من تراث أ. د/ محمد عبدالرحمن المرسي

 نذكر باختصار في هذه المقالة مواقف وعمليات للإخوان في جهادهم على أرض فلسطين، مع ملاحظة أن هناك عمليات كثيرة لهم ضد اليهود قبل عام 1948م، كما لم يتناول هذا البيان العمليات البطولية التي قامت بها كتائب الإخوان الأردنيين والعراقيين والسوريين على الجبهة الأردنية وداخل فلسطين.

أ) موجز لمعارك الإخوان في فلسطين 1948م:

1- في 10/4/1948م معركة "كفارديروم" الأولى؛ حيث كانت ضد اليهود في مستعمرة "كفار ديروم" جنوبي دير البلح، وفيها استشهد 12 شهيدًا من الإخوان.

2- في 13/5/1948م كانت معركة "كفار ديروم" الثانية، بقيادة البطل أحمد عبد العزيز، واستشهد فيها 46 من المجاهدين وجرح 30 آخرون.

3- في 15/5/1948م نصب الإخوان كمينًا لقافلة يهودية حول المستعمرة بقيادة المجاهد على صديق، واستولوا على كمية ضخمة من المصفحات والذخائر.

4- في 15/5/1948م دخل الجيش المصري إلى فلسطين بقيادة اللواء/ أحمد المواوي.

5- في 20/5/1948م قام الإخوان بقيادة المجاهد محمود عبده بعمليات ضخمة في بئر السبع، منها: تدمير جسر على أحد الوديان هناك أثناء مرور قافلة يهودية عليه، وغنموا الكثير من المصفحات، واستشهد من الإخوان اثنان.

6- قام المجاهد على صديق بتدمير مصفحات يهودية، وبداخلها 70 من جنود اليهود في 22/5/1948م.

7- واصل الإخوان تقدمهم فدخلوا بيت لحم، وتقدّموا داخل حدود القدس الجديدة ثلاثة كيلو مترات.

8- وفي 26/5/1948م نُسفت مستعمرة "رامات راحيل" على الطريق بين "بيت لحم" و"القدس"، وتمَّ احتلالها وتطهيرها من اليهود، وكان المجاهدون تحت قيادة المجاهد الأخ/ لبيب الترجمان، وأسفرت المعركة عن مقتل 200 من جنود اليهود في مقابل شهيد واحد.

9- وفي 3/6/ 1948م قام المجاهدون بنسف مستعمرة "تل بيوت" في عملية جريئة تولاها الأخ المجاهد/ حسين حجازي، وأشادت الصحف وقتها ببطولته وسُمي "بطل تل بيوت".

10- وفي 11/6/1948م قَبِل النقراشي الهدنة الأولى بين العرب واليهود، وقد رفضها الإخوان، واستنكروها؛ حيث إنها كانت لصالح اليهود وقد ساء موقفهم العسكري.

11- وفي 17/7/1948م كانت معركة "العصلوج"؛ حيث استنجد الجيش المصري بقوات الإخوان تحت قيادة البطل أحمد عبد العزيز؛ لاسترداد قرية "العصلوج" الحصينة، والتي احتلها اليهود في أيام الهدنة، وذلك بعد فشل قوات الجيش في استردادها، وتمكنت مجموعة صغيرة من الإخوان بقيادة المجاهد/ يحيى عبد الحليم من استردادها، وفرَّ منها اليهود، ودخلتها قوات الجيش مرة ثانية، واستشهد ثلاثة من الإخوان في هذه المعركة.

12- وفي يوليو/ 1948م كانت معركة "خزاعة" بالقرب من مستعمرتي "بيري" و"أتوكوما"؛ حيث دمروا أنابيب المياه التي تمد هاتين المستعمرتين، ودمروا بعض المصفحات، وتصدوا للهجوم اليهودي المضاد هناك، وقد استشهد أخ واحد في هذه المعركة.

