقليمية؛ فإنها تصدر بيانها التالي:


أولًا: تؤكد الرابطة أن ما يُرتكب في حق غزة وشعبها، هو جريمة حرب عنصرية وحشية تستخدم فيها أحدث ترسانة الحرب فتكًا وتدميرًا من طائرات وصواريخ، وأسلحة مدمرة، ضد شعب أعزل.


ثانيًا: تؤكد الرابطة أن دفع هذا العدوان وردع أصحابه هو فرض لازم على الأمة الإسلامية كلِّها كلٌ بحسب قدرته، في ظل عجز أهل فلسطين عن ردِّ الاعتداء وحدهم، فالمسلمون أمة واحدة، والمؤمنون إخوة، يسعى بذمَّتهم أدناهم، وهم يد على مَن سواهم، وهم كالبنيان يشدُّ بعضه بعضًا، وكالجسد الواحد إذا اشتكى عضو منه اشتكى كلُّه، والمسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه ولا يخذله، وقد أوجب الإسلام على أهله أن يقاتلوا من أجل المستضعفين، كما قال تعالى: "وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيرًا" (النساء:75).


ثالثًا: تثمن الرابطة جهاد وثبات الشعب الفلسطيني الأبي الذي ثبت رغم طول الحصار، وأبوا أن يعطوا الدنية في دينهم، ونقول لهم: "اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ" (آل عمران:200)، "وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ" (آل عمران:139)، "وَلَا تَهِنُوا فِي ابْتِغَاءِ الْقَوْمِ إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لَا يَرْجُونَ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا" (النساء:104).


رابعًا: يتوجب على دول الجوار الفلسطيني (مصر- الأردن) فتح المعابر ومد يد العون إلى إخوانهم المسلمين وإسعاف جرحاهم وإمدادهم بحاجاتهم من الطعام والدواء وسائر ما يمكنهم من دفع هذا العدوان الظالم، وتحذرهم أن يكونوا عوناً لليهود المعتدين على إخوانهم؛ فإن هذا من أعظم الظلم وأشد صور موالاة الكافرين على المؤمنين، قال الله تعالى: {وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ} [الأنفال:72).


خامسًا: يجب على جميع الدول العربية والإسلامية عامة، والسلطة الفلسطينية خاصة؛ أن تدين هذا العدوان وأن تعمل على وقفه على الفور، وتدعو رئيس السلطة الفلسطينية إلى القيام بواجبه تجاه شعبه وإعلان انحيازه له ضد هذا العدوان الغاشم.


سادسًا: تتساءل الرابطة أين دور مجلس التعاون الخليجي وجامعة الدول العربية؟ ومنظمة المؤتمر الإسلامي؟ وأين التحرُّك السريع واللازم؟ تجاه ما يجري من حرب إبادة ضد هذا الشعب الأعزل في أرض غزة المحاصرة؟!.


سابعًا: تناشد الرابطة الشعوبَ الإسلاميةَ إلى نصرةِ إخوانهم بكافة سبل الدعم، بالمال والسلاح والدعاء؛ كل بحسب طاقته وقدرته واستطاعته، وتدعوهم إلى تفعيل سلاح المقاطعة لكل الشركات والدول الداعمة لهذا الكيان المعتدي، قال تعالى: "وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْض" "التوبة:71).


ثامنًا: تدعو الرابطة جميع علماء المسلمين وخطباءهم وروابطهم العلمية والدعوية بالقيام بما أوجبه الله عليهم من نصرة إخوانهم واستنفار الشعوب لنجدتهم واستنقاذ مقدساتهم، وأن يقوموا بواجبهم في إيقاظ الأمة وجمع كلمتها، وتوحيد موقفها في مواجهة عدوها المشترك، وإحياء سنة قنوت النوازل لا سيما في الصلوات الجهرية.


تاسعًا: تحذر رابطة علماء المسلمين من بعض وسائل الإعلام المنتسبة لدول عربية وإسلامية التي أعلنت انحيازها السافر إلى هذا الكيان الصهيوني المعتدي، وتبريرها لعدوانه ومجازره ضد الشعب الفلسطيني الأعزل واستهداف نسائه وأطفاله وشيوخه العزل، وتدعو القائمين عليها إلى التوبة وتحذرهم من مغبة صنيعهم وأنهم شركاء في هذه الجريمة النكراء، وتدعو الجماهير المسلمة إلى مقاطعتها والتحذير منها.


عاشرًا: تدعو الرابطة إلى مؤتمر عالمي على الفور تتداعى له كافة المؤسسات والروابط والهيئات العربية والإسلامية لبحث سبل نجدة الشعب الفلسطيني من العدوان المتكرر والحصار الظالم، وبحث سبل إنقاذ القدس والأقصى من التهويد والاعتداءات.


والحمد لله رب العالمين.