لقد شهد القاصي والداني شهادة حق للممارسة السياسية لجماعة الإخوان، وللرئيس محمد مرسى، رحمه الله، بالرغم من الظروف التي أحاطت بالتجربة، والعراقيل التي وضعت في طريقهم، لعدم إنجاح التجربة، كما نجحت غيرها من التجارب كتجربة حزب العدالة والتنمية في تركيا.

مما لا شك فيه أن الإخوان لهم أخطاء، نعم لهم أخطاء، فهم بشر، وليسوا ملائكة، أو أنبياء معصومين، فهم يمارسون العمل السياسى، كعمل بشري يحتمل الصواب والخطأ، لكنهم اجتهدوا طاقتهم ووسعهم، وفى كلتا الحالتين هم مأجورون - إن شاء الله-، كما جاء في الحديث، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا حكم الحاكم فاجتهد ثم أصاب فله أجران، وإذا حكم فاجتهد ثم أخطأ فله أجر".

نعم أخطأ الإخوان، لكنهم ليسوا مجرمين ولا مفسدين ولا سارقين، ولا باعوا الأوطان في أسواق النخاسة والخيانة، بل إنهم كانوا يريدون الإصلاح ما استطاعوا، وتعرضوا للخيانة والتضليل من قبل مؤسسات الدولة العميقة، من قضاء وشرطة وإعلام وعسكر، الذين لهم امتيازات لايقبلون التنازل عنها بأي حال.

ومع ذلك حرص إعلام الانقلاب، على أن يجعل من الإخوان المسلمين شمّاعة يلقي عليها أخطاء الفاسدين والفاشلين من العسكر.

وعندما سئل المستشار "أحمد مكى" وزير العدل خلال فترة حكم الرئيس "محمد مرسى -رحمه الله- قال: الإخوان ثروة قومية".
وقال المستشار "أحمد مكى" أيضًا عن الرئيس "محمد مرسى"- رحمه الله- : "أشهد أني لم أر له مثيلا في رئاسة مصر، وأظلم نفسي وأظلمه عندما أقوم بتقييمه، وهو ممن تنطبق عليهم الآية الكريمة (مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ ۖ فَمِنْهُم مَّن قَضَىٰ نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ ۖ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا ) (23) سورة الأحزاب ".

ومنذ أن تأسست جماعة الإخوان المسلمين، في عام 1928، وقد كانت لهم شركات ومؤسسات ومصانع، لكن مع ذلك لم يثبت تورط أحد من الإخوان، فى قضية فساد أو سرقة أو رشوة أو تهرب ضريبي، أو قضية ماسّة بالشرف.

وبعد انقلاب يوليو 1952 المشئوم، حاول النظام الناصري البائد أن يزج بأفراد الجماعة في قضايا فساد، واعتقل قادة الجماعة وأعضاءها، وقام إعلامه بالتهليل والتطبيل، ونسج قصص وأساطير حول خيانة الجماعة وفساد أفرادها، لكنه فشل في النهاية، أن يثبت شيئًا من ذلك.

وليس هذا فحسب، فلم يثبت على أحد من أفراد الإخوان، التورط في أيِّ قضايا فساد أو خيانة للوطن، بل على العكس من ذلك هم مَن كشَف الفساد والفاسدين، وردوا عن الوطن كل فساد.

وبعد الانقلاب على الرئيس الراحل " محمد مرسى"، حاول النظام الفاسد أن يجد ثغرة ينفذ من خلالها، لكنه لم يجد، وعندما قرر النظام الانقلابى مصادرة مؤسسات الإخوان، لم يجد إلا المستشفيات التى تقدم الخدمة للفقراء والمعوزين بالمجان أو بأجر رمزى، أو مدارس أو جمعيات خيرية تكفل الأيتام والأرامل والمحتاجين، وهذا ليس في مصر فقط، بل لم يثبت على أحد من الإخوان تورطه في قضايا فساد في أي وطن من الأوطان، وذلك لخوفهم وخشيتهم من الله، وحسن مراقبتهم له، وتربيتهم على المثل والقيم الإسلامية.

وقد قال المستشار هشام جنينة عن الرئيس " محمد مرسى"- رحمه الله- "إن مرسى لم يكن فاسدًا ماليًا، ولا يرقى لمرحلة الفساد الممنهج".
وكما قال الأستاذ "أحمد حسن الزيات"- صاحب مجلة الرسالة- حين كتب في مجلته، قبل سبعة عقود مقالًا، بعنوان: "لا تخافوا الإخوان فإنهم يخافون الله"، وترك بقية الصفحة بيضاء، وكذلك الصفحة المقابلة، وهى رسالة وجهها الزيات لحكام مصر الجدد من العسكر.

أي نعم الإخوان لهم أخطاء –وهذا أمر واقعي وطبيعي- لكن لم يقبض على أحد حتى لفساده أو لتخريب متعمد، أو لارتباط مشبوه، أوخيانة، أو استيلاء على المال العام، كما نلاحظه من أتباع النظام الانقلابى.

وكم بذلت دولتا السعودية والإمارات من المليارات لبريطانيا وأمريكا، وشركات العلاقات العامة، لتصنيف جماعة الإخوان كجماعة إرهابية، ووضعها على قائمة الإرهاب، ولكن كل هذه المحاولات باءت بالفشل.

بل إن نظام الانقلاب- تمخض فولد فأرًا- حيث سلّم بريطانيا، وثائق تثبت مقاومة جماعة الإخوان للاحتلال البريطانى في منطقة قناة السويس، كدليل دامغ على تورط الجماعة في الإرهاب، بحسب ما أذاعته قناة النيل للأخبار بأن "مصر سلمت بريطانيا وثائق تثبت تورط الإخوان المسلمين في عمليات فدائية ضد الإنجليز في منطقة القناة أثناء احتلال الإنجليز لمصر".

وقال المهندس القبطى هانى سوريال، ردًا على ذلك: "أحيي الإخوان المسلمين وأقول لهم: "لو لم أكن مسيحيًا لوددت أن أكون إخوانيًا". وأتساءل هل ما زال أنصار السيسي لا يرون مايراه العالم من حولهم؟! أم أنهم يرون، ولكنهم آثروا التضحية بمصر بعنادهم...؟!

لكن الإخوان يمثلون دومًا خطرًا على المستبدين، لأنهم يكشفون الفساد والمفسدين، ولهذا تصدر الفتاوى الضالة المضلة من علماء الفتنة، بأن الإخوان المسلمين هم خوارج العصر.

ولله در القائل:

أنا ما زلت محشوًا بفتوى
لا خروج وإن طغى السلطان
أنا ما زلت مستمعا لكل
وقاحة الإعلام صوت دعارة الطغيان
يحذرنا من الإخوان
ويلعن دولة الإخوان
ويفسد خطة الشيطان
فهي التزوير والبهتان
أنا إن فاخرت بالبنا
وفسر مصحفي قطب
وأخجل همتي ياسين
ولو أهديت إعجابي
إلى مرسي وأردوغان
فهذا لا يشي أني من الإخوان