13- وفي 19/7/1948م كانت معركة "أبو معليق"؛ حيث اعترض الإخوان قافلة يهودية تمر بالقرب من هذه القرية، وكان الإخوان قد اتخذوا من المكان مركزًا لتدريب البدو، من أهل فلسطين على القتال، وقطع طرق التموين؛ فهاجمهم اليهود بقوات كبيرة وتصدّى لهم الإخوان، وأوقعوا بهم خسائر فادحة، واستشهد في هذه المعركة أحد الإخوان، وجُرح قائد قوات الإخوان هناك.

14- وفي 18/8/1948م أراد اليهود احتلال مرتفعات "جبل المكبر" التي تقع جنوب شرقي القدس بالقرب من قرية "صور باهر التي يسيطر عليها الإخوان، فتصدى لهم المجاهدون بقيادة المجاهد محمود عبده، ودارت المعارك بينهم على مدار يومين كاملين، وتجاوزت خسائر اليهود فيها 200 قتيل، وفشل الهجوم على القدس... وبذلك دافع الإخوان عن القدس أكثر من مرة، وأنقذوها من الخطر اليهودي إلى أن دخلوها في نكسة 1967م.

15- وفي ليلة 22/8/1948م قُتل البطل أحمد عبد العزيز بإطلاق الرصاص عليه في واقعة مريبة، كان يصاحبه فيها الضابط صلاح سالم، وذٌكر بعد ذلك أن وراء الاغتيال مؤامرة مرتبة قيل إنها من جمال عبد الناصر وصلاح سالم، (من عدة سنوات ظهرت اتهامات موجهة لجمال عبدالناصر وصلاح سالم بالتآمر لاغتيال البطل أحمد عبد العزيز؛ حيث تمَّ ذلك في موقع الكتيبة السادسة مشاة في عراق المنشية، والتي كان جمال عبد الناصر أركان حربها، وتركوا الشهيد ينزف بعد إصابته برصاصة في جانبه، وسط شواهد أن من أطلقها هو صلاح سالم، وكان بجانبه في السيارة، ولم يتم تحقيق حقيقي في هذه الحادثة بل تمَّ إغلاقها؛ حيث كان البطل الشهيد عقبة أمام عبد الناصر في قيامه بحركة الجيش إذ كان يتمتع بشخصية قوية وشعبية جارفة، وذكر عدة شهود أنه كانت هناك اتصالات بين عبد الناصر واليهود في هذه الأثناء) (راجع جريدة (الأهرام) العدد الصادر يوم 22/4/1984م تصريح للضابط حسن التهامي- وهو أحد ضباط الثورة وصديق لجمال- وفيه اتهامات مباشرة لجمال عبد الناصر، تحت عنوان: مَنْ قتل أحمد عبد العزيز؟)

16- وفي 20/10/ 1948م تمكّن مجاهدو الإخوان من استرداد "تبة اليمن" الحصينة، وكانت تتحكم في خطوط مواصلات الجيش المصري، وقد أطلق عليها اسم "تبة الإخوان" بعد معركة استشهد فيها ثلاثة من الإخوان، وكان الجيش قد فشل قبل ذلك في استردادها.

17- وفي 14/10/1948م هاجم اليهود قوات الجيش المصري عند "تقاطع الطرق"؛ فاضطر الجيش إلى التخلي عن مناطق: "المجدول" و"أسدود" تاركًا قوة قوامها 5000 جندي في الفالوجا؛ حيث حاصرها اليهود في 16/10/1948م، وظلت محاصرة حتى نهاية الحرب، وكان من بين المحاصرين الضابط/ جمال عبد الناصر، وفي 13/11/1948م وعندما ساءت أحوال القوة المحاصرة استنجدت قيادة الجيش بقوات الإخوان، التي غامرت باختراق الحصار اليهودي في رحلتين على الجمال، تحت قيادة الأخ المجاهد الضابط/ معروف الحضري، ونجحوا في إيصال أكثر من مائة صندوق من المؤن إليهم، واستقبلهم الضباط والجنود بفرحة لا توصف، على حد تعبير اللواء/ سيد طه قائد القوات، وقال جمال عبد الناصر وقتها: إن الجيش كله لن ينسى ما قام به الإخوان... واستمر تقديم الإخوان المساعدات لهذه القوات المحاصرة واستشهد وأُصيب وأُسر في سبيل ذلك العديد منهم، ومنهم المجاهد الأخ/ معروف الحضري الذي أُصيب وأُسر، وأرجع المؤرخون الفضل في صمود هذه القوات إلى مجاهدي الإخوان، وقد أشار لذلك ريتشارد ميتشل في كتابه عن الإخوان.

