الأهداف الخاصة لنظام الأسرة بالنسبة للبيت
تستهدف الأسرة بالنسبة للبيت المسلم أن يكون هذا البيت إسلاميا في سلوكه، وحياته، وشكله، ومايسوده من قيم وآداب وعادات، وأن يشب الأبناء فيه فى ظل أبوين ملتزمين بالإسلام ؛حتى يجد الأبناء فى بيوتهم الأسوة الحسنة والمثل التى يجب أن تُحتذى .
ولذلك كانت أهداف الأسرة بالنسبة للبيت على النحو التالى .
أ - حسن اختيار الزوجة :
لأنها ركيزة البيت، ومحضن الأبناء، وبها يقوم البيت على أسس قوية من الصلاح والتقوى؛ والأصل أن الزوجة الصالحة من خير ما في هذه الدنيا من نعم، فبصلاحها يسعد الزوج وينشأ الأبناء أحسن تنشئة .
وقد علمنا الإسلام المعايبر الدقيقة التى تُختار الزوجة على أساسها، وتفضل من أجلها، وهي معروفة، أجملها الحديث النبوي الشريف في قوله صلى الله عليه وسلم تنكح المرأة لأربع: لمالها ولحسبها وجمالها ولدينها ، فاظفر بذات الدين تربت يداك .
وقد كان للجماعة برنامج للأخوات المسلمات يمكنهن من التفقه في الدين، ويقوم على أسس قريبة من الأسس التي يقوم عليها برنامج إعداد الرجال في الأسر أو غيرها من وسائل التربية في الجماعة .
ب - طبع البيت المسلم بطابع إسلامى :
وهذا يتطلب مايلي :
- التزام الأبوين في السلوك والكلام، والزي والمعاملة، والطعام والشراب، وكل ما له علاقة بالبيت التزامهما في كل ذلك بالإسلام آدابه وأخلاقه .
- مظهر البيت المسلم يجب أن .يكون مرضيا لله ـ سبحانه وتعالى ـ متفقا مع أدب الإسلام في كل ما يحتويه ، فلا إسراف ولا تقتير في فرش أوأثاث، ولا تماثيل، ولا شيء مما يغضب الله سبحانه، مهما كان هذا الشيء قد تعارف الناس عليه وألفوه .
- كما لابد أن يكون هذا البيت نظيفا، بسيطا، منظما، مريحا لأهله، غير عازف عن الحياة الدنيا، فقد أحل الله الطيبات من الرزق، وحبب الإسلام في البيت الواسع، كما لابد أن يعتنى هذا البيت بالمأكل الطيب، والملبس الطيب، في حدود ما أحل الله .
- والبيت المسلم لايعرف الصخب ولا الشجار بين أفراده وبخاصة بين الأبوين؛ لأن الإسلام يطالب بالوئام والهدوء والمودة والرحمة بين أفراد البيت جميعا، وإنما يصل البيت المسلم إلى ذلك؛ بأن يعرف كل من الأبوين واجباته وحقوقه، ويؤدى كل منهما ما عنيه تقربا إلى الله واحتسابا للأجر والمثوبة عنده .
- البيت المسلم لا يقوم على أساس التضييق على أهله فيما أحل الله لهم بل على مبدأ لينفق ذو سعة من سعته، ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما آتاه الله، لا يكلف الله نفساً إلا ما آتاها سيجعل الله بعد عسر يسراً .
- وأولئك الذين يتصورون أن البيت المسلم يجب أن يكون فراشه الحصير مع القدرة على ماهو أفضل مخطئون "قل من حرم زينة الله التى أخرج لعباده والطيبات من الرزق" وكذلك الشأن فى الملبس والمأكل .
