الصيام الشرعي: هو إمساك وامتناع إرادي عن الطعام والشراب، ومباشرة النساء وما في حكمها، خلال يوم كامل: أي من تَبَيُّن الفجر إلى غروب الشمس، بنية الامتثال والتقرب إلى الله تبارك وتعالى.

أركانه

- النية: ولا بدَّ أن تُبيَّت من الليل في صيام الفرض، وتصح في صيام التطوع في أي وقت من النهار، والنية محلها القلب، وليس التلفظ شرطًا لها.

- والإمساك عن الطعام والشراب ومباشرة النساء- وما في حكمها- من طلوع الفجر حتى غروب الشمس.

وصيام رمضان فريضةٌ مقدسةٌ وعبادةٌ من عبادات الإسلام وركنٌ من الأركان العملية الخمسة التي بني عليها هذا الدين، وقد ثبت وجوبه وفرضيته بالكتاب والسنة والإجماع؛ فقد قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمْ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (183) أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ﴾ (البقرة: 183، 184)، ثم قال: ﴿شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنْ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمْ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ﴾ (البقرة :185).
وفي السُّنَّة: روى عمر في حديث جبريل المشهور عنه- صلى الله عليه وسلم- "الإسلام: أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلاً".

وقد أجمع المسلمون من جميع المذاهب والطوائف وفي جميع العصور- منذ عهد النبوة إلى اليوم- على وجوب صيام رمضان، وفرضيته العينية على جميع المسلمين المكلفين، لم يشذ عن ذلك أحد في القديم ولا الحديث.

بماذا يثبت دخول الشهر؟!

وإذا كان الله تعالى قد فرض صيام رمضان- وهو شهر قمري- فمن لوازم ذلك أن يكون ثبوت دخوله بظهور الهلال في الأفق، فالهلال هو العلامة الحسية لدخول الشهر، وفي هذا يقول القرآن: ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنْ الأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ﴾ (البقرة :189)، وكذلك خروجه بظهور هلال شوال.

ما الوسيلة لإثبات ظهور الهلال؟

شرع رسول الله- صلى الله عليه وسلم- الوسيلةَ الطبيعية الميسورة للأمة المقدورة لجميع الأمة والتي لا غموض فيها ولا تعقيد، والأمة في ذلك الوقت أمية لا تكتب ولا تحسب، وهذه الوسيلة هي رؤية الهلال بالأبصار.

فعن أبي هريرة أن النبي- صلى الله عليه وسلم- قال: "صوموا لرؤيته (أي الهلال)، وأفطروا لرؤيته، فإن غَبِي عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين" (متفق عليه، اللؤلؤ والمرجان، -656، ومعنى "غَبِي": من الغباء، وهو الغبرة في السماء).

وعن ابن عمر أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- ذكر رمضان فقال: "لا تصوموا حتى تروا الهلال، ولا تفطروا حتى تروه، فإن غُمَّ عليكم فاقدروا له" (نفسه- 653، ومعنى "غُمَّ": أي خفي وغطاه سحاب أو قترة أو غير ذلك).

وكان هذا رحمةً بالأمة، إذ لم يكلفها الله العمل بالحساب، وهي لا تعرفه ولا تحسنه، فلو كلفت ذلك لقلدت فيه أمةً أخرى من أهل الكتاب أو غيرهم ممن لا يدينون بدينها.

ثلاث طرق لإثبات دخول رمضان

وقد أثبتت الأحاديث الصحاح أن شهر رمضان يثبت دخوله بواحدة من ثلاث طرق:

1- رؤية الهلال.

2- أو إكمال عدة شعبان ثلاثين.

3- أو التقدير للهلال (الحساب الفلكي).

حقائق ينبغي أن يُتفق عليها

الأولى: أن في هذا الأمر- أعني ما يتعلق بإثبات دخول الشهر- سعةً ومرونةً بالنظر إلى نصوص الشرع وأحكامه، واختلاف العلماء في هذا المقام توسعة ورحمة للأمة، فمَنْ أثبتَ دخول الشهر بعدل أو عدلين، أو اشترط جمًّا غفيرًا لم يبعد عما قال به بعض فقهاء الأمة المعتبَرين، بل مَنْ قال بالحساب وجد له في السلف قائلاً منذ عهد التابعين فمَنْ بعدهم.

