- تنامي الدور الإصلاحي الإخواني يقلق أهل الفساد في الداخل والخارج

- فشل النظام في مواجهة الإخوان على المستوى الشعبي يدفعه إلى مواجهتهم بالاعتقال والمحاكم الاستثنائية

- نسعى دائمًا إلى مواجهة حالة الانسداد السياسي بالنضال الدستوري

- لو صحَّ ما يتمّ نشره عن خلافاتنا الداخلية لانتهت الجماعة منذ زمن

- أعددنا برنامجًا حزبيًّا إسلاميًّا بإرادتنا.. فلماذا نتخلى عنه أو نتبرَّأ منه أو من ثوابته؟!

- نرفض التقدم بأوراق لتأسيس حزب وندرك أن كل مسألة لا ينبني عليها عمل فهي من اللغو الذي نُهينا عنه شرعًا

- النظام وأمنه يصرُّون على إقصاء أي خصم حتى لو كان من غير الإخوان

- عجز النظام والفساد وزواج السلطة والمال.. من عوامل شلل الحياة المصرية

- لا نغازل الأمريكان أو غيرهم؛ لأن ذلك معناه أن نكون أدواتٍ في يد الغير.. وهذا مستحيل

 

أجرى الحوار- عبد الجليل الشرنوبي:

مما لا شكَّ فيه أن تنامي الحملة الإعلامية- ومعها الأمنية- ضد الإخوان المسلمين؛ يشير إلى أن هناك حالةً من حالات الاستنفار ضد الجماعة التي باتت مع بعض فصائل المعارضة المصرية حائط الصد الباقي ضد الاستبداد والفساد المسيطرَيْن على الحالة المصرية، هذا على مستوى الداخل، أما على مستوى الخارج فالمد الإسلامي بما يمثله من حجر عثرة في مواجهة المشروع الصهيوني الأمريكي وأحلامه في السيطرة على العالم عامة والمنطقة العربية والإسلامية خاصة.

 

لكن إلى أي مدى يستطيع الإخوان الصمود؟ وهل من الممكن أن يقبلوا أن يكونوا أحد أوراق الصفقة السياسية داخليًّا؛ لتمرير التوريث أو للسكوت عن سيناريو ما يتم إعداده للوطن؟!، وكذا خارجيًّا ما هي قدراتهم كجماعة إصلاحية ليستطيعوا مواجهة عولمة الحملة ضد كل ما هو إسلامي؟

 

هذه الأسئلة وغيرها الكثير تُلقي نفسها في طريق "الإخوان المسلمين" لقياس مدى قدراتهم على مواصلة السير في طريق النهضة المنشودة، مع مواجهة تحديات الواقع بضغوطه التي تتكاتف وتتكاثف، بآلية يرى البعض أنها تؤثر سلبًا على مسيرة الجماعة.

 

حمل كاتب هذه السطور هذه الحزمة من الملابسات إلى المشرف على الملف السياسي للجماعة وعضو مكتب الإرشاد بها الدكتور محمد مرسي، وكان لا بد من الخروج من الحوار بمواقف واضحة بما يضمن صياغة إعلامية لحركة الجماعة.

 

 الصورة غير متاحة

عدد من معتقلي الإخوان في مجموعة الـ13

* أنتم الآن متهمون بأنكم تكوِّنون بؤرًا للعمل في الخارج وتوسِّعون دوائر نشاطكم، وهناك 13 من قادة الجماعة في السجن حاليًّا تحت لافتة هذه الاتهامات؟

** 13 من أشرف رموز هذا البلد اعتقلتهم قوات الأمن عندما عجزت عن مواجهة الفساد المستشري في البلاد والفاسدين الذين يرتعون في البلد ويحملون خيراته إلى خارجه، وعندما لم يستطِع الجهاز الأمني تعقُّب المجرمين الحقيقيين في مصر راح يُزوِّر التهم كعادته، ويدَّعي أن هؤلاء يمثلون خطرًا على أمن الوطن؛ بل على العالم كله، أي كوميديا هزلية هذه التي ما زال يمارسها الأمن المصري مع الإخوان؟ أعتقد أنه كان أشرف للنظام أن يواجه الانتشار الإخواني في ساحاته الحقيقية، سواء في البرلمان أو في النقابات أو عبر صناديق الاقتراع، بدلاً من الهروب إلى الاعتقال والحبس والمحاكم الاستثنائية؛ لكن من تربى على خدمة الاستبداد لن يجد نفسه بعيدًا عنه، ومن مصلحته استمراره ومن صالحه أن يشوِّه صورة الشرفاء ومَن ينادي بالإصلاح.

