كتب ـ أحمد مصطفى:

فقدت الدعوة الاسلامية وجماعة الإخوان المسلمين والسودان الشقيق فضيلة الشيخ علي محمد جاويش المراقب العام للإخوان المسلمين أحد رجالات الدعوة الكبار, الذي شهد المحن التي عصفت بالدعوة منذ الخمسينيات وظل ثابتًا على فكره ومنهجه، حتى رحيله عن الدنيا رحمه الله رحمة واسعة.

ولد علي محمد أحمد جاويش بقرية الجول (شمال غرب بربر) وهي جزء من بلدة الباوقة المشهورة بولاية نهر النيل، ودرس مراحله الأولية بالباوقة وبربر ثم المدرسة الثانوية ببور سودان ومن ثم التحق بكلية الاقتصاد بجامعة الخرطوم والتي تخرج فيها عام 1965م.

التحق فور تخرجه بوزارة المالية لفترة وسافر للعمل بسفارة السودان بلندن، وفي لندن انتقل للعمل الخاص في شركة (كونكورب) السودانية لصحابها رجل الأعمال الإسلامي السوداني محمد عبدالله جار النبي، ثم أنشأ شركة تابعة لبنك فيصل باسم الشركة الإسلامية للتجارة والخدمات بلندن، ثم رحل للعمل بالمملكة العربية السعودية قبل أن يعود لموطنه السودان لممارسة الأعمال الخاصة في مجال التجارة بالسوق العربي بالخرطوم.

في 2005م أجريت انتخابات المجلس الوطني، وفي الثاني والعشرين من شهر رجب لسنة 1426هـ الموافق اليوم السابع والعشرين من شهر أغسطس لسنة 2005م صدر المرسوم الجمهوري رقم (24) لسنة 2005م بتخصيص مقاعد المجلس الوطني؛ حيث اشتمل على مرشحي الإخوان الفائزين، ومنهم الدكتور الحبر يوسف نور الدين والشيخ علي محمد جاويش، ومنذ العام 2005-2010 شغل الشيخ علي جاويش مقعد بالبرلمان عن الإخوان المسلمين، وبعد انتهاء الدورة عاد للعمل في مجال التجارة بالسوق العربي بالخرطوم، حتى تم انتخابه مراقبًا عامًا لجماعة الإخوان المسلمين خلفًا للدكتور الحبر يوسف نور الدائم.

في دعوة الإخوان المسلمين

منذ دخلت دعوة الإخوان المسلمين إلى السودان استقطبت العديد من السودانيين؛ حيث بدأت علاقة الشيخ بالإخوان في وقت مبكر منذ عام 1954م واستمر ملتزمًا فيها حتى مؤتمر عام 1969م والذي شهد خلافات حول دمج الإخوان في الجماعات الأخرى؛ حيث انشق الشيخ علي مع مجموعة الشيخ عبدالله شيخ إدريس والشيخ عبدالرحمن رحمة والشيخ محمد سبال وآخرين فيما استمرت بقية المجموعة مع الشيخ حسن الترابي، بما فيهم الشيخ صادق عبدالله عبدالماجد والدكتور الحبر نورالدائم حتى العام 1979م لينفصل الأخيران مع مجموعة من الشباب لتتوحد من بعد مجموعة الشيخ صادق وشيخ عبدالله شيخ إدريس تحت المسمى القديم (جماعة الإخوان المسلمين).

يقول الشيخ جاويش عن هذه الفترة: (إن الإخوان المسلمين منذ عام 1969م حتى 1979 كانت تصر على المفهوم العام للجماعة وعلى أنها جماعة واحدة، لكن بعد ذلك دخلت عوامل أخرى، تختص أولاً بفهم الواقع السوداني وكيفية معالجته على ضوء هذا المفهوم وموقعه من حل مشكلات السودان، أما الترابي فمنذ "1969م" وقبله في الحقيقة كان ينحو منحى مختلفًا، كان في تقديري وكثير من الإخوة لم يكن مؤمنًا بتنظيم الإخوان المسلمين ولا بطريقتهم ولا طريقة تفكيرهم، ولكن دخوله إلى الإخوان المسلمين جاء على أساس اعتبار التنظيم منبرًا لبث أفكاره الجديدة التي ابتدأ يسربها شيئًا فشيئًا لا يؤمن بكثير من القضايا الأساسية التي يؤمن بها الإخوان.. وظل التنظيم الدولي للإخوان منذ حدوث الخلافات بين الإسلاميين في العام "1969م" بالسودان، على مدى أكثر من 20 عامًا حتى بعد قيام الإنقاذ، ظل يأتي بوفود من مصر وسوريا والأردن وغيرها، وفي اهتمام متواصل - أنا كنت من الذين حضروا تلك اللقاءات وكثير من الإخوان - فظل يعالج في الأمر طيلة هذه المدة، وحتى الخلافات بين الترابي والبشير 1999م "المفاصلة" وآخر وفد كان يرأسه الشيخ القرضاوي، وكذلك الشيخ الزنداني من اليمن وغيرهم، وظلوا يعملون على إيجاد معالجة ولم يدخروا وسعًا".

الشيخ جاويش مراقبًا عامًّا للإخوان

كان الشيخ علي جاويش واحدًا من الذين حافظوا على هوية الدعوة وتصدوا لدمجها مع مؤسسات أخرى أو انصهارها في الجماعة الصوفية وغيرها حتى كان عقابه الفصل من جماعة الترابي؛ هو وبعض أقرانه الذين شكلوا جماعة الإخوان من جديد، وساروا على منهج ومبادئ وفكر الإمام حسن البنا.

ولقد كان الشيخ علي طالب الله أول مراقب عام للإخوان بالسودان (1945- 1954م) ثم خلفه الرشيد الطاهر بكر (1955- 1962) ثم د. حسن الترابي (الأمين العام لجبهة الميثاق الإسلامي) والشهيد محمد صالح عمر (رئيس المكتب التنفيذي لجماعة الإخوان المسلمين) (64- 1967) ثم البروفسير مالك بدري 1967 ولمدة شهرين، ثم  د.عبد الله حسن أحمد (67 – 1969)  ثم أنتخب د. حسن الترابى مرة أخرى فى عام 1969 ، ثم  د. [الحبر يوسف نور الدايم 1979 – 1991 ثم  الشيخ صادق عبد الله عبد الماجد 1991 -2008 ثم  د. الحبر يوسف نور الدايم (مرة أخري) (من مارس 2008- مايو 2012).

عقد الإخوان المسلمون بالسودان مؤتمرهم العام وليومين متتاليين الجمعة والسبت 25 مايو و26 مايو 2012م بالمركز العام لاختيار قيادة جديدة؛ حيث تمَّ انتخاب مجلس الشورى الجديد والذي بدوره انتخب الشيخ علي محمد أحمد جاويش مراقبًا عامًّا للإخوان المسلمين والدكتور عصام يوسف بدري نائبًا له ومولانا أبو بكر الشيخ رئيسًا لمجلس الشورى.

وناقش المؤتمر العام- الذي يعقد كل 4 أعوام- في الجلسة الافتتاحية تقرير المكتب التنفيذي، ووافق على بعض التعديلات والتوصيات والخطة الخمسية 2012/ 2017، كما تم تعديل بعض مواد النظام الأساسي.

ورحل رحمه الله يوم الأحد 23 ديسمبر 2018م، الموافق 16 ربيع الأخر 1440هـ عن عمر ناهز 78 عاما.