إذا كان ثمة حركة تواجه الصهاينة بالسلاح، منذ انتفاضة فلسطين المباركة عام 1987 وإلى الآن، فهى حركة حماس التى أشار بيانها الأول إلى أنها (الذراع الضاربة لجماعة الإخوان المسلمين فى فلسطين المحتلة)، وتقول المادة الثانية من ميثاق الحركة إنها (جناح من أجنحة الإخوان المسلمين بفلسطين، وحركة الإخوان المسلمين تنظيم عالمى، وهى كبرى الحركات الإسلامية فى العصر الحديث)، وشعار هذه الحركة: الله غايتها، والرسول قدوتها، والقرآن دستورها، والجهاد سبيلها، والموت فى سبيل الله أسمى أمانيها.
سبحان الله!! الإخوان المسلمون (الإرهابيون!!) يملئون سجون مصر، ويقتلون وتصادر أموالهم، وإخوانهم فى غزة يدافعون عن شرف الأمة، رغم ما يعانون من حصار وتجويع ومن غدر البعيد وتواطؤ القريب.
هذه -والله- نكتة الدهر، وشر البلية ما يضحك، صحيح نحن فى زمن صار المعروف فيه منكرًا والمنكر معروفًا، لكن أليس هناك بقية من عقل ترفض الاستخفاف وتقول للمستخف كفى هراء وتخريفًا؟!
منذ وقوع الانقلاب الدموى فى 3 يوليو 2013، والعسكر يصورون الإخوان المسلمين باعتبارهم رمز العنف ومنبع الإرهاب، وأنهم يتعاونون مع الشيطان من أجل شهوة السلطة، وأنهم يضعون أيديهم فى يد أمريكا وإسرائيل، واعتبروا حماس منظمة إرهابية عدوة للوطن والمواطنين.. ويشاء الله أن يجللهم بالعار والشنار ويحل عليهم الخزى والصغار، ويفضحهم من حيث لم يحتسبوا، فها هى الأحداث تضع قضية فلسطين فى بؤرة الاهتمام -رغمًا عنهم- ليعلم كل ذى لب: من الوطنى ومن الخائن، ومن الصادق ومن الكاذب، ومن دافع عن هذه القضية المحورية بالمال والنفس ومن طعن أبناءها فى ظهورهم ووضع يده فى يد أعدائهم، وحاصرهم وتسلط عليهم ونقل أخبارهم إلى العدو التاريخى للأمة.
مهما وقع من تدليس وكذب، سيظل التاريخ شاهدًا على فضل الإخوان المسلمين، وأدوارهم العظيمة لخدمة فلسطين والمسجد الأقصى؛ لاعتقادهم اعتقادًا جازمًا أن فلسطين جزء من العقيدة الإسلامية، وأن أرضها وقف إسلامى على جميع أجيال المسلمين، لا يجوز لأحد كائنًا من كان أن يفرط أو يتنازل ولو عن جزء صغير منها، ولذلك فهى ليست ملكًا للفلسطينيين فحسب، بل ملك للمسلمين أجمعين.
من أجل هذا تصدى الإخوان -وبكل قوة- لهذا المشروع العنصرى البغيض، رغم ما نالهم من أذى على أيدى وكلاء الصهاينة من حكام العرب وسلاطينهم.. ويأبى الإخوان سوى فضح هؤلاء وهؤلاء، فى كل زمان ومكان، وفى أوقات السلم والحرب، وفى الداخل والخارج، وفى السر والعلن.. لقد رفض الإخوان مبادرات تسول السلام، ودفعوا ضريبة ذلك منذ مطلع تسعينيات القرن الماضى، ورفضوا المفاوضات الهشة مع الكيان التى تشبه المفاوضات بين الحمل وقطعان الذئاب، ويرفضون الإقرار باغتصاب فلسطين مهما كلفهم ذلك.. وهم لذلك يحشدون الرأى العام المصرى والعربى والإسلامى والعالمى لنصرة إخواننا فى فلسطين، وملاحقة مجرمى الحرب الصهاينة، ويدعون كذلك إلى الأخذ بأسباب القوة السياسية بتحرير الشعوب من الاستبداد، وبتربية أبناء الجماعة وباقى فصائل الأمة على الإيمان والجهاد، ويدعمون المقاومة بكل أشكالها وكسر الحصار عن أرض الرباط.
لقد اتُهم الإخوان من قِبل التيارات الوطنية الأخرى باهتمامهم الزائد بفلسطين، من كثرة ما خصصوا لتلك القضية من أنشطة وفعاليات، ولقاءات واجتماعات، ولجان وأقسام.. لكن الإخوان يرون أن الذى وقع على الفلسطينيين وعلى المسجد الأقصى لا يمكن أن يُقبل بأى حال من الأحوال، معتبرين تحرير المسجد الأقصى الأسير ودعم الشعب الفلسطينى بكل أنواع الدعم - واجبًا مقدسًا على المسلمين، شعوبًا وحكومات، من المفترض ألا ينسوه أو يتغافلوا عنه..