 

* عفوًا.. ألا ترى أن عمومية إجابتكم تتناقض مع تصريح الإخوان بأنهم موجودون في عدد كبير من دول العالم؟

** نعم الإخوان المسلمون موجودون فى هذا العدد الكبير من الدول؛ ولكنَّ هناك فرقًا بين وجود الفكرة والمنهج؛ وهو المنهج الإسلامي الصحيح الكامل والعمل به، وبين تحكُّم التنظيم في حركة أصحاب الفكرة في أوطانهم، وما يعرفه كل منصف مُتابع لحركة الإخوان أنهم مواطنون في أوطانهم يؤمنون بأن حبَّ الأوطان من الإيمان، وأن الإخلاص للوطن عبادة، وأن الحرص عليه وحمايته والذَّود عنه بالغالي والنفيس قربى لله تعالى، وبالتالي فانتماؤهم للإسلام راعٍ للولاء للوطن بدستوره وقانونه وحقوق المواطنة فيه.

 

وما يجب أن يكون واضحًا للجميع هو أن الإخوان المسلمين هيئة إسلامية جامعة، ولأنها كذلك فهي عالمية بطبيعتها وبتكوينها المنهجي، ولا تعمل لحساب أحد، ولا تنحاز إلى شرق أو غرب، ولا تحدها الحدود المصطنعة التي أوجدها- في العالم العربي والإسلامي على وجه الخصوص- المستعمر المعتدي منذ مئات السنين، والعمل للإسلام شرف والانتماء إليه عز ومنعة، ومن يفعل ذلك ويضحي من أجله إنما يتوجه به لله، ويحتسب كل الأمر عند الله سبحانه وتعالى.

 

 الصورة غير متاحة

أبو الفتوح والكتاتني والحسيني

* لكن الاتهامات التي وجِّهت إلى التنظيم ضمَّت هذه المرة إلى جانب عضو مكتب الإرشاد المقبوض عليه 3 من أعضاء المكتب (د. عبد المنعم أبو الفتوح، د. سعد الكتاتني، م. سعد الحسيني) هل يمكن اعتبار التلويح بضمهم للقضية بدايات مساومة ربما الهدف منها انتخابات البرلمان 2010 أو أمرًا آخر في كواليس الحياة السياسية المصرية؟

 ** لو سلمنا بأن كل قضية يتم حياكتها وتزويرها ضد الإخوان يمكن أن تنظر إليها الجماعة على أنها مساومة لكان معنى هذا أن قرار الإخوان ليس مستقلاًّ؛ فخلال أكثر من نصف قرن وهم ملاحقون ومحبوسون ومعذبون، ينتقلون من أمن سياسي إلى أمن دولة، ومن سجون حربية إلى محاكم عسكرية، فلم يفتَّ ذلك في عضد الجماعة، ولم تتوقف عن مسيرتها السلمية المؤثرة.. إن مثل هذه المزاعم الساذجة ما هو إلا سراب وإفلاس لصانعيها و"مانشيتات" للاستهلاك الإعلامي، ولشغل الرأي العام عن حقيقة الفساد والمفسدين.

 

* في إطار هذا الجوِّ الملبَّد بالغيوم القمعية إلى أين وصل مشروع "الإخوان المسلمين" الإصلاحيِّ في مصر، خاصةً مع الحركة الدائمة لنصرة فلسطين، والوقوف ضد تهويد القدس، وهدم الأقصى، وإغاثة غزة وإعادة إعمارها، ودعم السودان، ومؤازرة العراق، وغير ذلك من القضايا التي طرحت نفسها على الساحة العربية والإسلامية والعالمية، إضافةً إلى القضايا الداخلية التي تفتح كل يوم جبهة جديدة؟

** أعتقد أن كل ما تحدثت عنه من مفردات في سؤالك يصبُّ في خانة حتمية استمرار مشروع الإخوان المسلمين الإصلاحي وتنميته، وتنويع مساراته، بين دعم للحركة في الداخل وإحياء لقضايا المناصرة على المستوى الخارجي؛ لتعلو روح الأمة الواحدة وتسود، وهذا هو ما يقلق الاستبداد وأهل الفساد، فيوجه ضربات للإخوان، سواء عبر الإعلام المزيَّف أو بالحملات الأمنية الآثمة؛ ظنًّا منهم أن قناة الإخوان المسلمين ستلين، ويتركون واجب الدعوة إلى الله، وبالتالي لا غرابة في أن تجد الصهاينة يهاجمون الإخوان، وبعد كل هجوم تجد حملة أمنية ضد أعضاء الجماعة، وكأن هناك اتفاقًا على أن مسيرتنا صوب قضايا الداخل والخارج تقلق الأعداء في الخارج والمفسدين والمستبدين بالداخل، ولكن من فضل الله على جماعتنا أن تسيير أعمالها وتطويرها لا يتأثر بغياب بعض أعضائها أو قياداتها، بل تنصهر فيها كل طاقات الجماعة لتسدَّ الثغرات التي تظهر بطريقة مؤسسية.

