في الأسابيع الأخيرة، قامت الهند صديقة الحياد الإيجابي وعدم الانحياز على عهد جواهر لال نهرو ببعض الخطوات العدائية ضد المسلمين على المستوى العام والفردي.

أولاً: ألغت قرار الأمم المتحدة المتعلق بجامو وكشمير، وأغلقت الباب في وجه الحل السلمي للإقليم المتنازع عليه، وتبع ذلك اعتقال أعداد كبيرة من المسلمين وقياداتهم، وفرض حظر التجول مع إجراءات قمعية وتعسفية ضد السكان، فضلاً عن الاشتباك مع جنود باكستانيين في القسم الآخر من الإقليم التابع لباكستان ووقوع ضحايا.

ففي 5 أغسطس 2019م، ألغت الحكومة الهندية بنود المادة (370) من الدستور، التي تمنح الحكم الذاتي لولاية "جامو وكشمير"، الشطر الخاضع لسيطرتها من الإقليم، كما تعطي المادة الكشميريين وحدهم في الولاية حق الإقامة الدائمة، فضلاً عن حق التوظيف في الدوائر الحكومية، والتملك، والحصول على منح تعليمية.

ويرى مراقبون أن الخطوات الهندية من شأنها السماح للهنود من ولايات أخرى بالتملك في الولاية، وبالتالي إحداث تغيير في التركيبة السكانية للمنطقة، ونزع صفة الإسلامية عنها بإيجاد أكثرية هندوسية.

ثانيًا: بدأت الهند في عمليات التهجير القسري لإقليم آسام (شمال شرقي البلاد) الذي تسكنه أعداد كبيرة من المسلمين، بحجة توثيق الجنسية، وألزمت المسلمين الإثبات بالوثائق أن أجداد الشخص مولودون في الهند، وليسوا مهاجرين من بنجلاديش بعد تفكيك الباكستان عام 1971م، وهو أمر من الصعب إثباته، مما يعرض صاحبه إلى الترحيل من البلاد ولو كان في الحقيقة هنديًّا قحًّا.

وقد أقصت سلطات ولاية آسام نحو مليوني شخص عن قائمة المواطنين ضمن حملة "إثبات الجنسية" الموجهة ضد المسلمين، وأكد منسق السجل الوطني للمواطنين في الهند براتيك حاجيلا أن القائمة النهائية التي نشرت في 31 أغسطس 2019م، تضم 31.1 مليون من سكان الولاية وتستثني منهم 1.9 مليون نسمة، وتنوي الحكومة تقديم تسهيلات للأقليات الدينية الأخرى، مثل الهندوس والبوذيين والمسيحيين، لا تنسحب على المسلمين.

ثالثًا: تزايدت عمليات قتل المسلمين من جانب الهندوس في عمليات تحرش مقصودة ولأسباب تافهة؛ لدرجة أن مجموعات هندوسية تقوم بقتل شخص مسلم بالضرب المبرح دون رادع من الأمن أو القانون، وتسهم في ذلك الحركة القومية الهندوسية التي يشجعها رئيس الوزراء ناريندرا مودي المتعصب الذي يعلن جهارًا نهارًا في شتى المناسبات عن عدائه للمسلمين، والحركة القومية الهندوسية التي ينتسب إليها بالعضوية وما زال رئيس الوزراء وبعض أعضاء الوزارة تبدي إعجابها بطغاة مستبدين مثل موسوليني، وهتلر.

وتبدو الأمور في طريقها إلى تصعيد يخسر فيه المسلمون الكشميريون والهنود حريتهم ووطنهم وأمنهم، ولا يخفى على المراقب أن علاقة وثيقة صارت تربط بين الحزب اليميني الحاكم في الهند مع الكيان الصهيوني الغاصب، والولايات المتحدة والروس، وتشمل هذه العلاقة التزويد بأحدث الأسلحة وإقامة المشروعات الاقتصادية العملاقة، وهو ما يشي بمزيد من المتاعب للمسلمين مستقبلاً.

وإذا عرفنا أن بعض الدول العربية تؤيد الهند علنًا، وأخرى تدعمها باستثمارات ضخمة تصل إلى عشرات المليارات، وأن باكستان تقف وحيدة في الميدان بدعم خافت من الصين، فإن المسلمين في جامو وكشمير والهند تنتظرهم أيام صعبة بلا ريب.. لم تملك باكستان غير تخفيض علاقاتها الدبلوماسية مع الهند، وسحب سفيرها من نيودلهي، وأوقفت التبادل التجاري معها، وهو ما شكل ضربة موجعة للسياسة الهندية العنصرية المتمسكة بعدائها للمسلمين، والمصرة على إذلالهم!

وقد تحدث رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان عن الأزمة، فدعا الهند إلى الحوار، وناشد العالم التدخل لمنع اشتعال حرب نووية كبرى ستحدث آثارًا مؤلمة لا يعلم مداها إلا الله، ودعا خان المجتمع الدولي إلى التفكير في مزايا التجارة والأعمال، بدلاً من الحرب بين دولتين نوويتين، وإلى الحوار والمفاوضات في سبيل إنهاء معاناة الشعب الكشميري، وهو ما أكده لاحقًا وزير خارجية باكستان شاه محمود قريشي؛ حيث أعرب في حوار أجراه مع شبكة "بي بي سي" البريطانية عن استعداد بلاده للتحاور مع الهند، شرط موافقة نيودلهي على تخفيف حدة التوترات في إقليم كشمير.

وأوضح أنه "إذا أقدمت حكومة نيودلهي على رفع حظر التجوّل المفروض منذ 4 أشهر في المناطق الخاضعة للاحتلال الهندي بإقليم كشمير، وحسّنت من أوضاع سكان تلك المنطقة، وأخلت سبيل القياديين في كشمير وسمحت لهم بلقائي.. عندها يبدأ الحوار بين باكستان والهند".

وجدد تأكيده أن إسلام آباد كانت وما زالت تؤيد فكرة حل الخلافات بالحوار، وأن الهند الطرف الذي يرفض الجلوس على طاولة المحادثات.

كما أكد وزير الخارجية الباكستاني عدم رغبة بلاده في خوض حرب مع الهند، وشدد في الوقت ذاته على أن قوات بلاده مستعدة لأي احتمال.

إن المسلمين في جامو وكشمير والهند تحت قبضة التعصب الهندوسي العنصري، ودعم العالم الغربي والصهيونية وروسيا للهند، وتجاهل العالم الإسلامي للمحنة الإسلامية، ومشاركة بعض دوله في تأييد الهند ومساندتها اقتصادياً، وهو ما يوجب على الشعوب الإسلامية أن تخاطب الهند باللغة التي تفهمها، فلديها تجارة واسعة مع التجار العرب والمسلمين، ولديها عمالة ضخمة في البلاد العربية، وهناك احتياجات اقتصادية أخرى للهند في عموم البلاد الإسلامية، أظنها كفيلة بجعل السيد مودي، رئيس الوزراء الهندي، يراجع نفسه.