18- وفي تلك الأثناء وفي 11/11/ 1948م تغيّرت قيادة الجيش المصري في فلسطين، وتولى القيادة اللواء/ فؤاد صادق بدلاً من اللواء/ أحمد المواوي.

19- عرض الإخوان المجاهدون في فلسطين خطة لمحاصرة المستعمرات اليهودية وعزلها؛ حتى يفرغ الجيش من تنظيم خطوطه الدفاعية، ووافقت قيادة الجيش على ذلك، وسافر الشيخ/ محمد فرغلي إلى القاهرة لتجهيز عدد كبير من المتطوعين لتنفيذ الخطة، ورتب الإخوان قواتهم لمحاصرة المستعمرات، واشتبكوا معها كثيرًا حتى إنهم دمروا 15 مصفحة في أسبوع واحد.

20- وفي 8/12/1948م أصدر النقراشي قراره بحل جماعة الإخوان المسلمين في مصر، بناءً على توصية من إنجلترا وفرنسا وأمريكا، وبدأ في اعتقال الإخوان، وأصدر قراره لقيادة الجيش قبل قرار الحل بضرورة: انسحاب الإخوان المجاهدين في فلسطين من مواقعهم، وتسليم أسلحتهم.. واعتقالهم أو التحفظ عليهم تحت سيطرة الجيش، وعارض الإخوان تلك الأوامر لما فيها من أخطار جسيمة، ولكن قادة الجيش أفهموهم أنها تعليمات عليا صادرة من القاهرة وليست قابلة للنقاش أو التعديل.

21- وعند وصول الشيخ محمد فرغلي للقاهرة، طلب عبد الرحمن عزام أمين الجامعة العربية سرعة إعداد المتطوعين لخطورة الموقف، ولكن النقراشي رفض الفكرة من أساسها وأوقفها تمامًا، وسيق الشيخ محمد فرغلي مع الإخوان إلى المعتقلات.

22- ولم تمض أيام على هذه الإجراءات حتى احتل اليهود "تبة الشيخ نوران" في ديسمبر 1948م، وفشل الجيش في استردادها.

23- وفي 15/12/1948م احتل اليهود " تل جمة " دون قتال، وبذلك فقد الجيش مساحة قدرها 700 كم2 بدون قتال.

24- وفي 23/12/1948م احتل اليهود "التبة 86"، وفشلت قوات الجيش في استردادها بعد محاولتين، فاسُتدعى الإخوان لإنقاذ الموقف، وخصوصًا أن التبة تتوسط خطوط مواصلات الجيش، وكان الإخوان يومئذٍ معتقلين في معسكراتهم بأوامر القيادة السياسية في القاهرة، واستجاب الإخوان للنداء، واستطاعوا تحت قيادة المجاهد حسن دوح وإخوانه من استرداد الموقع وتسليمه للجيش المصري، وبعد إتمام المهمة عاد الإخوان مرة ثانية إلى المعتقلات، واستشهد من الإخوان في هذه المعركة خمسة شهداء، وأنقذوا بذلك قطاع غزة من السقوط في يد اليهود، وإفشال مخططهم في محاصرة القوات المصرية وقطع خطوط إمدادها... والطريف المحزن أن بعض الإخوان الذين جُرحوا في المعركة تمَّ نقلهم إلى القاهرة للعلاج، ولكن البوليس- بأوامر النقراشي- أشار بنقلهم من المستشفيات إلى معتقل الطور ليشاركوا إخوانهم المعتقلين هناك.

25- وبعد هذه المعركة تقدَّم القائد العام اللواء فؤاد صادق إلى الحكومة طالبًا منح نياشين رفيعة المستوى للإخوان، ولكن الحكومة ماطلت، غير أن القائد الشجاع أصر، فصدرت النشرة العسكرية في مايو 1949م تحمل أسماء 15 جنديًّا من الإخوان تحت اسم "جماعة المتطوعين المصريين".