 

* مع كامل تقديري لما قلت، إلا أنَّ هذا لا يرد على من يقول بأنَّ هناك تراجعًا حقيقيًّا في أداء الإخوان السِّياسيِّ في الشَّارع، باستثناء أحداث غزَّة بطبيعة الحال، ويرجع هذا التراجع إلى نجاح سياسة النظام في حصار الجماعة سياسيًّا وإعلاميًّا وأمنيًّا!.

** كما قلت مسبقًا: وضع الإخوان المسلمين كدعاة للإصلاح لم يتغير، والعمل مستمر في كافة المجالات التربوية والسياسية والشعبية، وعلى الرغم من كل الحملات الإعلامية المشكِّكة في حركة الإخوان والمشوهة لصورتهم؛ إلا أن هؤلاء لا يعرفون قيمة الجهاز الإعلامي الذي تمتلكه الجماعة والمتمثل في أعضائها وحركتهم الدءوب في المجتمع، والتي- بفضل الله- تؤدي إلى تحسين صورتهم في الشارع بالمعايشة، ومن ثم لا تجد مثل هذه الأسئلة إلا في وسائل الإعلام المغرضة، أما على مستوى الجمهور فنحن نتحرك بإعلامنا البشري، موجِّهين رسالتنا صوب الأمة بكل مكوناتها.

 

* أتفق معك فيما يخص الشارع عمومًا، غير أن ما أقوله سؤال مطروح في الشارع النخبوي والثقافي.

** لا شك أن هؤلاء يعرفون كم قدَّم الإخوان من بذل وتضحية بحركتهم مع باقي أبناء الوطن وأحداث غزة، ومن قبلها انتخابات مجلس الشعب في دورتي 2000 و2005م، وانتخابات المحليات والشورى والتعديلات الدستورية، ومن قبلها تعديل المادة 76، والإخوان يدفعون من أقواتهم وعائلاتهم وأبنائهم، ويتعرضون للحبس والاعتقال والتعذيب والقتل والسجن بأحكام صادرة من محاكم عسكرية جائرة.. ألا يعتبر كل هذا ضريبةَ الوجود، والسير على درب الإصلاح، وهو ما نبذله عن طيب خاطر في سبيل الله ولاستنهاض همم أبناء الوطن، ولا ننسى أيضًا حالة الانسداد السياسي الحالية التي تشمل كل القوى والتيارات السياسية، والإخوان المسلمين جزءٌ من هذا النسيج، ويسعون إلى تطوير حركتهم السلمية لتواكب ظروف المرحلة.

 

* وفي مقابل حالة الركود السياسي العام هناك حملة روَاج إعلامي تتعلق بخلافات داخل المكتب والأخرى بصراعات وإقصاءات و.. و..؟

** الإفلاس والانسداد السياسي هو الذي يؤدي إلى التدنِّي في أداء بعض وسائل الإعلام؛ فتسعى للتشويه، والبعض الآخر يسعى للتسويق الإعلامي بالزجِّ باسم الإخوان في سوق الميديا؛ لكن يبقى السؤال المطروح هو: كم من خلاف وانشقاق تحدث عنه الإعلام خلال تاريخ الإخوان؟!، ولو كانت هذه المزاعم صحيحة لما بقي من الإخوان شيء، ولكن الواقع يكذب كل ذلك، فثقة أعضاء الجماعة بكل مستوياتهم في قيادتهم تردُّ- وبكل قوة- على هذه الشائعات.

 

 الصورة غير متاحة

د. مرسي أثناء الحوار

وخلال السنوات القليلة الماضية ظهر بكل وضوح التفاف أبناء الجماعة حول قيادتهم في مواقف عديدة، منها: دخول انتخابات مجلس الشعب والشورى، والمحليات، وبرنامج الإخوان.

 

* لكن مستويات الجماعة التي تتحدث عنها يا دكتور، وغيرها من مستويات المهتمِّين بالإخوان، تداهمهم الأسئلة عن الإخوان ومستقبل رؤاهم السياسية ومواقفهم من الآخر، وهذا كله في إطار التساؤلات حول مستقبل برنامج حزب الإخوان الذي ظهر واختفى!.

