حمَّل محللون ماليون وخبراء مصرفيون الحكومة المصرية مسئولية تهاوي البورصة، والخسارة الفادحة التي تكبدتها ووصلت إلى أكثر من 70 مليار جنيه خلال اليومين الماضيين.

 

وأكدوا لـ(إخوان أون لاين) أن عمليات البيع التي انتهجها المستثمرون كانت هي الحل الوحيد للردِّ على الصمت الحكومي على مطالب المتظاهرين؛ ما دفع أصحاب رءوس الأموال إلى الخروج بأقل الخسائر، خوفًَا من تكرار سيناريو تونس من جديد.

 

وكانت البورصة المصرية سجلت، اليوم، ثاني أكبر تراجع لها في تاريخها؛ حيث هبط مؤشر البورصة الرئيسي "إيجي إكس 30" -الذي يقيس أداء أكبر 30 شركةً مقيدة- بنسبة 10.5% ليصل إلى 5646.50 نقطة، كما تراجع مؤشر الأسهم الصغيرة والمتوسطة "إيجي إكس 70" بنسبة 15.42%، ليصل إلى 537.17 نقطة، وفقد مؤشر "إيجي إكس 100" الأوسع نطاقًا 14.2% مسجلاً 884.79 نقطة.

 

وقام عددٌ كبيرٌ من المستثمرين الأجانب والعرب بعمليات بيع كبيرة، خوفًا من تداعيات الأحداث التي تشهدها مصر، واستمرار المظاهرات الشارع المصري؛ لتصل الخسائر الإجمالية ما يقرب من 64 مليار جنيه.

 

واستمر المستثمرون الأجانب في عمليات البيع المكثفة، واستحوذوا على 27.86% من إجمالي التعاملات، وحققوا صافي بيع بقيمة 52.5 مليون جنيه، في حين استحوذ المصريون على 65.04%، وحققوا صافي شراء بقيمة 108.04 مليون جنيه، ومثل العرب نحو 7.1%، وحققوا صافي بيع بقيمة 55.4 مليون جنيه.

 

في الوقت نفسه، تراجع الجنيه المصري إلى أدنى مستوى له منذ 6 سنوات أمام الدولار الأمريكي، نتيجة لضغوط الطلب على العملة الأمريكية، لتسجل أعلى ارتفاع منذ 6 أشهر، وسجل سعر شراء الدولار 5.84 جنيهات مقابل 5.86 جنيهات للبيع؛ حيث يمثِّل سعر اليوم أدنى مستوى للجنيه المصري منذ فبراير 2005م.

 

رد فعل

وأكد محمد نور، المحلل المالي ببنك مصر إيران، أن الهبوط الذي شهدته البورصة المصرية يعد رد فعل طبيعي بعد حالة الاضطراب التي تشهدها مصر والمنطقة العربية برمتها، والتي بدأت بالسودان وتونس والأردن ومصر، وانتهت باليمن.

 

وأضاف أن أغلب المستثمرين الأجانب والعرب وبعض المصريين تأثَّروا نفسيًّا بهذه الاضطرابات، وفضَّلوا الخروج بأقل الخسائر؛ وهو ما دفعهم للبيع بأي ثمن، مشيرًا إلى أن الدعوات التي ظهرت للمظاهرات أثَّرت كثيرًا على حركة التعاملات، وزادت من رغبة البيع.

 

وانتقد عدم وضوح الرؤية لدى المستثمرين؛ نتيجة حالة الصمت الحكومي على الشائعات التي ترددت خلال الأيام الماضية، فضلاً عن عدم تحركها بأي تصريحات لتهدئة الأوضاع الملتهبة في مصر.

 

وأضاف: "إذا استمر الأمرُ على ما هو عليه دون معالجة سياسية سيؤدي إلى تآكل أموال المستثمرين، وتراجع حجم الاستثمارات؛ ما يؤدِّي في النهاية إلى تراجع سعر الجنيه المصري"، مطالبًا بمعالجة سياسية سريعة، والعمل على تحقيق المطالب المشروعة لدى المواطن المصري؛ لإنقاذ ما يمكن إنقاذه.

 

وحذَّر من تعرض نسب النمو المحققة على مدار الأعوام الماضية للانهيار، إذا لم يتم الحفاظ على مناخ الاستثمار ورءوس الأموال.

 

أزمة تراكمية

وأرجعت بسنت فهمي، الخبيرة المصرفية، ما حدث في البورصة خلال اليومين الماضيين إلى عدم الاستقرار في مصر وجزء مما يحدث في العالم بأثره، والتي حوَّلت الأزمة المالية العالمية إلى أزمة اقتصادية، فشلت الأنظمة في حلِّها للتحول إلى أزمات اجتماعية.

 

وقالت إن هذه الأزمات تفشت في مصر وعدد من الدول العربية؛ نتيجة وجود أزمات اجتماعية من الأساس، كالعشوائيات والبطالة والفقر وانخفاض مستوى الفرد في هذه البلاد؛ ما ضاعف من حجم وتأثير الضربة، عكس البلاد الغنية التي لا تعاني من هذه الأزمات كدول الاتحاد الأوروبي التي استطاعت فيها اليونان وإنجلترا والسويد استيعاب هذا "الهيجان" بصورة سلمية دون تأثير كبير.

 

وأشارت إلى أنه رغم وجود نسبة نمو تصل إلى 5.6% إلا أن مصر لا تشهد تنمية، وأن هذا النمو في أيدي عدد معين من الشعب، ويبقى العدد الأكبر دون خدمات سكنية أو طبية؛ وهو ما ظهر في عدم قدرتها على دعم سوى رغيف العيش.

 

وأوضحت أن الصمت الحكومي مع "مظاهرات الغضب" دفع المستثمرين إلى الهروب؛ خوفًا من الخسائر في حال تكرار سيناريو تونس من جديد في مصر، على الرغم من أن النظام كان يستطيع احتواء الأزمة، ولو بالموافقة الشفهية على مطالب المتظاهرين، كبدء التحقيق مع الضباط المتورطين في التعذيب، وإصدار قرار بإلغاء قانون الطوارئ، والإفراج عن المعتقلين، ورفع الحدِّ الأدنى للأجور.