26- واستمر مجاهدو الإخوان في فلسطين في قتالهم حسب توصية الإمام الشهيد لهم، وعندما قام الجيش باعتقالهم ونزع سلاحهم، لم يوجه الإخوان رصاصة واحدة إلى صدر جندي مصري، وسلموا لهم أسلحتهم، وعندما كان موقف الجيش المصري يتأزم كانوا يهبون لنجدته، ثم يعودون لمعسكر الاعتقال.

27- واستمرت قوات الإخوان الأخرى التي كانت في الضفة الغربية- بعيدًا عن سيطرة الجيش المصري- مع قوات الإخوان السوريين والأردنيين، تجاهد وتقاتل وتدافع عن القدس وبيت لحم والخليل، بل وتقدم الدعم للقوات المصرية المحاصرة بالفالوجا.

28- وفي 26/12/1948م بعد احتلال اليهود للعوجة، وبداية انسحاب الجيش المصري من النقب، كان للإخوان دور كبير في حماية الانسحاب، والتصدي لليهود الذين كانوا يهدفون إلى إبادة القوات المنسحبة.

29- وهناك معارك كثيرة صغيرة لم تذكر هنا للمواجهات بين الإخوان والمستعمرات اليهودية، كانت تستنزف قوى اليهود، وتجعل حركتهم خارج المستوطنات في منتهى الخطورة عليهم.

30- معارك سيناء والعريش: واستمر ذلك الدور الجهادي في: رفح وغزة والعريش؛ حيث تصدوا للقوات اليهودية المتقدمة داخل سيناء عام 1949م، ونذكر منها:

1) في أواخر 1948م قام اليهود بهجوم كبير في منطقة العوجة للوصول للعريش، وقطع الطريق على الجيش المصري المنسحب من غزة، وسيطروا على تبة عالية، وتصدى لهم الإخوان وكانوا خمسين مجاهدًا، في حين هربت قوات الجيش المصري أمام الهجوم اليهودي، تاركة دباباتها وعرباتها على الطريق، ورد الإخوان اليهود بقوة، وتراجع اليهود مؤقتًا.

2) واستقبل الإخوان الموجة التالية للهجوم اليهودي على سيناء، ودافع الإخوان عن التلال الرئيسية في هذه المنطقة، عندما حاول اليهود الاستيلاء عليها، واستشهد المجاهد على الفيومي في الدفاع عنها، وتمَّ نقل جثمانه بعد ذلك؛ ليدفن في مقبرة قريبة من "سد الروافع"، وعرقل الإخوان بذلك تقدم القوات اليهودية، مما حمى ميمنة الجيش المصري، ومنع اليهود من تطويقه.

3) وفي أوائل يناير 1949م استولى اليهود بعد ذلك على قرى: القصيمة.. والحسنة.. والكنتلا، وكان بالعريش قوة من مجاهدي الإخوان بقيادة المجاهد حسن دوح، فطلب منهم الجيش التصدي لليهود، والقيام بأعمال الدوريات، وكان ذلك في أرجاء سيناء؛ حيث توغل اليهود داخلها، فقام الإخوان بدوريات قتالية أخذت تجوب هذه المناطق، ووصلت عملياتهم إلى القصيمة والحسنة وحدود فلسطين من جهة النقب الجنوبي... وقد استشهد عدد من الإخوان في ذلك؛ حيث كان اليهود يستخدمون الطائرات في التصدي لدوريات الإخوان، وارتفع عدد شهداء الإخوان ليصل إلى أكثر من 100 شهيد في معارك عام 1948م فقط.

31- وفي 13/2/1949م تلقى الإخوان نبأ اغتيال الإمام الشهيد حسن البنا.

32- وفي 14/2/1949م جاءت التعليمات بترحيل الإخوان المجاهدين الذين تمَّ التحفظ عليهم إلى رفح؛ حيث تمَّ إنشاء معسكر اعتقال لهم.

33- وفي 24/2/1949م وقعت الهدنة الدائمة بين مصر واليهود في رودس.

