أجابت الجلسة الخامسة في مؤتمر "الإخوان المسلمين.. أصالة واستمرارية" عن سؤال طرحه البيان الذي تزامن مع انطلاق المؤتمر وهو: ما منهج الإخوان في الإصلاح والتغيير؟

وتناول د. طلعت فهمي، المتحدث الإعلامي لجماعة الإخوان المسلمين - في الجلسة التي كانت بعنوان "البناء التربوي"، والتي كانت آخر جلسات اليوم الثاني للمؤتمر الموسع الذي ضمَّ رموزًا للجماعة ومشاركة واسعة من قياداتها في العالم العربي - التربية من حيث هي مميز من ميزات الإخوان المسلمين على مدى تاريخهم الذي عبَر قرنًا من الزمان قريبًا.

وشدَّد على أن الجماعة أحرص على ألا تصمَّ الآذان أو تعيش في عالم مغلق، مضيفًا أنه لا يوجد عند الإخوان حساسية للاستماع والاستفادة من أي تجربة والقدرة على كسب أفراد جدد للدعوة والمساهمة في البناء الداخلي للدعوة.

أقسام البناء التربوي

وقسّم د. طلعت فهمي البناء التربوي إلى لبنات؛ هي: المربي، والفرد، والمناخ التربوي، والمنهج، وبدأ بالمربي، واعتبره ميسّر العملية التعليمية والقيادية والتربوية، فهو أستاذ يقوم بدور الشيخ أو القائد أو المعلم أو هي جميعًا، وهي مستقاة من فعل النبي باختياره في بيعة العقبة الأولى 12 نقيبًا، يقومون على قومهم كما كان عيسى ابن مريم مع الحواريين.

وأضاف أن البيئة التربوية هي المناخ الذي تدور فيه القيم والأفكار والمشاعر والاتجاهات منظمة مرتبة تساعد الفرد الذي هو الفرد هو اللبنة التي تقوم عليها الجماعة على الفهم والاستيعاب، واعتبر أن من سمات المناخ أو البيئة التربوية الربانية كما وردت في كتب الله كما وردت في كتاب الله "وكأين من نبي قاتل معه ربيون كثير.."، وأضاف إليها القدوة، فالرسول قدوتنا، ثم الحب في الله، ثم المعايشة، وهي التي تجمع بين الإخوان حتى يعرف الأخ عن أخيه كما يعرف عن نفسه، وخامسها التكافل المادي والمعنوي، ويأتي بعدهما الاحترام للأفكار والأشخاص، والاحترام والشفافية والصدق والوضوح والشورى "وشاورهم في الأمر"، "وامرهم شورى بينهم"، موضحًا أن البيئة التربوية لا تعرف إلا الالتزام فإن الله "لا يحب الفحش والتفحش"، وأضاف أن دوام الارتقاء من سمات تلك البيئة وإرشاد المجتمع بنشر دعوة الخير ومحاربة الرذائل وكسب الرأي العام نحو الفكرة الإسلامية مع التزام مراعاة واجب الحاجة والمراحل الاجتماعية التي تمر بها الأمة.

منهج الإخوان

وقال المتحدث الإعلامي لجماعة الإخوان المسلمين: إن المنهج أكبر من الكتب، ولكن عندما يطرح سؤال "ما هو المنهج التي يدرسها الإخوان؟"، يتبادر للذهن المأثورات، فهم الأصول العشرين، وأركان البيعة وصفات الفرد المسلم.

وأوضح أن المنهج أكبر من الكتاب، وأن المنهج عند الإخوان المسلمين هو طريق واضح، وهو منظومة من المعارف والحقائق والوسائل والأساليب والمبادئ والثوابت والمتغيرات والجماعة ثابتة على مبادئها لهم نفس الهيئة والمنهج.

وأشار إلى أن الجماعة أخرجت قبل ثلاثة أشهر منهاجًا جديدًا أمضت في إعداده نحو عامين ونصف العام، لفتة إلى أن المنهج تم بناؤه بطريقة علمية رصينة أشرف على إعداده علماء التربية.

وتابع: "نحرص فيه على تطور الجماعة والدولة والعالم، وعلى الإبداع والتخطيط في صلب المنهج، والاهتمام بواقع الأمة والقضايا المعاصرة، مثل التركيز على قضية فلسطين وسائر القضايا العادلة للأقليات المسلمة في العالم الإسلامي.

وبين أن المنهج سعى لإبراز فكر الجماعة والصفات العشر للفرد ومبادئ البيت، وأشار إلى أربعة أسس في المنهج (فلسفي ونفسي واجتماعي وتربوي)، موضحًا أن فلسفة المنهج الكتاب والسنة وهما المرجع الرئيسي، وأنه لم يبن المنهج إلا من خلال أهداف الإسلام وأهداف الإخوان تراعي تحقيق الإيمان وقواعده كالولاء والبراء لإعداد الفرد للعمل على مستويات عدة، متقنًا للعبادة ملتزمًا بأحكام الإسلام وتعميق الفهم والأخوة.

