في يقيني أن أم المصائب في مصر كلمة اسمها "الاحتكار"، وقبل شرح ما أعنيه أقول إن هناك علاقة وثيقة بينها وبين كلمة "الاحتقار"!.

ولاحظ حضرتك التشابه الكبير بينهما، والمؤكد أنك اعتبرت كلامي هذا يدخل في دنيا العجائب وسألتني: "يعني إيه؟ عايزين تفسير لما تقوله".

وأقول باختصار إن الاستبداد السياسي الجاثم على أنفاسنا وقوامه حكم العسكر، يقوم على "احتكار" مصر لصالحه وينظر إلى كل من يعارضه "باحتقار"، خذ عندك مثلا الإعلام.. إنه تحت السيطرة الكاملة للدولة حتى القطاع الخاص منه، والصحافة أو صاحبة الجلالة سابقا رجعت إلى الوراء مليون سنة، فهي في أسوأ أوضاعها، وعليها رقابة مشددة كما يحدث دوما في ظل حكم الفرد، فلا تسمع إلا الصوت الواحد المؤيد للديكتاتورية، "ومفيش أصوات معارضة خلاص في الصحافة والإعلام" كما كان يحدث أيام مبارك، ويتم النظر إلى أصحابها "باحتقار"،  والعديد منهم "نفدوا بجلدهم" كما يقول المثل العامي وهاجروا من مصر كلها!.

والحياة السياسية في بلادي تم تأميمها لصالح حكم العسكر، والأحزاب السياسية كرتونية والناس لا تعرف أسماء قادتها، ويا ويل من يعترض.. السجن في انتظاره، فهو إنسان "محتقر"، وجدير بأن يذهب وراء الشمس، ولكم العبرة في العديد من الناس الشرفاء خلف القضبان حاليا!.

وأجهزة العدالة في بلادي أصبحت في قبضة حكم العسكر هي الأخرى، وقائد الانقلاب يقوم بتعيين القيادات القضائية على اختلاف أشكالهم. والجامعات هي الأخرى تحت السيطرة الكاملة، وفي الكثير من الأحيان نجد الاستبداد السياسي يقوم بتنفيذ القانون على هواه، كما رأينا في الهجمة البربرية التي وقعت مؤخرا على كبائن المنتزه بالإسكندرية، فهو ينظر إلى أصحابها باحتقار، وتسوية ما يملكونه بالأرض أمر ليس فيه غضاضة.

والحكم العسكري ينظر إلى كل ما هو مدني "باحتقار"!، وهذا ما تجده واضحًا جدًا في بلادي، فالجيش استولى على الحياة المدنية، وتراه في مختلف المشروعات المدنية التي لا صلة له بها، مع أن في مصر العديد من الشركات الكبرى القادرة على تنفيذ تلك المشروعات، لكن الحاكم المستبد لا يثق إلا في القوات المسلحة. وبعد ذلك يزعم أنه يشجع القطاع الخاص.. عجائب!.