34- وفي 28/6/1949م تمَّ نقل الإخوان المجاهدين المعتقلين في رفح إلى سجون العريش والطور وغيرها، واستمر اعتقالهم ما يزيد على سبعة أشهر، عوملوا فيها معاملة سيئة شديدة حتى سقطت حكومة إبراهيم عبد الهادي فبدأت عمليات الإفراج عنهم في بطء شديد.

ب) موجز لجهاد الإخوان بعد عام 1952م:

1- فبعد عام 1952م وحتى مرحلة متأخرة من الخمسينيات، استأنف الإخوان المسلمون في صحراء النقب وعبر حدود سيناء عملياتهم ضد اليهود، وكذلك من قطاع غزة؛ حيث قام بهذه العمليات عناصر تنتمي إلى الإخوان المسلمين من شباب الأعراب والقبائل بالنقب وسيناء، قام الإخوان بضمهم للدعوة، وقد استفادوا بمخازن الذخيرة والسلاح التي نجح المجاهد كامل الشريف في تخزينها سرًّا داخل النقب وقطاع غزة قبل أن يستولي الجيش المصري على أسلحة الإخوان المجاهدين بفلسطين ويعتقلهم.. وقد اشتكت "إسرائيل" كثيرًا من هذه العمليات وخاصة من قطاع غزة قبل عام 1967م.

2- من الضفة الغربية كانت هناك عمليات فدائية فردية أو مجموعات صغيرة محدودة، استمرت من عام 1952م وحتى عام 1957م قام بها عناصر إسلامية مع عناصر من التيارات الأخرى.

3- بدأت العمليات الفدائية من قطاع غزة في 1952م وما بعدها، واتخذت في عام 1953م أبعادًا أكثر تنظيمًا بتشكيل مجموعات فدائية منظمة وكان وراءها الإخوان المسلمون.. "وقد نُقل عن تقرير للسفارة البريطانية في عام 1953م "أن الاختراق الحدودي من قطاع غزة هو عمل بعض المنظمات السياسية المتطرفة، وأن الحكومة المصرية لا تشجعها (إشارة إلى دور الإخوان المسلمين)".

4- كان هذا التنظيم الجهادي للإخوان في غزة على صلة بالتوجيه من كامل الشريف الموجود في منطقة العريش، والذي استمر يرتب المقاومة هناك، وكان همزة الوصل محمد أبو سيدو.

5- وكان هذا التنظيم مقسومًا حسب الواقع الجغرافي إلى ثلاث مجموعات: شمال، ووسط، وجنوب القطاع، وكان خليل الوزير (أبو جهاد) مسئول المجموعة الشمالية.. وكان يساعدهم عدد من عناصر البدو المنضمة للإخوان مثل: عبد الله أبو مريحيل، ومحمد حسن الأفرنجي.

6- من أمثلة العمليات الفدائية التي قامت بها: عملية الباص في 17 مارس 1954م؛ حيث هاجمت مجموعة فدائية "باصًا" إسرائيليًّا على طريق إيلات- بئر السبع أدَّى إلى مقتل 11 إسرائيليًّا وجرح آخرين، وأشارت التحقيقات "الإسرائيلية" إلى أن الإخوان المسلمين وراء العملية.

7- مظاهرات شعبية عارمة رتَّبها ووجَّهها الإخوان في قطاع غزة في مارس 1955م تطالب الحكومة المصرية بإعطاء الحرية للعمل الفدائي الفلسطيني وعدم عرقلته ردًّا على المذابح "الإسرائيلية" وهجماتهم على قطاع غزة.

8- وتحت الضغط سمحت الحكومة المصرية بمساحة من الحركة للفدائيين، وأن يتولى الضابط المصري مصطفى حافظ الإشراف على التدريبات والعمليات؛ فزادت هذه العمليات وأزعجت الصهاينة.. ومن أبرزها عملية أبريل 1956م التي شارك فيها 300 فدائي داخل فلسطين المحتلة.

9- استمر ذلك حوالي عام كامل بدءًا من سبتمبر 1955م، وحتى أكتوبر 1956م.. وقد استشهد الضابط مصطفى حافظ في يوليو 1956م؛ نتيجة انفجار طرد ملغوم أرسله له رجال الموساد.