- البيت المسلم لا ينبغي أن ينزلق في مجال الاستعراضات الاجتماعية القائمة على التباهي والتفاخر؛ لأن ذلك فضلا عن كونه حراماً ، فإنه يورث الأحقاد، والأصل في البيت المسلم أن يفرز حبا وتعاطفا مع الاخربن، لا أحقاد ولا ابتعاد عن الناس .
- والأصل في البيت وما فيه ألا يكون فيه شيء قد أعد بإسراف أو مخيلة .
ج - آداب البيت المسلم :
- ينبغى أن تسود البيت المسلم آداب الإسلام في كل أمره، وكل أفراده، كما أوضحنا آنفاً، لكن نشير هنا إلى الوسائل التى تمكن من أن يسود البيت المسلم أدب الإسلام .
وأهم هذه الوسائل ما يلى :
- الالتزام بخلق الإسلام في كل مايأتيه أفراد البيت من أمر أو يدعونه من أمر كذلك .
- التأكيد على التزام الأبناء منذ نعومة أظفارهم بأدب الإسلام في الكلام والصمت، والحركة والسكون، والطعام والجوع ، والملبس والملعب، ولهم في ذلك القدوة والأسوة من أبوين ملتزمين .
- التأكيد على أن البيت المسلم بمن فيه بيت يدعو غيره من البيوت إلى الله، وإلى الإسلام، وإلى الخير والهدى، فالرجل فيه يختلط بالرجال ويدعوهم إلى الله، والمرأة تختلط بالنساء وتدعوهن إلى الله، وكذلك يفعل الأبناء .
- التأكيد على أن البيت المسلم ينبغى أن يكون مثلا يحتذى في كل أمره؛ حتى يكون بهذا الوضع دعوة ودعاية للإسلام وللعمل الصالح.
جـ - الأبناء في البيت المسلم :
تستهدف الأسرة في البيت المسلم أن يشب الأبناء على وعي وتمسك بآداب الإسلام، والأبناء دائما صور لوالديهم، ولما يسود بيوتهم من قيم، وعلى الوالدين أن يختاروا الصورة التى يحبون أن تظهر في أبنائهم .
والأبناء في البيت المسلم سوف يختلطون بغيرهم ممن شبوا في بيوت لا تلتزم بالإسلام في سلوكها وآدابها، والبيت المسلم مطالب بأن يزود أبناءه بالآداب الإسلامية التى يجب أن يحملوها إلى غيرهم من القرناء .
ولكى يستطيع الأبناء حمل هذه الرسالة وتوصيلها إلى غيرهم من الأقران، فإن ذلك يتطلب من الأبوين أمورا كثيرة نشير إلى بعضها فيما يلي :
1 - غرس القيم والآداب الإسلامية في الأطفال منذ نعومة أظفارهم، وذلك بالتعامل الإسلامي الدقيق معهم في كل موقف من مواقفهم ، ومواقف الأبوين .
2 -إعطاء الأبناء القدوة الحسنة في الكلمة الجادة، وفي الكلمة المازحة دون تساهل في هذا أو ذاك .
3 - الأصل الذى يعامل به الأبناء ليشبوا صالحين ويصيروا فيما بعد رجالا صالحين ونساء صالحات أن نلتزم معهم بالاستجابة المشروعة لحاجات أبدانهم وعقولهم وأرواحهم، فنعطى كل ذلك ما يحتاج إليه .
فالبدن بحاجة إلى غذاء حلال طيب ورياضة وترويح ولعب، والعقل محتاج إلى قراءة، وتأمل، وتدرب على الفكر والتصور ، والروح بحاجة إلى التصفية من الشوائب والأوضار وإلى التغذية بالعبادة، والقرآن الكريم والسنة النبوية والسيرة الشريفة، وكل ذلك إنما يكون على الصورة الأمثل إذا تعاهد الآباء الأبناء بحسن التعامل وجديته مع إعطاء اللعِب والترويح ما هو ضرورى للإنسان، وذلك هو الهدي النبوي الكريم، فقد روى الطبراني بسنده عن جابر ـ رضى الله عنه ـ قال: دخلت على النبى-صلى الله عليه وسلم – وهو يمشي على أربعة ( أى على يديه ورجليه ) وعلى ظهره الحسن والحسين وهو يقول: نعم الجمل جملكما ونعم العدلان أنتما .
