بقلم: د. رشاد لاشين

من أهم أهداف الزواج إنجاب الذرية الصالحة التي تعبِّد الكونَ للِّهِ تعالى، وتسهم في النهوض بالأمة، لذا وجب على الزوجين أن يأخذا بكلِّ الأسبابِ الإيمانيةِ والمادية أولاً لطلب الذرية ثم ثانيًا لكي تكون هذه الذرية صالحةً مؤمنةً نافعةً للأمة أولاً ثم للبشرية ثانيًا.

(1) استحضار نية إنجاب الذرية الصالحة والدعاء بذلك عزيزي الزوج.. عزيزتي الزوجة.. توجَّها إلى الخالق المنَّان بنيةٍ خالصةٍ بطلبِ الذرية الصالحة رغبةً في تكثير الصالحين وطلبًا لإصلاح الكون، وعمارته فالذرية نعمة وهبة يمن الله بها على من يشاء من عباده ﴿لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ (49) أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيمًا إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ (50)﴾ (الشورى).

أورد الإمام ابن حجر العسقلاني في كتابه فتح الباري، شرح صحيح البخاري في كِتَاب النِّكَاحِ باب قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ"مَنْ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ".. قوله عن إنجاب الذرية: والأحاديث الواردة في ذلك كثيرة، فأما حديث "فإني مكاثر بكم" فصحَّ من حديث أنس بلفظ "تزوجوا الودود الولود، فإني مكاثر بكم يوم القيامة" (أخرجه ابن حبان)، وذكره الشافعي بلاغًا عن ابن عمر بلفظ "تناكحوا تكاثروا فإني أباهي بكم الأمم".

لذلك يجب على الزوجين أن يستحضرا نية إنجاب الذرية الصالحة، فالأعمال العظيمة لا بد أن تبدأ بنية صالحة، يتوجَّه الإنسان فيها إلى الله، يرجو وجهه، ويطلب توفيقه، وبهذه النية ينال أجرًا وثوابًا عظيمًا، يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى". (أخرجه البخاري عن عمر بن الخطاب).

أدعية طلب الذرية:

1. دعاء أبينا إبراهيم عليه السلام: ﴿رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ﴾.

2. أدعية سيدنا زكريا عليه السلام: ﴿رَبِّ هَبْ لِي مِنَ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ﴾

﴿رَبِّ لا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنْتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ﴾

كان سيدنا زكريا لا ييأس من روح الله رغم انقطاع أسباب الإنجاب عنده هو وزوجته، ولكنَّ المؤمنَ على يقين من قدرة الله، وفي طمع دائم إلى فضله وعطائه، فسيدنا زكريا اجتمعت لديه هذه الأسباب: كبر السن، ووهن العظم، وعقم الزوجة، ولكنه كان يتضرَّع ويقول: ﴿ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِنْ وَرَائِي وَكَانَتْ امْرَأَتِي عَاقِرًا فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِِيًّا يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا﴾ (مريم).

فهو يتضرع إلى الله ليس بطلب الذرية فقط، بل يحدد هدفه من هذه الذرية، وهو أن تحمل ميراث دعوة الله، وهو يحدد صفات هذه الذرية في دعائه ﴿وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا﴾ ويمكننا أن نقتبس من دعاء سيدنا زكريا فنقول: رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيَّا يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ دَعْوَةِ الإِسْلامِ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا.

2. المداومة على الاستغفار: فإن أحد نتائجه الرزق بالبنين ﴿فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا﴾ (نوح).

وصيغ الاستغفار كالتالي:

1. استغفر الله العظيم.

2. استغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه.

3. سيد الاستغفار: اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت، خلقتني وأنا عبدك، وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت، أبوء لك بنعمتك عليَّ، وأبوء بذنبي، فاغفر لي، فإنه لا يغفر الذنوبَ إلا أنت.

4. الاقتباس من الآية السابقة بأن نقول: "اللهم إنا نستغفرك استغفارًا، فأرسل السماء علينا مدرارًا، وأمدنا بأموال وبنين، واجعل لنا جنات واجعل لنا أنهارًا.

ولا يكفي الاستغفار باللسان فقط؛ بل لا بد أن يتوب الإنسان إلى الله، فيبتعد عن الذنوب والمعاصي ويرد المظالم إلى أهلها، ويفتح صفحةً جديدةً بيضاء، يعاهد الله فيها على التقوى والصلاح.

(2) رعاية الطفل من الشيطان منذ الوهلة الأولى :

لقد علمنا الصادق المصدوق- صلى الله عليه وسلم- أن نحفظ ذريتنا من الشيطان الرجيم من قبل أن يتم تكوين النواة الأولى لهم في رحم الأم، وذلك باتباع هديه- صلى الله عليه وسلم- في الجماع حيث يقول: "لو أن أحدكم إذا أراد أن يأتي أهله قال : " بسم الله اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا، فإنه إن قضى بينهما ولد من ذلك لم يضره الشيطان" (رواه البخاري ومسلم وأحمد وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة عن عبد الله بن العباس رضي الله عنهما).

لذا ينبغي ألا ينشغل الزوجان بتحصيل اللذة عن رعاية الطفل القادم بتحصينه ضد الشيطان منذ اللحظة الأولى.