10- توقف العمل الفدائي تقريبًا عن طريق قطاع غزة، إثر الاحتلال "الإسرائيلي" للقطاع وسيناء في أكتوبر 1956، وحتى مارس 1957م، وقد تعهَّد جمال عبد الناصر وقتها بإغلاق الحدود في وجه الفدائيين.

11- في عام 1956م عندما حدث العدوان الثلاثي على مصر، أرسل الإخوان وهم داخل السجون المصرية رسالة إلى القيادة المصرية بأنهم على استعداد لمواجهة اليهود في سيناء والقوات الإنجليزية والفرنسية في القناة، ثم العودة إلى السجن بعد ذلك، وأنهم يضعون كل خبرتهم ومعلوماتهم عن سيناء تحت أمر القيادة في هذه المواجهة، طلب الإخوان ذلك رغم أن القيادة المصرية كانت تسومهم العذاب والهوان داخل السجون، وقد رفضت القيادة المصرية هذا الطلب، بل أنه في 1957م كانت مذبحة سجن طرة ضد الإخوان، والتي راح ضحيتها حوالي 24 شهيدًا من الإخوان المسجونين بخلاف عشرات الجرحى.

12- في عام 1957م، بداية انشقاق عدد من الإخوان في قطاع غزة وعلى رأسهم أبو جهاد (خليل الوزير) وتأسيسهم مشروع فتح الذي تمَّ إعلانه عام 1958م، واستطاع جذب عدد من الإخوان الفلسطينيين وخاصة العاملين بمنطقة الخليج ومنهم ياسر عرفات، والذي كان أحد أعضاء الإخوان منذ كان طالبًا بالجامعة في مصر.

13- تعتبر الفترة من 1957 وحتى 1964م فترة مخاض في ظهور العديد من التنظيمات الفلسطينية.. فظهرت منظمة فتح عام 1958م برئاسة ياسر عرفات، ثم الجبهة الوطنية لتحرير فلسطين، وجبهة تحرير فلسطين بزعامة أحمد جبريل، ومنظمة التحرير الفلسطينية عام 1964م.. وقد بدأت عمليات هذه المنظمات في 1964، 1965م.. وأصبح ياسر عرفات بعد دمج فتح في منظمة التحرير رئيسًا لمنظمة التحرير الفلسطينية في فبراير 1969م.

14- اعتقال قادة الإخوان المسلمين في غزة عام 1965م (منهم الشيخ أحمد ياسين - وهاني بسيسو).

15- كان للقوميين والاشتراكيين والشيوعيين حوالي 30 منظمة فدائية (في الفترة بعد 1967م وحتى 1970م) ولم يُسمح للإسلاميين بتشكيل منظمة فدائية معلنة؛ لدرجة أنه تمَّ سحق منظمة حاول الحاج أمين الحسيني إنشاءها؛ مما اضطر العديد من الإخوان والإسلاميين عمومًا من العمل تحت غطاء راية فتح مع احتفاظهم باستقلالية إدارية وميدانية، وقد توزعوا على سبع قواعد فدائية في الأردن، وعددهم حوالي 300 أخ.

16- وعقب حرب 1967م ساهم الإخوان بقوة في عمليات المقاومة عبر الحدود الأردنية، وكان للإخوان أربع قواعد في منطقة الأغوار الشمالية من سبع قواعد لهم مستقلة تمامًا؛ لكنها ترفع اسم "فتح" لتسهيل الوجود، وكان الشهيد عبد الله عزام مسئولاً عن أحد هذه القواعد، وكذلك الأستاذ أحمد نوفل... وشارك في هذه المراكز الجهادية عناصر من الإخوان من أغلب الأقطار العربية وخصوصًا من السودان.. والعراق.. وسوريا.. ومصر، بالإضافة إلى إخوان الأردن وفلسطين، ونال عدد منهم الشهادة، وكان لهم دور مؤثر في التصدي للقوات "الإسرائيلية" في معركة الكرامة، وغيرها من المواجهات، ولقد أبلى الإخوان المشاركون في تلك القواعد بلاءً حسنًا، وقاموا بعمليات عسكرية كبيرة في عمق فلسطين ضد اليهود؛ حتى إن ياسر عرفات كان يكرر أمام رفاقه في الفصائل أنه يريد عمليات مثل عمليات "الشيوخ"، وكانت "فتح" تسارع بنسبة هذه العمليات الناجحة إلى نفسها، وعندما حدث الصدام بين الفصائل الفلسطينية والنظام الأردني رفض الإخوان الدخول في هذا الصراع، وأعلنوا أن سلاحهم موجه فقط ضد اليهود؛ لأن بندقية المسلم لا تقتل الجندي "الأردني" ولا الفدائي "الفلسطيني"، وكان من نتيجة هذا الصدام في سبتمبر 1970م أن رحلت المنظمات الفلسطينية من الأردن، ومنعت أي عمليات عسكرية من الحدود.

