اندلعت ثورة يناير، التى جاءت نتيجة لتراكمات  ثلاثة عقود من الظلم و القمع التهميش  والفساد والإفساد، خاصة إفساد الحياة السياسية ، بعد التزوير الفاضح لإرادة الشعب في انتخابات برلمان 2010، التى هندسها الفتى المدلل للنظام" أحمد عز"، لإسكات أى صوت معارض.

ولا أحد ينكر الدور السياسي والاجتماعي للإخوان المسلمين منذ تأسيسها في 1928، ودورها في ثورة يناير.

فقد ساهمت جماعة الإخوان المسلمين ، في إحداث حراك في الشارع المصري على المستوى الدعوي والسياسي ومحاربة الفساد، وإيقاظ الوعى لدى الشعب .

وقبل اندلاع الثورة- وكانت الأيام  حبلى بأحداث عجيبة ، تعلن عن ميلاد فجر جديد،في هذه الأثناء - صدر بيان 19 يناير 2011.

حيث  أوضح بيان الجماعة ، أن ما حدث في تونس “رسالة إلى كل الشعوب المقهورة والصابرة بأن الشعوب يمكن أن تفعل الكثير، وأنها إن تحرَّكت بدافع المصلحة العامة ضد السلطان الجائر، فإن يد الله تكون معها وتعمل لصالحها”.

ومن خلال البيان طالب الإخوان الحكومة المصرية بعدة مطالب، منها: إلغاء حالة الطوارئ المفروضة على المصريين، وحل مجلس الشعب المُزوَّر، بإصدار قرارٍ جمهوري من رئيس الجمهورية، وإجراء انتخابات حرة ونزيهة، لتكوين مجلس جديد يُعبِّر عن إرادة الأمة، ويحقق آمال وطموحات المصريين، وتحت إشرافٍ قضائي كامل، وإجراء تعديلات دستورية لازمة وسريعة للمواد 5، 76، 77، 88، 179 ، لضمان حرية الترشح وديمقراطية الاختيار في الانتخابات الرئاسية القادمة ، تحت الإشراف القضائي الكامل.

ومع بزوغ فجر 25 يناير، طلب شباب الإخوان من قياداته الاشتراك في المظاهرات، وتم ذلك بالفعل من قِبَل شباب الجماعة، بالرغم من التهديدات الأمنية التى وجهتتها الجهات الأمنية لجماعة الإخوان المسلمين لمنعهم من المشاركة في جمعة الغضب، لكن الجماعة رفضت التهديدات الأمنية ، فتم اعتقال أكثر من 34 قيادى من مختلف المحافظات بينهم أعضاء من كتب الإرشاد.

إلا أن د. محمد بديع، المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين، رفض هذا التهديد، وأعلن من على موقع “إخوان أون لاين” رفضه هذا التهديد، مؤكدًا أن شباب الإخوان لهم حق النزول إلى المظاهرات متى يريدون.

واضطر النظام صاغراً لاستدعاء الإخوان للحوار، ولكن الإخوان أكدوا ضرورة التمسك بمطالب الثوار؛ وهو ما أدى إلى فشل الحوار وعدم استكماله.

وقد جاءت شهادات منصفة من بعض من كانوا بالميدان، لتؤكد على الدور الذى لعبه الإخوان لإنجاح الثورة؛

فقد قال براء الخطيب أحد من كانوا في التحرير يوم الأربعاء الدامي 2/2/2011: "لولا دفاع شباب الإخوان عن الميدان يوم الأربعاء الدامي لذبح الجميع".

وتحدث بلال فضل فقال: “... ظهرالإخوان المسلمين -الذين نختلف معهم- بمظهر حضاري، وكان لهم دور كبير في إنجاح الثورة سيكتبه كل الذين شاركوا في هذه الثورة، وأنا منهم، ودورهم يوم الأربعاء في صد البلطجية دور رائع”.

ومع ذلك خرج من بين  فلول نظام  المخلوع، من يتهم الإخوان المسلمين بعدم المشاركة في ثورة 25 يناير 2011 ،واتهامهم فيما بعد بأنهم قفزوا على الثورة يوم 28 يناير، ولم يُشاركوا في الثورة إلا بعد أن بدأت تُحقق نجاحاتها.

