4 سنوات من منع الزيارة و7 من الحبس الانفرادي مع المنع من الحقوق الآدمية لأي سجين والتضيق والتنكيل وإصدار أحكام ظالمة مشددة.. هكذا ينتقم نظام السيسي من الدكتور باسم عودة "وزير الغلابة"، لرفض خيانة القسم أمام الرئيس الشهيد محمد مرسي، ووقوفه في صف الشعب المصري المطحون.

9 نوفمبر عام 2016، كانت آخر زيارة سمحت بها سلطات الانقلاب، لباسم عودة، ليغلق عليه باب الزنزانة من يومها في الحبس الانفرادي في سجن ملحق مزرعة طرة جنوبي القاهرة.

ومنذ أربع سنوات كاملة، لم تيأس حنان توفيق، زوجة باسم عودة الملقب بـ"وزير الغلابة" لاهتمامه بفئات الشعب المهمشة والفقيرة، من التدوين عنه بشكل شبه يومي، عبر وسوم "الحرية لباسم عودة"، و"من حق باسم عودة يشوف ولاده"، و"افتحوا الزيارة".

نشأته

باسم كمال محمد عودة، وُلد يوم 16 مارس 1970، لأسرة مصرية متوسطة من مركز الشهداء بمحافظة المنوفية، وهو الشقيق الأكبر لثلاثة إخوة، بهاء، وسامح، وأختين.

دخل باسم عودة إلى مراحل التعليم، بداية من الابتدائية والإعدادية والثانوية في بلدته بمحافظة المنوفية، وسجل نبوغا مبكرا وكان محل ملاحظة وإشادة معلميه ورفاقه، الذين أقروا بتفوقه خلقا وعلما وسلوكا.

تفوق من المرحلة الثانوية، وحصوله على درجات رفيعة ما أهله إلى الالتحاق بكلية الهندسة جامعة القاهرة، وهناك استمرت رحلته الدراسية بتفوق.

بعد تخرجه، تم تعيينه معيدا في الكلية، ثم تدرج في السلك الأكاديمي فأصبح مدرسا مساعدا، ثم أستاذا بقسم الهندسة الحيوية الطبية والمنظومات بالكلية، واستشاري الهندسة الطبية وتقنية الرعاية الصحية.

ثورة يناير

شارك في ثورة يناير وأصيب في موقعة الجمل بميدان التحرير يوم 2 فبراير 2011، عندما حاولت مجموعة من البلطجية والعصابات اقتحام الميدان والفتك بالمتظاهرين.

بعد ثورة يناير، تولى عودة رئاسة المكتب التنفيذي للجان الشعبية في محافظة الجيزة، ورئاسة لجنة التنمية المحلية بحزب الحرية والعدالة، وكان عضوا في الأمانة المركزية للتخطيط والتنمية بالحزب، ومنسقا لحملة "وطن نظيف" على مستوى الجمهورية.

وزيرا للتموين

تولى باسم عودة مسئولية ملف الطاقة والوقود برئاسة الجمهورية في الشهور الأولى من حكم الرئيس الشهيد محمد مرسي، وأثبت جدارته في تلك الفترة. 

وفي 10 يناير 2013، تم تعيين الدكتور باسم عودة وزيرا للتموين، فأصبح وقتئذ أصغر وزير "43 عاما" يتولى أقدم وزارة مصرية، وبدأت رحلة النجاح والكفاح.

خلال أشهر معدودة من ولاية عودة استطاع القضاء على جزء كبير من الفساد داخل وزارته، وأقال بعض القيادات الفاسدة، ونزل بنفسه إلى الشارع ليتابع أهم مشكلتين للشعب المصري؛ رغيف العيش وأسطوانة الغاز، وحرص على تفقد ومراقبة المخابز بنفسه لضمان إنتاج خبز بمواصفات آدمية للمصريين، ولم يتردد في إغلاق المخابز التي تتاجر بالدقيق في السوق السوداء.

وضع باسم عودة مرتكزات رئيسية في خطته الطامحة، على رأسها الخبز والسلع التموينية والمنتجات البترولية، وحدد 4 ملفات حساسة تخص المواطنين، وهو يدرك صعوبة المعركة مع المتنفذين داخل الدولة العميقة.