من أمثلة عملياتهم المتميزة:

- مشاركتهم الفعالة في معركة الكرامة 21 مارس 1968م.

- عملية الحزام الأخضر 31 أغسطس 1969م.

- عملية دير ياسين 14 سبتمبر 1969م.

- عملية سيد قطب 28 أغسطس 1970م.

وقد استشهد منهم حوالي 13 رجلاً منهم الأخ صلاح حسن من إخوان السيدة زينب في مصر.

ج) بعد حرب 73 واتفاقيات السلام المزعوم:

1- بعد عام 1975م تمكَّن الإخوان من عمل تنظيم فدائي داخل أراضي 1948م تحت اسم أسرة الجهاد، وقام بعشرات العمليات الفدائية إلى أن قضى عليه سنة 1980م.

2- بدأ الإخوان في غزة والضفة بالإعداد للجهاد المسلح 1980م؛ ولكن انكشف أمر التنظيم عام 1984م، وقبض على بعض قادته وعلى رأسهم الشيخ أحمد ياسين، وهناك في السجن في بداية صيف 1985م أخذوا قرارًا بالانتقال من العمل السري إلى الانتفاضة الشعبية، وقد أفرج عن أحمد ياسين في عملية تبادل للأسرى.

3- ومن أمثلة العمليات المسلحة التي نفذت في هذه المرحلة:

أ) زرع العبوات الناسفة.

ب) إطلاق النار على الدوريات "الإسرائيلية".

ولم يعلن الإخوان عن نسبة هذه العلميات لهم؛ حتى لا يجهضوا الإعداد ولا يكشفوا الأوراق.

4- ومن تلك المجموعات- على سبيل المثال- في فترة الثمانينيات (قبل إعلان حركة حماس).

أ) مجموعة "مجد" التي رأسها: يحيى السنوار، وأسست عام 1983م، ومهمتها تحضير العبوات الناسفة.

 مجموعة "مجاهدي المفراقة" بقيادة: يحيى الغول، وقد هاجمت شاحنة عسكرية في رمضان 1985م.

ب) "المجموعة رقم 44" والتي نظَّمها صلاح شحادة سنة 1986م.

ج) "المجموعة 101" بقيادة: محمد شراتحة؛ حيث هاجمت في سبتمبر 1987م سيارات للمستوطنين (قبل أشهر قليلة من الانتفاضة).

5- ظهور تنظيم سرايا الجهاد في 85- 1986م أسسه د. فتحي الشقاقي بعد انشقاقه عن الإخوان وقيامه ببعض العمليات الفدائية.

6- حادث 8 ديسمبر في جباليا؛ حيث كان الشرارة التي اندلعت بعدها الانتفاضة، وقد بدأ الإخوان في ترتيبها وتوجيهها بعد صلاة الفجر 9 ديسمبر من مسجد مخيم جباليا عبر سلسلة من المظاهرات العارمة، وسقط الشهيد حاتم أبو سيس، ثم سقط الشهيد رائد شحاتة في مظاهرة أخرى قرب مستشفى الشفاء.. وفي 13 ديسمبر أصدر الإخوان المسلمون بيانهم الأول باسم حركة المقاومة الإسلامية حماس، واتسعت الانتفاضة لتضم جميع أرجاء قطاع غزة والضفة.