وعندما دعا المجلس العسكرى لعمل خارطة طريق من خلال تعديل دستورى محدود ، دعمت الجماعة خارطة الطريق المتعلقة بالتعديلات الدستورية، التى تمهد لإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية، وما يتعلق بمدة الولاية الدستورية، وآليات الانتخاب، والإشراف القضائي على الانتخابات، وآليات الطعن، والجهة المخولة بذلك، ومن يحق له الدعوة لإجراء تعديلات دستورية ، ثم سعت الجماعة بعد تأسيسها لحزب “الحرية والعدالة” مع حزب الوفد في يونيو ٢٠١١ لتأسيس “التحالف الديمقراطي من أجل مصر” ، من أجل التوافق والتنسيق لانتخابات مجلس الشعب، وقد فازت الجماعة في أول انتخابات تشريعية بنسبة ٤٧٪ من مقاعد مجلس الشعب، وبنسبة ٥٨٪من مقاعد مجلس الشورى.

وكان من أهم ثمار ثورة يناير، فوز الرئيس،" محمد مرسى" في ٢٤ يونيو 2012 بمنصب الرئيس في جولة الإعادة، مع مرشح العسكر ، الفريق  " أحمد شفيق" بنسبة ٥١.٧٪.

وقد عاب البعض على جماعة الإخوان المسلمين نزولها بمرشح لرئاسة الجمهورية ، وهنا نقطة هامة لابد من تجليتها ، فقد حرصت الجماعة وانطلاقاً من مبدأ المشاركة لا المغالبة ، أن ترشح إحدى الشخصيات الوطنية من أمثال المستشار، "طارق البشرى"، أو المستشار، "حسام الغريانى"، أو المستشار، "محمود مكى" ، لكنهم رفضوا جميعاً ، ومع علم الجماعة بمخططات المجلس العسكرى، الذى كان يسعى للهيمنة على السلطة والتشبث بها، أكدت الجماعة بأنها ستدفع بمرشح لها في الانتخابات الرئاسية، وبالفعل تم اختيار المهندس، "خيرت الشاطر" ،ولعلم الجماعة بألاعيب العسكر، والقضاء الشامخ ، قدمت الجماعة مرشحاً احتياطياً للمهندس ، "خيرت الشاطر"، وقد صدق حدس الجماعة فيما توقعته، فقد تم استبعاد خيرت الشاطر بزعم أنه كان في السجن حتى مارس 2011، واشتراط القانون مرور ست سنوات، من تاريخ انقضاء العقوبة ليحصل السجين على رد الاعتبار، والتمكن من استعادة حقوقه السياسية.

تم اعتماد الدكتور،" محمد مرسى" كمرشح للرئاسة، ومرشح الثورة، في مواجهة شخصيات محسوبة على

نظام مبارك، مثل عمرو موسى، وعمر سليمان، وأحمد شفيق.

وانتهى الأمر بعد الجولة الأولى ،بالتنافس بين مرشح الإخوان ومرشح العسكر ، وكم حاول العسكر تزوير النتيجة، لكن يقظة الإخوان حالت دون ذلك، فاضطر العسكر صاغرين لإعلان فوز الرئيس محمد مرسى .

ولذلك أصر الرئيس محمد مرسى على أن يؤدى القسم الدستورى في ميدان التحرير، للتأكيد على أنه مرشح الثورة، يوم الجمعة 29 يونيو 2012

وقال مرسي أمام الحشود في ميدان التحرير: "يا رجال الثورة الصامدين.. يا أيها الشعب العظيم جئت إليكم اليوم لأنني مؤمن تماما بأنكم مصدر السلطة والشرعية التي تعلو على الجميع.. من يحتمي بغيركم يخسر ومن يسير مع إرادتكم ينجح،  ونريد للوطن أن ينجح".

"أتيت اليوم إليكم.. إلى الشعب المصري بعد أن أولاني ثقته وحملني الأمانة والمسئولية.

جئت لأجدد العهد معكم.. وأذكركم أنكم وحدكم الجهة التي دائما سأبدأ منها، طالبا- بعد الله- دعمها وتأييدها. فهل انتم مستعدون لنحصل على كافة حقوقنا ، على كامل حقوقكم؟ ما دامت هذه إرادتكم بعد إرادة الله .. أنا أقف أمامكم أيها الشعب المصري العظيم قبل أي جهة أخرى".

"أتيت اليوم إلى الشعب المصري ... الكل يسمعني الآن.. الشعب كله يسمعني والوزارة والحكومة والجيش والشرطة ورجال مصر ونساؤها في الداخل والخارج: لا سلطة فوق هذه.. سلطة الشعب".

