رغم تبني وسائل إعلام سلطة الانقلاب نهج الدفاع عن نظام بشار، وانتقاد التدخل التركي في أراضيها، استمر التضييق على السوريين في مصر، وأعلن وزير التعليم في حكومة الانقلاب عن غلق مدرسة خاصة بهم لتعليم الأطفال القرآن والعلوم، وفق المناهج السورية، بدعوى أنها تعلّم الطلاب أفكارًا متطرفة على طريقة "داعش".

وبدأت الأزمة بنشر صحف مصرية مغمورة تقارير عن المدرسة، ادَّعت أن هذه الشرائط المربوطة على رأس الطلاب مشابهة لما يفعله "الدواعش"، وأن المدرسة تلقن الأطفال "أفكارًا متطرفة"، وسماها البعض "المدرسة الداعشية".

وزعمت صحيفة أخرى أن هناك صورًا للمدرسين وهم يشرحون للأطفال مدى أهمية غزو تركيا لسورية، وأن الأطفال يرتدون العلم التركي على رءوسهم، وهو أمر غير صحيح؛ لأنها شرائط حمراء (عصابة رأس) مكتوب عليها عبارات التشجيع للطلاب.

ولاحظت "المجتمع" أن الصور التي نشرت للطلاب الصغار وهم يضعون رابطًا على رءوسهم في الصحف والحسابات المحرضة على غلق المدرسة، زعمت أن الطلاب يقلدون "داعش"، وأنهم يضعون العلم التركي على رءوسهم، بيد أن الحقيقة أن هذه "العصابات" الموضوعة على رأس الطلاب مكتوب عليها عبارات التشجيع ورفع الهمة، مثل: "بالهمة نستطيع الفوز" "أنا أستطيع"، "سنقدر"، ولا تعني أي تطرف.

ونفى أصحاب المدرسة تعليمهم الطلاب أي أفكار متطرفة، مؤكدين أنها تركز على القرآن الكريم والتجويد، والتأسيس الخلقي والديني، والتأسيس العلمي، وتهتم باللغة العربية وعلم البيان واللغة الإنجليزية والرياضيات، ومخصصة للطلاب السوريين الذين لم يتم قبولهم في المدارس المصرية.

وقد اتخذ وزير التربية والتعليم بحكومة الانقلاب طارق شوقي ما نشرته الصحف المصرية عن أن المدرسة السورية تعلم الأطفال أفكارًا متطرفة، مبررًا لإعلانه غلق المدرسة بالتعاون مع التنمية المحلية ووزارة الداخلية بحكومة الانقلاب، دون تحقيق كاف.

وقال شوقي - في تصريحات نشرها على صفحته الشخصية بموقع "فيسبوك" -: إن الوزارة سارعت بالتحقق من الأمر، ولكنه لم يؤكد أنها تقوم بتعليم الأطفال أفكارًا متطرفة، قائلاً: "أنتظر تقريرًا مفصلاً للوقوف على كافة التفاصيل".

واكتفى الوزير الانقلابي بتأكيد أن هذه المدرسة لا تتبع وزارة التربية والتعليم بحكومة الانقلاب من قريب أو بعيد، وأنها ليست مدرسة، ولكنها مركز للدروس الخصوصية، ليخلي مسئوليته.

وحرضت حسابات مصرية على مواقع التواصل على المدرسة، ونشرت صورًا للمدير السوري والمشرف العام على المدرسة عبدالهادي دياب الشافعي، وهو يرتدي الجلباب ويعلم الطلاب، معتبرًا ذلك تطرفًا برغم أنه ‏خريج كلية الدراسات الإسلامية والعربية قسم الشريعة، ويرتدي الزي الأزهري.

وتهتم المدرسة بتربية النشء السوري تربية ذات طابع ديني بدراسة القرآن وتجويده، ولم تفرض على الفتيات الحجاب، ولكن حسابات مصرية على مواقع التواصل بدأت تهاجمها وتقول: إنها ذات طابع "سلفية إخوانية".

وتتجدد على فترات مختلفة حملات إلكترونية وإعلامية على السوريين في مصر؛ بسبب اتهامات سابقة لهم بدعم الرئيس الشهيد محمد مرسي و"الإخوان".

وسبق أن دشن آلاف المصريين هاشتاج "السوريين منورين مصر" الذي تصدر "التريند" المصري للترحيب باللاجئين السوريين في مصر، ردًّا على حملة تحريض ضدهم، ومطالبة محام مصري مقرب من سلطة الانقلاب نائب عام الانقلاب بتتبع أنشطتهم وحصر أموالهم، خشية تمويل بعضهم للإرهاب، حسب زعمه.

في يونيو الماضي، أغلقت سلطات الانقلاب مطعمًا سوريًّا شهيرًا؛ لأنه يحمل اسم بطل تركي (أرطغرل)، في أعقاب حملة قادها محام موالٍ لسلطة الانقلاب ورد آلاف المصريين بهاشتاج "السوريين منورين مصر" الذي تصدر "التريند" المصري للترحيب باللاجئين السوريين حينئذ.

وبحسب مفوضية اللاجئين بمصر، يبلغ عدد اللاجئين السوريين بمصر 130 ألفًا، ولكن الرقم الحقيقي يصل لأكثر من 700 ألف، لأن هناك غير مسجلين.

وبحسب تقرير حكومي، أعدته وزارتا الاستثمار والتعاون الدولي و"التجارة والصناعة" بحكومة الانقلاب، تصاعد نشاط السوريين الاقتصادي بصورة كبيرة في مصر، وبلغ عدد الشركات التي أسسوها في 9 شهور منذ يناير 2019 حتى سبتمبر 2019، عدد 818 شركة برأسمال 1.25 مليار جنيه (قرابة 70 مليون دولار).