الثانية: أن الخطأ في مثل هذه الأمور مغتفَر، فلو أخطأ الشاهد الذي شهد بأنه رأى هلال رمضان أو شوال، وترتب عليه أن صام الناس يومًا من شعبان أو أفطروا يومًا من رمضان، فإن الله تعالى أهلٌ لأن يغفر لهم خطأهم، وقد علمهم أن يدعوا فيقولوا: ﴿ربنا لا تُؤاخِذْنا إن نَسِينا أو أخطأنا﴾ (البقرة: 286).

الثالثة: أن السعي إلى وحدة المسلمين في صيامهم وفطرهم، وسائر شعائرهم وشرائعهم أمرٌ مطلوب دائمًا، ولا ينبغي اليأس من الوصول إليه ولا من إزالة العوائق دونه، ولكنَّ الذي يجب تأكيده وعدم التفريط فيه بحال هو أننا إذا لم نصل إلى الوحدة الكلية العامة بين أقطار المسلمين في أنحاء العالم فعلى الأقل يجب أن نحرص على الوحدة الجزئية الخاصة بين أبناء الإسلام في القطر الواحد.

على من يجب صيام رمضان؟

يجب الصيام وجوبًا فوريًّا على المسلم البالغ العاقل المقيم الصحيح إذا لم تكن فيه الصفة المانعة من الصوم، وهي الحيض والنفاس للنساء.. قال تعالى: ﴿فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ﴾ (البقرة: 185)، ويفضل تعويد الصغار على الصيام قبل سن البلوغ، كما أن صيام المجنون ومن يعاني من الإغماء (سواءٌ كان الإغماء طويلاً أم قصيرًا) لا يصح.

الأعذار في الصوم أنواع ولكل منها حُكمه

صيام المسافر: من الرخص التي شرعها الإسلام للمسافر رخصة الفطر في الصيام، وهي ثابتة بالقرآن والسنة والإجماع.. ففي القرآن قال الله تعالى: ﴿فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيْضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيْدُ اللهُ بِكُمُ اليُسْرَ وَلاَ يُرِيْدُ بِكُمُ الْعُسْرَ﴾ (البقرة: 185).. ﴿فَمَنْ كَانَ مِنْكمْ مَرِيْضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِيْنَ يُطِيْقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِيْنٍ﴾ (البقرة: 183).

وجاءت السنة فأكدت هذا الحكم قولاً وعملاً وتقريرًا.. ففي الصحيحين: عن عائشة أن حمزة بن عمرو الأسلمي قال للنبي- صلى الله عليه وسلم-: أأصوم في السفر؟ وكان كثير الصيام فقال: "إن شئت فصم، وإن شئت فأفطر".

وفي رواية لمسلم: أنه قال: يا رسول الله، أجد مني قوةً على الصوم في السفر، فهل عليَّ جناح؟! فقال: "هي رخصةٌ من الله تعالى، فمن أخذ بها فحسن، ومن أحب أن يصوم فلا جناح عليه"، وفي الصحيحين أيضًا عن أبي الدرداء: خرجنا مع النبي- صلى الله عليه وسلم- في بعض أسفاره في يوم حار حتى يضع الرجل يده على رأسه من شدة الحر، وما فينا صائم، إلا ما كان من النبي- صلى الله عليه وسلم- وابن رواحة، ورَوَيا أيضًا بسندهما عن أنس بن مالك: كنا نسافر مع النبي- صلى الله عليه وسلم- فلم يَعِب الصائمُ على المفطر، ولا المفطر على الصائم.. وأجمعت الأمة بكل مذاهبها على شرعية الفطر للمسافر.

- السفر بالوسائل لا يسقط الرخص

- المسافة التي يفطر بسببها المسافر ( من 80-90كم).

الأخذ بالرخصة أم العزيمة؟

هناك عدة اعتبارات:

يكون الصوم أفضل في الحالات الآتية:

1- أن ينشغل المسلم عن القضاء.

2- أن تكون الوسيلة مريحةً ولا يجد مشقةً في الصوم.

3- أن تكون مسافة القصر مما يختلف فيه، كأن تكون أقل من 80كم.

ويكون الفطر في السفر أفضل عندما:

1 - يكون في الصوم مشقة شديدة.