"أيها الشعب المصري العظيم.. أنتم الأصل وغيركم عنكم وكيل، وإذا زال الوكيل أو النائب أعود إلى الأصل.. وبعد إلقاء القسم ، هتف "ثوار أحرار حنكمل المشوار".

كما أن الرئيس مرسى أصدر إعلانا دستورياً ، أعطى له حق اتخاذ أي تدابير أو قرارات لحماية الثورة، على النحو الذي ينظمه القانون.

كما حصن الإعلانات الدستورية والقوانين والقرارات الصادرة من الرئيس، حتى نفاذ الدستور، بجعلها نهائية ونافذة ولا يجوز الطعن عليها.

كما أنه  ، حصن مجلس الشورى، والجمعية التأسيسية لوضع مشروع الدستور.

وعلى إثر الإعلان الدستورى ، تكونت "جبهة إنقاذ مصر"، بقيادة الدكتور، "محمد البرادعى" التى استغلت  إصدار الإعلان الدستورى للتحريض على إسقاط الرئيس مرسى.

وقامت بتوفير غطاء سياسى للفوضى والبلطجة والهجوم على مقرات الإخوان وحزب الحرية والعدالة.

وخلال العام الذى  حكم فيه  الرئيس مرسى، كانت الآلة الإعلامية ، تقوم بخطة محكمة ومدروسة محلياً وإقليمياً ودولياً؛ لإفشال أول تجربة ديمقراطية حقيقية في مصر والإجهاز عليها.

وواجه الرئيس حملة إعلامية مسعورة ، نالت من شخصه وحزبه وجماعته ،ثم التعبئة والحشد لمظاهرات 30 يونيو 2013م،وصولاً إلى مشهد الانقلاب العسكري في الثالث من يوليو 2013م.

كما قامت المعارضة، ووسائل الإعلام بتوجيه اتهامات لمرسي بمحاولة أخونة الدولة، خاصة الإعلام، نظراً للتعينات التى قام بها مجلس الشورى لرؤساء تحرير الصحف والمجلات القومية، وتعيين صلاح عبد المقصود وزيراً للإعلام.

كما عملت وسائل الإعلام على تصوير ثورة يناير باعتبارها مؤامرة خارجية، وأن جماعة الإخوان نسقت مع حركة حماس وحزب الله لاختراق الحدود ، ومهاجمة السجون وأقسام الشرطة، لصنع حالة من الفوضى، للإطاحة بنظام مبارك والإفراج عن قيادات الإخوان في السجون.

وقد اعتمد خطاب الإعلام على تشبيه الإخوان بالحزب الوطني، واتهامه بالاستحواذ على كافة المناصب والتحكم في الدولة، وبرز مصطلح “الأخونة” في تغطيات وسائل الإعلام،  التي ادعت وجود 13 ألف “إخواني” في مناصب متنوعة في الدولة تم تعيينهم بعد فوز مرسي بالانتخابات الرئاسية، واعتبار كل من يعمل مع مرسي “إخوانيا”.

حتى أن وسائل الإعلام  أذاعت أن عبدالفتاح السيسى ، مقرب من الإخوان عقب تعيينه وزيراً للدفاع مباشرة، كما أكد المذيع “توفيق عكاشة” أكثر من مرة انتماء السيسي للإخوان، وهو الاتهام الذي وجد صدى كبيراً عند كثيرين وتأكد عدم صحته بعد الانقلاب.

وأفردت الصحف والقنوات الفضائية مساحات واسعة للحديث عما سمته “أخونة مؤسسات الدولة” مثل “أخونة الإعلام “، و” أخونة الأوقاف” وغيره.

وقد رفض سياسيون غيرإسلاميين بشكل منهجي المشاركة في حكومة هشام قنديل. فقد رفض حمدين صباحي، عرض مرسي لمنصب نائب الرئيس، ورفض مؤسس حركة 6 أبريل أحمد ماهر منصب مستشار رئاسي.

وكذلك "أيمن نور"، رئيس حزب الغد، الذي رفض تولي منصب رئيس الحكومة، و"وائل غنيم" الذي رفض تولى حقيبة الشباب، و "حمدى قنديل" الذي رفض حقيبة الإعلام.

مما يؤكد أن جماعة الإخوان لم تكن طامعة في السلطة، ولا حريصة على أخونة المؤسسات، وغير ذلك من الدعوات الباطلة. وكيف لمن يريد الأخونة أن يأتى برئيس حكومة من غير حزبه ومن غير تياره، ويعرض حقائب هامة كالشباب والإعلام على أشخاص لهم توجهات علمانية وليبرالية؟!!