** من قال إن البرنامج اختفى؟! ولماذا يختفي ما دام الإخوان أعلنوا عنه؟ وهل لو كانوا لا يريدون الإعلان عنه فلماذا أعدُّوه من الأصل؟! هذه كلها ادعاءات غير صحيحة، وقد يكون بعضها مغرضًا ومضللاً.

 

* لا يوجد للبرنامج أي أثر، اللهم إلا من خلال ما يُشاع عنه في الصحف؟!

** لقد مرَّ البرنامج بمراحل عديدة من المراجعة، بعد الإعلان عن قراءته الأولى؛ حيث تم خلالها جمع كل التعليقات التي وردت، والتي تم نشرها في الصحف وفي المواقع المختلفة، سواء في ذلك أكان مصدرها الإخوان أو المتابعين والمهتمين وأصحاب الرأي والمتخصصين، حتى المتحاملين، وعُقدت كذلك ندوات وجلسات كثيرة، ولقد دخل مؤخرًا مراحله النهائية؛ حيث الصياغة النهائية لهذا البرنامج.

 

* هل معنى هذا أن الروح العامة للبرنامج اختلفت؟

** هذا البرنامج صدر عن الجماعة بعد مروره بالمستويات الشورية المختلفة، واعتماد القراءة الأولى منه، ووضع الكثير من النقاط على الحروف في القضايا العامة، وبالتالي فالعدول عنها غير واردٍ؛ لأن هذا برنامج إصلاحي في كافة المجالات يرتكز على المنهج الإسلامي، كما نفهمه ونرتضيه، ولا نفرض ذلك على أحد ولا نجبره عليه، وإنما ندعو الجميع لدراسته لمعرفة ما فيه، ثم يقرر كلٌّ لنفسه بعد ذلك ما يشاء.

 

* إذن هل يعني استمراركم في الانتهاء من برنامج الحزب أنكم تنظرون إلى المستقبل بنظرة أمل؟

** مما لا شك فيه أن مصر تمر بأزمةٍ حقيقيَّةٍ، ولكن الإخوان لا يعرفون اليأس، ويرون في الأمل عبادة تؤكد قدرة المسلم على الإصلاح والتغيير، ولذلك فإن الإخوان موجودون في كل حركة للشعب، وفي كل جهد يبذل لفتح أبواب الحرية للشعب المصري، ونعتقد أن حق الأمة في الحرية دون وصاية من أحد فريضة، ويؤدي إلى الاستقرار الأمني والسياسي وإلى التنمية الحقيقية في شتى المجالات الاقتصادية والاجتماعية، ويحقق المنظومة القيمية لهذه الأمة التي يأتي على قمتها الحق والعدل.

 

ويرى النظام في ذلك خطرًا يهدد وجوده، ومن ثم يسعى إلى تقييده عبر بعض التشريعات الجديدة التي تقلِّص فرص الإصلاح والحوار، مثل: مشروع قانون الإرهاب الجديد، وقانون الانتخابات الجديد، ودسترة إقصاء القضاء عن الصندوق الانتخابي والتعديلات الدُّستوريَّة التي تمثل اعتداءً على الحريات العامة وعلى الممارسة السِّياسيَّة والديمقراطية، وغيرها من مُحدِّدات وضعتها الدَّولة للعبة السِّياسيَّة في السنوات الأخيرة، لإقصاء كل خصم- حتى ولو كان من غير الإخوان المسلمين- عن أيِّ انتخاباتٍ.

 

* هل الأمل في الإصلاح والتغيير يمكن أن يدفعكم إلى التقدم للجنة شئون الأحزاب لتأسيس حزب للجماعة؟

** نحن نفرِّق بين الأمل في الإصلاح والتغيير والعمل له وعدم اليأس.. وبين إنفاق الوقت في غير جدوى، والسعي خلف سراب، ونفهم أن كل مسألة لا ينبني عليها عمل فالخوض فيها من التكلف الذي نُهينا عنه شرعًا، ونعرف أن الحزب وسيلة وليس غاية، وأن العمل في إطار الإصلاح لا يعني اتباع وسيلة واحدة، أو التسليم بالطريق الذي يختطه النظام القمعي الديكتاتوري لوأد الفكرة وتجميد الحركة في هذا المسار، ونحن عندما بدأنا في إعداد البرنامج كانت رؤيتنا واضحة وأعلناها "لن نتقدم به للجنة شئون الأحزاب.. لن نعلن عنه من طرف واحد"، وهذا هو الرأي الذي أقره ووافق عليه الإخوان، ولم يحدث ما يدعوهم إلى التراجع عنه.