2 - يكون المسافر في جماعة تحتاج إلى خِدمات ومساعدات بدنية واجتماعية، يعوق الصوم كليًّا أو جزئيًّا عن القيام بها، فيستأثر بها المفطرون، ويحرم من مثوبتها الصائمون.

3 - يكون في الإفطار تعليمٌ للسنة وتعريفٌ بالرخصة، كأن ينتشر بين بعض الناس أن الفطر في السفر لا يجوز أو لا يليق بأهل الدين، وينكرون على من أفطر في السفر.. فيكون الإفطار حينئذ أفضل.

4 - يكون في رفقة أخذوا بالرخصة جميعًا وأفطروا، ويسوؤهم أن ينفرد بالصيام دونهم، فلا يحسن به أن يصوم وحده، لما في ذلك من الشذوذ عن الجماعة من ناحية ولما في ذلك من خشية دخول الرياء على نفس الصائم، أو اتهامه به من ناحية أخرى.

5 - يكون الأمير قد أمر بالإفطار؛ رفقًا بهم ورعايةً لحالهم، فيستحب أن يطاع في ذلك، لتظهر الجماعة في صورة أسرة واحدة موحدة المظهر والمخبر، فإذا شدد في ضرورة الإفطار وألزم به وجبت طاعته في ذلك، وحرمت مخالفته، واعتبر ذلك معصية. "أولئك العصاة.. أولئك العصاة".

6-  يكون المسافر في حالة جهاد ومواجهة ساخنة مع العدو، وقد حمي الوطيس والتهبت المعركة، والفطر أقوى للمجاهدين وأكثر عونًا لهم على ملاقاة العدو ومصابرته حتى يقضي الله أمرًا كان مفعولاً، بل قد يتعين الفطر هنا.

صيام المريض

 قال تعالى: ﴿وَمَنْ كَانَ مَرِيْضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيْدُ اللهُ بِكُمُ اليُسْرَ وَلاَ يُرِيْدُ بِكُمُ الْعُسْرَ﴾ (البقرة: 185).. فالمرض الموجِب للرخصة هو الذي يسبب للصائم مشقةً وألمًا، أو يكون الصيام سببًا لزيادته، أو تأخرًا شفائه منه، ويعرف ذلك بغلبة الظن، فهي كافية في الأحكام العملية، وغلبة الظن تُعرف هنا بأمرين: إما بالتجربة أو بإخبار طبيب مسلم، ثقة في دينه، ثقة في طبه.

الشيخ الكبير والمرأة العجوز

من أصحاب الأعذار الذين يلحقون بالمرضى من وجه وإن خالفوهم من وجه آخر الشيخ الكبير، الذي وهن العظمُ منه وبلغ من الكبر عتيًّا، ويجهده الصوم ويلحق به مشقةً شديدةً، ومثله المرأة العجوز التي أضعفها الكبر، فحكمهما واحد بالإجماع؛ لقول الله تعالى:﴿وَعَلَى الَّذِيْنَ يُطِيْقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِيْنٍ﴾ (البقرة: 183).

ويلحق بهما من ابتُلي بمرض مزمن، إذا لحقته بالصوم مشقةٌ ظاهرةٌ، وهو الذي لا يُرجى برؤه من مرضه والشفاء منه، وفقًا لسنة الله الجارية على الأسباب والمسببات، وإن كانت القدرة الإلهية لا يعجزها شيء، هؤلاء جميعًا عليهم الفطر والكفَّارة.

ويلحق بهذا النوع من أصحاب الأعذار مَن كان يمتهن الأعمال الشاقة التي لا يقدر معها على الصوم، مثل: عمال المناجم، أو الأفران أو غيرهم ممن لا يستطيعون الصوم ولا يجدون فرصةً للقضاء، فهم يفطرون ويفدون، شريطةَ ألا يقدرون على عمل آخر ويحتاجون للعمل في رمضان احتياجًا شديدًا، وليس لديهم فرصة للعمل بالليل مثلاً أو غير ذلك، ويظل هذا العمل ممتدًّا طوال العام.