4 - على الوالد أن يُعوّد أبناءه البنين ارتياد المساجد وأداء الفرائض فيها، وعقد صلة وعلاقة بين الأبناء والمسجد، والتعارف على رواد المسجد من المسلمين شبابا وشيوخا، مع المداومة على دروس المسجد وعظاته وشتى المناشط التى تمارس في بيوت الله؛ لأن تعلق القلوب بالمساجد سبب من أسباب رضا الله عن عبده، وحبه له .
5 - من الضرررى أن يكون البيت المسلم مكانا لاجتماع الصغار من الأقارب على أدب الإسلام وأخلاقه، إذا كان في البيت متسع لذلك. فإن ممارسة آداب الإسلام وأخلاقه في ظل البيت المسلم وفي رعاية الأبوين، تحول بين الأبناء والتجمع في الشوارع وعلى قوارع الطرقات لما يجره ذلك التجمع في الطرق من مفاسد وآثام .
6 – ما ينبغى أن يخلو البيت المسلم من مكتبة إسلامية ، تزودالأبناء بما ينفعهم من تفسير كتاب الله وسنة رسوله ـ صلى الله عليه وسلم وسيرته صلى الله عليه وسلم وتاريخ الصحابة رضوان الله عليهم، وسير أعلام المسلمين والمصلحين منهم؛ لتمتلئ نفوسهم اعتزازا بهذا الدين، ويزيد حبهم له وحرصهم على الانتماء إليه .
وإذا كان حديثنا عن البيت المسلم وما تستهدفه منه الأسرة قد توقف عند هذا الحد من الكلام، فإن تكملة هذا الحديث بما وعدنا به آنفا من الحديث عن برناج الجماعة للزوجات أو للمرأة المسلمة زوجا وأختا وبنتا، يعد ضرورة يقتضيها منا رغبتنا فى تحليل تاريخ هذه الجماعة، وما عمدت إليه من وسائل في تربية الرجال والنساء ، فنقول وبالله التوفيق .
برنامج الأخوات المسلمات :
لابد لنا قبل الحديث عن البرنامج الخاص ب[[الأخوات المسلمات]] من الإشارة في اختصار إلى تاريخ نشاط الجماعة فى مجال عمل الأخوات المسلمات عام 1351هـ - 1932 م .
من شمولية منهج الجماعة النابع من شمولية المنهج الإسلامى وقدرته على علاج كل القضايا التى تهم المجتمع في كل زمان ومكان، من هذا المنطلق كان اهتمام الجماعة بالأخوات المسلمات كاهتمامها بالإخوان .
وقد عاصرت الجماعة في نشأتها صراعا بين دعاة التغريب ودعاة الدفاع عن القيم الاجتماعية النابعة من الإسلام، وكان قاسم أمين يمثل بكتابيه: "تحرير المرأة" و"المرأة الجديدة" دعوة صارخة إلى التأثر بالحضارة الغربية فيما يتصل بالمرأة ، ومن هنا كان سفور المرأة، وكان اختلاطها بالرجال فى معاهد التعليم، وكان ما كان مما أبعد المرأة المسلمة عن دينها وآدابه .
وكان في خطة الجماعة ومنهجها أن تعنى بالمرأة المسلمة كعنايتها بالرجل المسلم، فكونت لذلك أول لجنة للأخوات المسلمات باسم: "فرق الأخوات المسلمات" وأعدت لها لائحة داخلية نظمت العمل فيها، وحددت أهدافها ووسائلها فى تحقيق هذه الأهداف .
