في محاولة لكبح جماح المتظاهرين وتخويف الشارع من خلال عمليات الاعتقال الممنهجة, ضد النشطاء والمعارضين لنظام الانقلاب, وذلك قبل أيام قليلة من الذكرى التاسعة لثورة " 25 يناير", أعلنت وزارة داخلية الانقلاب، اليوم الأربعاء، اعتقال عدد من المواطنين بحجة أنهم تابعون لحركة "حسم".

وتأتي تلك الاعتقالات كخطوة استباقية من مليشيات الانقلاب, تحسبا لهبة شعبية غاضبة ضد قائد الانقلاب عبدالفتاح السيسي قبل أيام من ثورة 25 يناير. 

ويتزامن مع تلك الاعتقالات حملة اعتقالات اخرى طالت أربعة أعضاء من حزب الدستور -أسسه الدكتور محمد البرادعي- من محافظات الشرقية والبحيرة وكفر الشيخ، وهم حمدي زكي، وطارق يوسف، وموسى أحمد صابر، وخالد إبراهيم. وتلك الحملة طالت أربعة صحفيين ليلة الجمعة الماضية من فوق أحد كباري نهر النيل، بعد تفتيش هواتفهم المحمولة، واحتجازهم عدة ساعات، ليتم إخلاء سبيلهم لاحقا، وهم (أحمد سمير، وخالد حماد، وبشرى محمد، وأحمد عايد).

وكذلك استبق برلمان الانقلاب ذكرى الثورة بمد حالة الطوارئ بالبلاد لمدة ثلاثة أشهر جديدة، وذلك قبل موعد انتهاء الطوارئ بأسبوعين كاملين، وفي الوقت ذاته أعلنت وزارة داخلية الانقلاب حالة الاستنفار والطوارئ بين أفرادها وجميع قطاعاتها ومديرياتها.

وعلى طريقتها في غلق سلم نقابة الصحفيين، المعروف بوقفاته الاحتجاجية قبل عدة أشهر، بدأت السلطات بإشغال معظم ميادين المحافظات المصرية ببعض الأعمال حتى يصعب على المتظاهرين التواجد فيها. وتقوم السلطات بعمليات إنشائية بميدان التحرير بوسط القاهرة قبل أشهر، بداية من وضع مسلة أثرية قديمة بعد نقلها من منطقة صان الحجر الأثرية بالشرقية، ووضع 4 كباش تاريخية حولها بعد نقلها من مدينة الأقصر.

ولم تكتف السلطات بهذا، بل قامت بإغلاق عدة محاور وطرق مؤدية لميدان الثورة الشهير، فيما طالت عمليات الغلق عدة مناطق بوسط البلد بالقاهرة، بينها مجموعة مقاه شهيرة يرتادها المثقفون، مثل مقهى "البستان" القريب من التحرير.

ومن الواضح أن هذه الحملة الأمنية تهدف إلى تخويف المصريين من التظاهر مرة أخرى ضد النظام، سواء بمناسبة ذكرى الثورة أو الأوضاع الاقتصادية، أو الخطر الذي يستشعره المجتمع جراء الفشل في إدارة ملف سد النهضة، ومشاعر الإهانة المسيطرة على المواطنين بسبب العودة لاستيراد الغاز الطبيعي من العدو التاريخي إسرائيل. والقضيتان الأخيرتان فشل في إبعادهما عن صدارة اهتمامات المصريين التصعيد الإعلامي المفتعل ضد تركيا، والإيحاء بقرب دخول مصر حرباً في ليبيا.

وفي تعليقه، قال الكاتب والناشط المصري المعارض حسن حسين: "كعادة نظام السيسي المنقلب على ثورة يناير، يفرض كل عام إجراءات مشددة قبل أسابيع من 25 يناير، في سذاجة مفرطة". مضيفا في تصريحات صحفية: "وكأن الثورات تكرر نفسها في نفس مواعيدها كل عام، متناسيا ومتجاهلا أن ما يخشاه سوف يقع إن آجلا أو عاجلا، لأن دوافعه وأسبابه متوفرة وتتزايد يوميا".

وأشار إلى أن "الاحتقان الشعبي وصل إلى ذروة لم يصلها من قبل في تاريخ مصر الحديث"، مؤكدا أن "القبض العشوائي واعتقال القيادات السياسية لا يمكنه أن يوقف الزحف الجماهيري الذي يحشد نفسه ببطء وبهدوء، لكن بقوة قد تذهل المراقبين السياسيين في العالم بأسره".