 

 الصورة غير متاحة

د. محمد مرسي يحلل الوضع الراهن في حواره لـ(إخوان أون لاين)  

* هل تعتقد أن أزمة النظام الحالية سببها عدم وضوح الرؤية والصراع على خلافة الحكم؟

** هذا من ضمن الأسباب، لكنه ليس كلها؛ فاستشراء الفساد، والتداخل الحادث بين السلطة والمال، وزيادة سطوة رجال الأعمال، وقربهم من مراكز صناعة القرار، وزيادة سطوة الأمن.. أصاب البلد بحالة من الركود والانسداد السياسي والانهيار الاقتصادي، وهذا كله يصبُّ في خانة الأزمة الراهنة التي تحياها البلاد، ويضعف دولتها داخليًّا وخارجيًّا.

 

* لكن التحليلات التي تلت زيارة أمين لجنة السياسات لأمريكا تربط بين حدوث سيناريو انتقال السلطة ومباركة الجماعة لذلك مقابل السماح للجماعة بالوجود القانوني؟

** هذه التحليلات تحمل رأي أصحابها، ولا تعبِّر عن رأي الجماعة من قريب أو بعيد، ونرفض مثل هذه التحليلات، ونعتبرها مزايدةً، وتصبُّ في مصلحة أعداء الوطن، ومثل هذه التحليلات تمثل انقلابًا على كل المكتسبات التي تحقَّقت في الحياة السياسية المصرية خلال الفترة السابقة.

 

* الإخوان متهَمون بـ"التقرب من الأمريكان"، وربما "مغازلتهم"، وأحيانًا البحث عن باب للتلاقي معهم.. فما مدى صحة هذه الاتهامات؟

** موقف الإخوان المسلمين من الأمريكان واضح، ولا لبس فيه، فالإدارات الأمريكية المتتابعة- ومنذ عقود طويلة وحتى اليوم- تسير في اتجاه العداء السافر والمكشوف للعرب والمسلمين، وتطلب من العرب والمسلمين أن يقدِّموا دائمًا التنازلات، ويخضعوا للابتزاز الصهيوني الأمريكي، ويتحمَّلوا العدوان المستمر من قِبَل الجيوش الصهيونية والأمريكية، فالإخوان- وهم يرفضون كل ذلك ويقاومونه ويدعمون ويتعاونون مع كل من يدعمه- يُحمِّلون النظام الأمريكي المسئولية عن كل هذه الجرائم التي ارتُكبت وما زالت تُرتَكَب في حق الشعوب العربية والإسلامية، بل وفي حق الإنسانية كلها، فأي تقارب أو حوار يمكن أن يحدث مع نظام هذا حاله وذاك تاريخه الملطَّخ بدماء الأبرياء في كل مكان، وعلى من يتقوَّل على الإخوان بمثل هذه الادِّعاءات أن يذكِّرنا بلقاء أو اجتماع أو بيان رسمي أو تصريح لأيٍّ من مرشدي الجماعة ظهر فيه هذا الغزل المزعوم للأمريكان.

 

* ألا تتفق مع من يرى أن الأمريكان يتعاملون مع الإخوان معاملة خاصة، ولم يضعوهم على قوائم الإرهاب كما فعلت روسيا مثلاً، وبالتالي فهم حريصون على عدم غلق الباب مع الإخوان؟

** الأمريكان لا يريدون تواصلاً مع أحد ولا حوارًا جادًّا، إنما يريدون فرض نفوذهم والاستحواذ على الآخر، إن ثقافة التعامل مع الآخر لدى الأمريكان تعتمد على خطاب من طرف واحد، وهم يفعلون ذلك مع الكثير من الأنظمة العربية والإسلامية، والسياسة الأمريكية تعمد لتوظيف طاقات الغير بما يخدمها ويدعم أجندتها، وبالتالي فلا يمكن النظر إلى علاقتهم بنظام أو جماعة بنظرة مجردة؛ بل هي محكومة دومًا بما يريدون لا ما يريد الطرف الآخر، والإخوان فطنون إلى هذا جيدًا، ولن يقبلوا أن يكونوا أدوات في أيدي الأمريكان أو غيرهم في يوم من الأيام، فضلاً عن أننا نؤمن بأن أي إصلاح أو تنمية لأمتنا لن يحدث إلا بأيدي أبناء هذه الأمة وتضحياتهم.