الغالبية من الفلسطينيين متفائلة بالاتفاق الفلسطيني- الفلسطيني. وإذا كنا ننحاز مع الغالبية المتفائلة فإن ذلك لأننا نرى أهمية مثل هذا الاتفاق في توحيد الجهود من أجل انحسار الحصار، وتحقيق الحلم الفلسطيني في دولة فلسطينية عاصمتها القدس.

 

وإذا كان مجديًا البحث في أسباب ودواعي هذا الصلح بعد أن كان متعثرًا لأعوام خلت؛ فإننا لا بدَّ أن نقرَّ بأن هذا الصلح هو هدية ثورة شباب مصر للشعب الفلسطيني، بعد أن تعافت مصر من الضغط الأمريكي الصهيوني، وبعد أن كانت ترعى تعطيل الاتفاق الفلسطيني، فإنه يأتي كذلك نتيجة الحركة الدءوبة التي قام بها الشباب الفلسطيني من أجل إنهاء الانقسام، وربما يأتي هذا الاتفاق لإبعاد شبح الفكرة التي أثبتت من خلال الثورات التي قامت بالدول العربية أن الشعوب باتت أكثر حكمةً من قادتها، وربما هو الطريق المسدود الذي وصل بنا كأطراف إلى أن ننسى من هو عدوُّنا الحقيقي والمتربِّص بنا، وقد تكون تلك التحولات والثورات على الساحة العربية هي الباعث لهذا الاتفاق، وقد يكون كمُّ التغيُّرات الكبير في الأجندات وفي الأروقة المؤدية إلى المطابخ السياسية، وقد يكون تكريس الاحتلال وترسيخ "الاستيطان" وحصار غزة؛ أسبابًا لا بد أن تكون وجيهةً لأي عاقل في ترك هذا الخلاف.

 

من أجل ذلك علينا ألا نترك مجالاً للشيطان لأن يدخل بالتفاصيل فيعبث بالشكليات ويثنينا عن الوصول إلى الأشياء المهمة، وعليه فإن مهمة رعاية هذا الاتفاق تقع علينا جميعًا، دولاً وشعوبًا وأمةً عربيةً؛ ليبقى الصف الفلسطيني شعبًا واحدًا وهدفًا واحدًا وسلطةً واحدةً.

 

لا نريد أن نفكر بالأطراف التي لا ولم ترحِّب بالاتفاق، وأخذت جاهدةً من لحظة الإعلان في إفشال هذه المصالحة، بل نريد ترتيب الأوراق الفلسطينية على قلب واحد بتغليب مصلحة الوطن على المصالح الشكلية؛ لأن استمرار هذا الصلح واستثماره سيؤدي حتمًا إلى تحقيق المشروع الفلسطيني في قيام دولته الفلسطينية، وإن غدًا لناظره قريب، كأمة أصبحت تتحمَّل مسئولياتها.