نشر موقع "بلومبيرج" تقريرا عن صناعة الطائرات المسيرة في تركيا التي أسهمت في جعل أنقرة واحدا من أهم المصنعين في هذا المجال.

وأشارت إلى دور صهر الرئيس رجب طيب أردوغان، سلجوق بيرقدار الذي قالت إنه أسهم بطائراته المسيرة بحرف مسار الحرب في ليبيا وأذربيجان في العام الماضي، مضيفة أن تركيا طلبت من روسيا وباكستان المشاركة في عمليات تصنيع الطائرات بشكل أقلق الحلفاء التقليديين في حلف "الناتو".

وجاء فيه أن بيرقدار هو طالب بحث سابق في معهد ماساشوستس للتكنولوجيا في أمريكا وزوج البنت الصغرى لأردوغان، وكان محوريا في ظهور تركيا كمنتج للطائرات المسيرة. وفي 2020 استخدمت طائرات تي بي2 التي تنتجها شركته بيكار وبأثر قاتل في ليبيا وأذربيجان، وكلاهما حليف لأنقرة.

ويشترك بيرقدار (حامل الراية) البالغ من العمر 41 عاما، مع أردوغان في طموحه بإظهار تركيا كقوى عسكرية معتمدة على نفسها، وهما يدفعان تركيا باتجاه تحالفات جديدة تثير قلق الحلفاء في الناتو.

وفي يناير قال أردوغان: "حظيت طائراتنا المسيرة بإعجاب حول العالم". وأضاف أن "الطائرات بدون طيار التركية غيرت أسلوب الحرب".

وأشار إلى سبع شركات دفاعية تركية تعد من أفضل 100 شركة دفاعية في العالم، بزيادة على اثنتين في 2016. ويحاول بيرقدار الحديث بنفس الأسلوب، وعندما أشار بعض الأتراك إلى المميزات التي يتمتع بها واستخدام بيكار لأفضل القطع، كتب تغريدة قال فيها إن الطائرات المسيرة ليست "العروسة" ولكنها الأمة و"ستطير سواء رغبت أم لم ترغب".

وقال إن قطع الطائرات مصنعة بنسبة 93% في تركيا، ولم ترد الشركة على أسئلة للتعليق، لكن العقوبات الأمريكية منعتها من مواصلة المشاركة في مشروع لوكهيد مارتن لتصنيع مقاتلات أف-35 بسبب شرائها منظومة الصواريخ الدفاعية الروسية أس-400.

وتوقفت كل من كندا وبريطانيا عن توفير قطع غيار بسبب القلق من كيفية استخدام الطائرات.

ويحاول المهندسون الأتراك بناء محركات محلية للدبابات ومقاتلات تجريبية تي أف-إكس بعد تأخير في صفقة مع شركة رولز-رويز البريطانية، ولكنها محاولة باهظة الثمن ولا ضمانات لنجاحها. وتقول رالوكا سيسرناتوني الزائرة في مركز كارنيجي أوروبا: "باتت تركيا وبشكل متزايد سوقا رائدة وقوة صاعدة في مجال تكنولوجيا الطائرات بدون طيار". و"هذا بسبب تأكيد صناعة الدفاع وأردوغان على تقليل اعتماد تركيا على الصناعة الدفاعية الخارجية، لكن من السهل الحديث عن هذا بدلا من تطبيقه، مشيرة إلى قرار كندا التوقف عن التعاون. وجاء في التقرير أن أردوغان حد من تأثير الجنرالات على المشتريات الدفاعية وسيطر على عملية الشراء وجعلها متوافقة مع الشركات القريبة من الحكومة.

وأدى التحول إلى خلق فرص عمل وزيادة الصادرات التي وصلت العام الماضي إلى ملياري دولار العام الماضي وشملت العربات المصفحة والسفن. وفي سوق الطائرات المسيرة لا تزال تركيا لاعبا ثانويا مقارنة مع الصين والولايات المتحدة والكيان الصهيوني. وفي العقدين الماضيين زادت الإمارات العربية المتحدة في قائمة المشترين التي يعدها معهد ستوكهولم لأبحاث السلام.

وزادت ميزانية النفقات الدفاعية التركية بشكل واضح إلا أن الواردات انخفضت بنسبة 59% في الفترة ما بين 2016 و2020 ومقارنة مع الخمس السنوات الماضية عن هذه الفترة، وهذا يضم مقاتلات أف-35 التي لم يتم تسليمها. وتنافس شركة بيكار مؤسسة الصناعات الجوية التركية والتي أوقفت هجوما كبيرا مدعوما لقوات الحكومة السورية المدعومة من روسيا في شمال سوريا العام الماضي. وعملية كهذه تثير الفخر لدى الساسة الوطنيين والناخبين الذين تعهدوا بالوقوف خلف الرئيس. وهم يتذكرون بمرارة حظر تصدير السلاح الأمريكي على تركيا عندما سيطرت على ثلث جزيرة قبرص عام 1974 وكذا القرار الأمريكي والأمريكي في 2015 لسحب الدفاعات الجوية. وجاء هذا في وقت كانت تحضر فيه تركيا والتحالف الذي تقوده الولايات المتحدة لغارات جوية ضد تنظيم الدولة الإسلامية. وهو ما صدم أنقرة التي تعاملت مع القرار على أنه عقاب لها على قمع الانفصاليين الأكراد الذين ردوا على انهيار اتفاقية السلام بهجمات.

وتراجع رصيد تركيا في العواصم الغربية أكثر بسبب الحرب في سورية والهجرة وحقوق الإنسان وما بعد الانقلاب الفاشل عام 2016. ويؤكد الزعماء الأتراك أن الحلفاء التقليديين لم يعودوا يحظون بدعم البلد وهو ما يقف وراء محاولاتهم للتعاون الدفاعي مع دول مثل روسيا وباكستان رغم العقوبات الأمريكية المتفرقة والتي تؤثر على قيمة العملة التركية. وطلبت تركيا من موسكو بيعها مقاتلات أس-35 حتى يتمكن المهندسون من تركيب إلكترونيات تركية الصنع عليها وحاولت إنتاج طائرات وصواريخ مع باكستان حتى يتم التعرف على التكنولوجيا الصينية، ولم تثمر المحادثات عن شيء. ودخلت كوريا الجنوبية هذا العام لتزويد تركيا بمحركات لدبابات التاي بعد الخلاف السياسي الذي أدى لإلغاء خطط للحصول عليها من ألمانيا. لكن السياسة نحيت جانبا لتحقيق صفقات أخرى، فقد اشترت السعودية طائرات تركية مسيرة لأنها أرخص من المصادر الأخرى المنافسة لها.

وتقول تركيا إنها تسعى للحفاظ على علاقاتها مع الغرب إلا أن الخلافات تتزايد. وهي تبحث عن طرق قانونية لاستعادة 1.4 مليار دولار استثمرتها في مشروع تصنيع أف-35، وتم تحويل سفينة قتالية برمائية أنتجتها "تي سي جي أناضولو" إلى حاملة طائرات، ما أضاف إلى الأسطول التركي في بحر إيجة والبحر المتوسط حيث يزداد التوتر مع اليونان وقبرص. وسيتم تركيب مروحيات و50 طائرة "بيرقدار تي بي 3" عليها، ويتوقع أن يكون النموذج الأول المزود بمحركات تركية الصنع.