7- قام الإخوان في الأراضي المحتلة عام 1948م بإعادة ترتيب صفوفهم بقيادة الشيخ رائد صلاح حاليًّا، وكان لهم دور أساسي في توعية أبناء عرب 48، والحفاظ على هويتهم الإسلامية، بالإضافة إلى دورهم الجهادي، وإن كان محدودًا ويكتنفه طابع السرية، نظرًا للظروف المحيطة بهم، وهم منذ فترة يخوضون بكفاءة معركة الحفاظ على المسجد الأقصى، وتولى حراسته وحمايته من اليهود والوجود فيه باستمرار.

8- صعَّد الإخوان من عملياتهم الجهادية، وقاموا بعشرات من العمليات الاستشهادية، رغم توقيع السلطة الفلسطينية لاتفاق أوسلو عام 1993م.

9- بدأت حماس عملياتها العسكرية في فبراير 1989م عن طريق جناحها العسكري "المجاهدون" بقيادة الشيخ صلاح شحادة، وذلك باختطاف الجندي "الإسرائيلي" وقتله؛ لكن وُجهت له ضربة قوية من "إسرائيل" في مايو 1989م... ثم شكلت كتائب عز الدين القسام في مايو 1990م مستفيدة بالخبرات المتراكمة والتجارب السابقة، وما زالت في الميدان تواجه العدو، وتتصدى له بعون الله (وكنموذج لعملياتها فقد نفذت عام 1993م فقط ما مجموعه 138 عملية).

10- انتفاضة الأقصى المباركة في 28 سبتمبر عام 2000م، رغم محاولة السلطة الفلسطينية احتوائها، وما زال الإخوان بفضل الله في قلب المقاومة وعلى قمة قيادتها ثابتين صابرين مجاهدين.

خاتمة:

إن تاريخ الإخوان وما قدموه- وما زالوا¬ تجاه القضية الفلسطينية بدءًا من الإمام الشهيد حسن البنا وعز الدين القسام.. إلى كتائب حماس المجاهدة.. لم يكتب بعد، ولم تكشف جميع تفاصيله.

واليوم فإن الهجمة الصهيونية الشرسة ضد القدس والأراضي الفلسطينية وضد الأمة الإسلامية ستستمر وستزداد ضراوتها في ظل تخاذل حكام العرب والمسلمين، ولم يبدر- لليوم- عن الحكومات العربية والإسلامية ما يشير إلى شعورها بالخطر الذي يتهددها، ولم يصدر عنها سوى تصريحات باهتة قيلت على استحياء وخجل، بل إن بعضهم يواجه بالعنف والإرهاب قوى الشعب المسلم التي هبَّت تدافع عن فلسطين والأقصى، وتطالب بفتح باب الجهاد، وتعلل سلوكها الشائن بأنه خوف على العملية السلمية (بل الاستسلامية لو صدقوا القول).

إن القدس- وكذلك كل أراضى فلسطين- وقف إسلامي على الأمة الإسلامية إلى يوم القيامة، وليست قطعة أرض نتنازع عليها، والأمة الإسلامية مؤتمنة على هذه الأمانة، والذي حملها هذه الأمانة الخليفة الراشد الثاني أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه، والذين حرروها وفتحوها هم صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم وجنود الإسلام وحملة المنهج الإلهي في الأرض، وهم الذين قدموا أرواحهم فداء لصيانة هذا الفتح العظيم طوال مراحل التاريخ.

والإخوان يهيبون بكل القوى الإسلامية وشعوبنا الأبية أن يواصلوا حمل الأمانة والدفاع عن مقدساتنا وحقوقنا كاملة دون تفريط، وسيكونون- بإذن الله- معهم يدًا واحدة حتى نسترد فلسطين وكل أرض إسلامية سليبة.

الإخوان لها الآن:

لقد فتحها عمر بن الخطاب، وحررها من الصليبيين صلاح الدين الأيوبي، ودافع عنها قطز ضد المغول، ودافع عنها الإخوان المسلمون عام 1948م ضد اليهود.. وهم لها الآن.. وإن غدًا لناظره قريب.

﴿وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ (146)﴾ (آل عمران)... والله أكبر ولله الحمد.