مع اقتراب نهاية المرحلة الانتقالية المتحكم فيها المجلس العسكري بشكل كامل في أركان الدولة، وهو اليد الطولى في البلد, لم يغب عن بال الكثيرين توجسات وتخوفات من ردة فعل المجلس العسكري، خاصةً بعد الكوارث التي تلاحقت في الفترة الأخيرة كسفر المتهمين في قضايا التمويل الأجنبي ومذبحة بورسعيد وغريها، مع وجود حكومة لم يشعر المواطن معها ولو للحظة بالتغيير، والتي أصابت البلاد بالشلل الكامل.

 

مع كل ذلك وهذه الحالة المُزرية لم يغب دور إعلام أفَّاك وعقولٍ تعبث بالفكر والعقل, وهذا تراه واضحًا جليًّا في معظم برامج (التوك شوز) فلا ترصد إلا كل ما هو سلبي ومُحبط للمواطن أيًّا ما كان مهتمًّا أو غير متهم, متابعًا أو غير متابعِ.

 

لا يعني ذلك مطلقًا أن نتغاضى عن إبراز الظواهر والحالات السيئة أو الخاطئة والسعي في إيجاد الحلول, لكن ما تكتشفه حقيقة في مثل هذه البرامج- أو قُل الإعلام بشكل عام- هو المنهجية والتنظيم لإفشال أي مسعى من قِبَلِ أي مُخلص ينحو نحو الخير والإصلاح وعدم تغطيته إعلاميًّا بالشكل المطلوب، وكأن شيئًا لم يكن, وذلك يبدو بالأخص في مجلس الشعب، فلا يعبأ الإعلام بقوانين وتشريعات في غاية الأهمية لصالح الشعب، كإلغاء قانون محاكمة المدنيين عسكريًّا, والاستدعاء المتكرر للوزراء في سابقة لم تحدث منذ عقود طويلة ورجوع الحوالات الصفراء بعدما فقد أصحابها الأمل في رجوعها ثانيةً هذه واحدة, أما الثانية فتكمن في تعامل الإعلام مع مجلس الشعب, وكأنه السلطة الحاكمة المُتحكمة، وهو المُنفذ والمُشرع والقاضي الفاصل, صار مجلس الشعب هو المسئول الأول والأخير عمَّا يجري في البلاد من فوضى أمنية ورجعية اقتصادية, وذلك- بالطبع- يقودنا للحديث عن الهجمة الشرسة التي يشنُّها الإعلام على الإسلاميين الذين يسيطرون بأغلبية في المجلسين, فلا هم َّللإعلام إلا الحديث عن فكر الإسلاميين والحكم الديني وعن المصالح الشخصية وعن الأفراد والقيادات التي انشقت عن جماعة الإخوان المسلمين بعدما رأوه من إيثار مصلحة الجماعة على مصلحة الوطن.

 

والآن يصير الجدل عن استئثار الإخوان بتشكيل الجمعية التأسيسية لكتابة الدستور, حين يكون تشكيل الإسلاميين داخل اللجنة بنسبة 48% وبقية الاتجاهات السياسية والفكرية بنسبة 52% فذلك استحواذ واستئثار! أي سخف هذا؟! وكأنها صارت تهمة أو ذنبًا أنك تُشكل أغلبية في عالم السياسة!.

 

أخيرًا إن الأمل والمثابرة ما زالا يلمعان في الأفق, وسيُكمل المخلصون العاملون الطريق حتى تنهض البلاد وتكون في مقدمة الأمم.
فإلى العاملين المخلصين: "لا يُضيركم ضجيج الزحام ولا تُرهبنَّكم حرب الإعلام".

 

وكما قال الشاعر:

ما يضير البحر أمسى زاخرًا      أن ألقى فيه غلام بحجر