وكان الغرض من تكوين هذه الفرق: التمسك بالآداب الإسلامية، والدعوة إلى الفضيلة، وبيان أضرار الخرافات الشائعة بين المسلمات، وكانت أول رئيسة لهذه الفرق هي السيدة الفاضلة لبيبة أحمد وكانت فى الوقت نفسه رئيسة تحرير مجلة النهضة النسائية .
وفى عام 1944 م تكونت أول لجنة تنفيذية للأخوات فى 4 1 / 4 / 1944 م وقد أصبح لقسم الأخوات المسلمات خمسون شعبة تضم أكثر من خمسة الاف من الأخوات، تقوم بالوعظ فيهن سيدات منهن أحيانا، وبعض العلماء من الرجال أحيانا .
وأول رسالة لقسم [[الأخوات]] هي رسالة مع المرأة المسلمة وقد تضمنت منهجا واضحا عن رسالة الأخوات المسلمات والمرأة المسلمة بعامة، وكان أساس هذه الرسالة ومبناهـا مقال للأستاذ المرشد بعنوان "المرأة المسلمة" نشر بمجلة المنار.
فيه ذكر المرشد أن الإسلام يقر بحقوق المرأة كاملة: الحقوق الشخصية والمدنية والسياسية .
ثم صدرت لائحة مفصلة لقسم الأخوات المسلمات عام 1951 م أوضحت الغاية من إنشاء هذا القسم بما يلى :
1 - بعث الروح الدينية، وبث التعاليم الإسلامية الكفيلة بتكوين شخصيات من النساء مهذبة تستطيع الاضطلاع بما يناط بها من أعمال وواجبات .
2 - التعريف بالفضائل والآداب المربية للنفس، والموجهة للخير والكمال، وتعريفها بما لها من حقوق وماعليها من واجبات .
3 - إرشادهن إلى طرق التربية الإسلامية الصحيحة النافعة التى تضمن لأبنائهن النمو الجسمي والعقلي، وتجنبهم الإسراف الصحي والنقص العقلي .
4 - العمل على صبغ البيت بالصبغة الإسلامية ، وبث تعاليم القرآن الكريم والسنة المطهرة، وسيرة أمهات المؤمنين وفضليات النساء، ممن حفل بهن التاريخ الإسلامى المجيد .
5 - محاربة البدع والخرافات والأباطيل والترهات والأفكار الخاطئة والعادات السيئة التى تنتشر وتروج بينهن .
6 - نشر الثقافة والمعارف التى تنير عقولهن وتوسع مداركهن .
7 - الاهتمام بالشئون المنزلية لتجعل من البيت مكانا سعيدا يضم أسرة هانئة على أساس فاضل سليم .
8 - المساهمة في المشروعات الاجتماعية النافعة بالقدر الذى يتناسب مع ظروفهن وجهودهن في محيطهن، ومن هذه المشروعات :
المستوصفات، ودور الطفولة ورعاية اليتامى، وأندية الصبيان والمدارس،
وتنظيم مساعدة الأسرة الفقيرة ...
وتوضع لكل مشروع لائحة خاصة، وتؤلف له هيئة إدارية، تنهض به، وتشرف عليه، طبقا لأحكام القانون ذى الرقم 41 لسنة1945م ، وتسجل بوزارة الشئون الاجتماعية .
9 - المعاونة في حدود ظروف الأخوات وجهودهن في تحقيق البرنامج الإصلاحي الأساسي لهيئة الإخوان المسلمين العامة .
أما الهيئة التأسيسية للأخوات المسلمات، فتتألف من الأخوات العاملات بالقاهرة والأقاليم إلى هذا التاريخ 1951م وعددهن خسون أختا، ومن يزدن بعد ذلك، بحسب نصوص النظام الأساسى المقررة فيه .
ويسير نظام الأسر في قسم الأخوات على النظام العام للأسر فى الإخوان الذى تنظمه لائحة خاصة به .