ونبّه  د. طلعت فهمي إلى أن المنهج يوظف التقنيات في الدعوة إلى الله مع الاستفادة من التراث البشري في هذا الإطار، مع الاهتمام بالتربية البدنية ومهارات القيادة ومهارات اللغة والتخطيط من خلال الاسرة والكتيبة وبرامج معدة على مستوى العمل، وأشار إلى أن المنهج يتسع أيضًا لأسس التربية عند الإخوان وأهداف الجماعة بعد بناء الفرد إلى "تكوين البيت المسلم"، وتحقيق ذلك من خلال مهارات التواصل والحوار والاعداد التربوي للفرد على مستوى البيت، بأداء واجبات الأسرة في هذا الصرح العظيم الذي هو الإسلام.

ميزة التنظيم

وفي إطار حديثه عن حرص الجماعة على التزام العمل الجماعي المنظم منذ أن برز ذلك بمنهاج النبي وبداية الإسلام باختيار دار الارقم، أشار إلى أن الكيان الصهيوني عند فوز الرئيس الشهيد محمد مرسي قال: "علينا أن ندرس المنظومة الإدارية والفنية التي استطاعت الفوز بالرئاسة في مصر في 28 يومًا للمرشح الاحتياطي".

ومنه عرج إلى أهمية التزود بالمهارات القيادة والإدارة والتخطيط التي راعاها منهج البناء التربوي تلمسًا للتعلم على المستوى الفكري والعالمي، مشددًا على أن الجماعة أحرص على ألا تصم الآذان أو تعيش في عالم مغلق، مضيفًا أنه لا يوجد عند الإخوان حساسية للاستماع والاستفادة من أي تجربة والقدرة على كسب أفراد جدد للدعوة والمساهمة في البناء الداخلي للدعوة.

الأمة

على سبيل التدرج المعروف من الإخوان من الفرد للبيت والمجتمع إلى الأمة العربية والإسلامية، وأنه في السير إليها "لا عودة عن منهج الله"، وأن المنهج يتضمن توضيح مقومات الأمة الواحدة وبيان واقع الحركات الإسلامية في العالم العربي والإسلامي والتعاون مع الآخرين في المشاريع المشتركة وبيان أسس النظام السياسي في الإسلام.

وفي هذا الإطار أوضح أنه لن يكون هناك دور في توحيد جهود العالمين العربي والإسلامي إلا بالتعريف بالعقائد الأخرى دراسة ونقدا وتصنيف غير المسلمين من حيث علاقتهم مع المسلمين وأساس المجادلة بالتي هي أحسن وتعميق مفاهيم حقوق الإنسان وتقديم القدوة العملية في التصرفات والسلوك في هذا الإطار.

وعن هذه الاتساع المعرفي يأتي لأمة الإسلام أعداء كثيرون ولأن "الإيمان حب وبغض"، لفت د. طلعت فهمي إلى أن المسلمين والإخوان في القلب منهم لا يعيشون في الفراغ.

وأردف: يفرد المنهج تعريفا وتركيزا على المشروع الصهيوني والتعريف بالفرق والمنظمات الهدامة وهذا المنهاج يقوم على القيم الوجدانية ومنها الحرية والعدالة والتغيير والمساواة.

إرساء القيم

واعتبر المتحدث الإعلامي للجماعة أن غاية المنهج هي إرساء القيم مع الذات ومع الجماعة وقيم في الأداء والأخلاق، مشيرا إلى أن كل ما سلف استهدفته اللجنة التربوية التي وضعت المنهج بعشرات الساعات ومن خلال الاطلاع على الكتب والمراجع، مستعينة بوسائل الجماعة وأبرزها "الأسرة"؛ حيث المكان الذي يأوي الرجل ومحضنه الذي يقوم على التعارف والتفاهم والتكافل والرحلات والمخيمات وحياة الجد والتعود وممارسة الحياة بطريقة جماعية منظمة والدورات التخصصية في الأمور التي تناسب رفع مهارات وكفاءة الإخوان في التخطيط والمهارات والقيادة والإدارة والندوات والمؤتمرات الحوار والمناقشة.

وأشار قبل ختامه إلى أن الجماعة مع تكوينها التربوي العالي تحظى بتقدير العالم، ملمحًا في ذلك إلى مقولة "تلي ريسون" وزير الخارجية الامريكية عن دعوة البعض لوضع جماعة الإخوان المسلمين في صف الإرهاب: "كيف أضع 5 ملايين إنسان في هذا المكان وقد وصلوا للحكم في مصر والمغرب والبحرين والكويت".