قال محمد إلهامي، الباحث في التاريخ والحضارة الإسلامية، إن بيان هيئة "كبار العلماء" السعودية تجاه جماعة الإخوان المسلمون إنما هو موقف سياسي متغير يبتعد عن الجدية العلمية والتناول الموضوعي، مشددا على أنه يجب ألا تؤخذ مواقف المؤسسات العلمية الرسمية -حاليا- بمناط الاعتبار.
وأوضح أن الموقف الرسمي السعودي الآن هو الانسلاخ من الهوية الإسلامية، وفتح البلاد أمام الليبرالية، مبينا أنها الليبرالية التي تستهين بالأخلاق وتشجع على التبرج والاختلاط والانحلال بشكل عام، وليست الليبرالية التي تعني بالحريات السياسية وحقوق الإنسان والمشاركة في اختيار الحاكم ومراقبته وعزله وتداول السلطة.
وأفاد أن السعودية تأخذ من الفكر الليبرالي أسوأ ما فيه وأفحش ما فيه، وتترك ما في الليبرالية من إنجاز سياسي وحضاري.
وبالمقابل، أشار إلى موقف سابق للمؤسسات الرسمية من الإخوان، حيث كانت السعودية في أوقات سابقة هي حاضنة الإخوان المسلمين، ويتحكم مشايخ الإخوان المشهورين في مناهجها التعليمية عبر مواقعهم النافذة في المؤسسات العلمية والتعليمية والدعوية، وكانت كتب سيد قطب تطبع بأموال الحكومة السعودية وتوزع حتى على عناصر الجيش السعودي.
مسار التطبيع
ولفت إلى أن السعودية اليوم تفتح مسارا واسعا للتطبيع مع الكيان الصهيوني، وقد دخلت -بشرائها لجزيرتي تيران وصنافير- في دول الطوق، ووقعت على الاتفاقية الأمنية التي تنظم مهمات دول الطوق، وحصلت العديد من الزيارات غير الرسمية، والزيارات الرسمية غير المعلنة من مسؤولين سعوديين إلى الكيان الصهيوني.
وأضاف أن الانسلاخ العام والعلني من الهوية الإسلامية –الذي تلتزمه الرياض اليوم- يستلزم محاربة التيارات الإسلامية جميعها، بما في ذلك الوهابية، ولكن لظروف السعودية الخاصة التي يرسخ فيها شأن الشيخ محمد عبد الوهاب ودعوته، وعائلته كذلك، فإن الأنسب بالنسبة للسلطة السعودية أن تجعل عنوان المعركة متعلقا بالإخوان المسلمين.
منافسة احتكارية
وفي جانب آخر، رأى "إلهامي" الحاصل على ماجستير في الاقتصاد الإسلامي، أن الإخوان المسلمين، خصوصا بعد التجربة المصرية، مثَّلوا بديلا خطيرا للفكرة التي طالما احتكرتها السلطة السعودية، وهي فكرة تمثيل الإسلام، وقدرة غيرهم على الوصول إلى السلطة والتحدث بلسان إسلامي.
وأوضح في مداخلة في تقرير لـ"الخليج أون لاين"، أعاد نشرها في شكل تغريدات على حسابه على "تويتر" أن ظروف ثورة مصر والربيع العربي تعرض النظام الملكي السعودي لتهديد خطير على مستوى الفكرة وعلى مستوى التجربة، ولهذا كانت السعودية لديها دوافع إضافية (فوق كل الدوافع الموجودة بطبيعتها لدى سلطة استبدادية عنيفة ودولة وظيفية شرق أوسطية) لمعاداة الإخوان المسلمين.
وفي استعراض لرؤيته الشخصية تجاه "الإخوان المسلمين" رأى محمد إلهامي أنها بدأت كجماعة إسلامية تستهدف إعادة المجتمعات إلى الإسلام وتغيير السلطات الحاكمة الموالية للغرب، لكن تجربتهم الطويلة نزعت بهم إلى ترك التغيير والبقاء في خانة الإصلاح فحسب.
وخلص من ذلك إلى أن "الجميع يعرف ويعترف من خلال الواقع بأن جماعة الإخوان لا يمكن أن توصف بالإرهابية ضمن أي مفهوم لمعنى "الإرهاب". وأن أول ما يؤكد ذلك هو موقف السعودية الرسمي إلى وقت قريب.