الملفات الأربعة التي وضعها عودة على سلم أجندته تمثلت في تنفيذ منظومة الخبز الجديدة، ورفع جودة السلع التموينية، وضبط منظومة البنزين والمنتجات البترولية، وتطوير وتنشيط قطاع التجارة الداخلية.

بدأ عودة بتطبيق منظومة الخبز ليحصل المواطن على رغيف خبزه بكرامة تليق به بعد ثورة يناير، وقضى على ظاهرة الطوابير الطويلة، وجعل رضا المواطن على جودة المنتج هو الشرط الأول والأخير لصرف أصحاب المخابر لقيمة الدعم عن طريق منظومة الكروت الذكية التي تحصر الكميات المباعة من الخبز فقط وليس المنتجة.

طبق عودة إستراتيجية فاعلة تعتمد على أن يكون الدعم المقدم من الدولة لرغيف الخبز على المنتج النهائي المباع بالفعل للمواطنين، وليس على الدقيق كما كان في السابق، وبذلك أصبح فرضا على أصحاب المخابز إنتاج الكمية المصروفة لهم من الدقيق بالكامل بجودة ومواصفات مرضية.

كما منع عودة إضافة دقيق الذرة إلى القمح في إنتاج رغيف الخبز، على نحو رفع من جودة الخبز التمويني، وحافظ بهذا القرار على صحة المصريين من الإصابة بالسموم الفطرية الموجودة في دقيق الذرة. كما قرر عودة كذلك تعميم حق كل المواطنين في الحصول على الخبز والبوتاجاز، فأصدر قرارا بصرف الخبز وأسطوانات البوتاجاز لجميع المواطنين بالدولة، ولا يُشترط أن يكون ممن يحمل بطاقة تموينية بما فيهم المغتربون بين المحافظات، عن طريق استحداث بطاقة صرف خبز للمغتربين.

السيسي ينتقم!

بحسب شهادة مدير مكتب الدكتور باسم عودة، وأفراد أسرته، أنه بعد الانقلاب العسكري مباشرة يوم 3 يوليو 2013، اتصل رئيس المخابرات العامة عباس كامل، وطلب من مدير مكتب باسم عودة أن "يوصّله بالدكتور باسم لأن السيسي يريد الحديث معه"، وأضاف بأنه "تلقى اتصالا من مجلس الوزراء يطلب مني الطلب نفسه".

ورفض الدكتور باسم التواصل معهم، وقال: "السيسي يظن بي أني سوف أخون القَسَم أمام الرئيس مرسي من أجل منصب زائل".

وجمع الدكتور باسم أفراد أسرته وقال لهم: "عدم ردي على السيسي هيكون تبعته كبيرة، فهل تتحملون معي؟ قالوا نعم نتحمل".

وفي 4 يوليو 2013، تقدم باسم عودة وباقي أعضاء حكومة الدكتور هشام قنديل باستقالتهم، احتجاجا على الانقلاب العسكري.

وسجل عودة حضورا لافتا في اعتصام ميدان رابعة العدوية والنهضة قبل فضه بالقوة، وظل اسم عودة وصوره حاضرة بقوة في ميادين الثورة ضد الانقلاب.

اعتقاله

في 12 نوفمبر 2013، ألقت ميلشيات الانقلاب القبض على باسم عودة في منطقة وادي النطرون بمحافظة البحيرة، وفي 19 يونيو 2014 صدر حكم بالإعدام بحق باسم عودة وعدد من قيادات الإخوان في القضية الهزلية المعروفة إعلاميا باسم "أحداث مسجد الاستقامة"، لكن تم الطعن على الحكم أمام محكمة النقض التي قضت ببراءة باسم عودة وآخرين.

وفي حكم نهائي، وفي القضية الهزلية المسماة "أحداث البحر الأعظم"، قضت محكمة جنايات القاهرة في 12 أغسطس 2018، بالسجن المشدد 15 سنة على باسم عودة بتهمة "التحريض على ارتكاب أعمال عنف، وارتكاب جرائم الإرهاب والتجمهر والقتل العمد لـ5 مواطنين والشروع في قتل 100 آخرين، واستعراض القوة وفرض السطوة والانضمام لعصابة هاجمت طائفة من السكان وقاومت بالسلاح رجال السلطة العامة لمنع تنفيذ القوانين وإحراز الأسلحة النارية والذخائر والأسلحة البيضاء وإتلاف ممتلكات المواطنين"!!