الحائض والنفساء

ويشترط لوجوب الصوم على الفور بالنسبة للمرأة الطهارة من الحيض والنفاس، فأما الحائض والنفساء، فلا يجب عليهما الصوم في الحال؛ لأنه لا يصح منهما حتى تطُهرا، وإنما حرم عليهما الصوم رفقًا بهما، ورعايةً لحالتهما البدنية والعصبية، ولم يجعل ذلك رخصةً، مبالغةً في الحرص على صحتهما الجسمية والنفسية، فإذا صامت الحائض أو النفساء فقد ارتكبت حرامًا، ولم يجزئها الصوم، وعليها القضاء ولا بد.

ومن حكمة الشارع ورحمته أنه أوجب عليهما قضاء الصوم ولم يوجب قضاء الصلاة، وقد سئلت عن ذلك عائشة فقالت: كنا نؤمَر بقضاء الصوم، ولا نؤمر بقضاء الصلاة (رواه مسلم).

الحامل والمرضع

والمرأة في حالة الحمل قد تخاف على نفسها من مشقة الصوم، وقد تخاف على حملها في بطنها الذي أصبح جزءًا منها، فغذاؤه منها، وبقاؤه بها، أو تخاف عليهما معًا، وهي في حالة الرضاع أيضًا قد تخاف على نفسها أو على رضيعها أو على الاثنين جميعًا.. فما الحكم في مختلف هذه الحالات؟

لقد أجمع الفقهاء على أن من حق كل منهما (الحامل والمرضع) أن تفطر في كل هذه الأحوال، ومعظم الفقهاء عاملوا كلتيهما معاملة المريض وقالوا: تفطران وتقضيان، وذهب بعضهم إلى أن عليهما الفدية، أي الإطعام، ولا قضاء عليهما، والراجح هو الرأي الثاني في شأن المرأة التي يتوالى عليها الحمل والإرضاع، وتكاد تكون في رمضان إما حاملاً وإما مرضعة.. أما المرأة التي تتباعد فترات حملها، فالأرجح أن تقضي كما هو رأي الجمهور.

قضاء رمضان

ومن كان عليه صيام أيام من رمضان- أفطر فيه بعذر- كالمريض والمسافر والحائض والنفساء، ومن شق عليه الصوم مشقةً شديدةً فأفطر والحامل والمرضع عند من يرى عليهما القضاء فينبغي له أن يبادر بقضاء ما فاته بعدد الأيام التي أفطر فيها؛ تبرئةً لذمته ومسارعةً إلى أداء الواجب واستباقًا للخيرات، ولا يأثم بالتأخير ما دام في نيته القضاء؛ لأن وجوب القضاء على التراخي، حتى إن له يتطوع قبله على الصحيح.

ويدل على ذلك أن عائشة- رضي الله عنها- قالت: كان يكون عليَّ الصيام من رمضان، فما أستطيع أن أقضي إلا في شعبان (متفق عليه، اللؤلؤ والمرجان- 703)، وكذلك من أفطر بغير عذر من باب أولى، كمن أفسد صومه عامدًا بما يوجب الكفارة كالجماع، أو بما لا يوجب الكفارة كالأكل أو الشرب عند أكثر الفقهاء فعليه القضاء أيضًا، كما بيَّنا ذلك في موضعه.

ويجوز أن يكون قضاء رمضان متتابعًا وهو أفضل، مسارعةً إلى إسقاط الفرض، وخروجًا من الخلاف (فقد أوجبه بعض العلماء لأن القضاء يحكي الأداء، وهو متتابع) وله أن يقضيه مفرقًا، وهو قول جمهور السلف والخلف، وعليه ثبتت الدلائل؛ لأن التتابع إنما وجب في الشهر لضرورة أدائه فيه، فأما بعد انقضاء رمضان فالمراد صيام عدة ما أفطر؛ ولهذا قال تعالى: ﴿فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ﴾ (البقرة: 185)، ولم يشترط فيها تتابعًا.. بل قال بعدها: ﴿يُرِيْدُ اللهُ بِكُمُ اليُسْرَ وَلاَ يُرِيْدُ بِكُمُ الْعُسْرَ﴾ (البقرة: 185).

ومن أتى عليه رمضان آخر ولم يقض ما عليه من رمضان الفائت فإن كان ذلك بعذر فلا شيء عليه بالإجماع لأنه معذور في تأخيره، وإن كان تأخيره للقضاء بغير عذر، فقد جاء عن عدد من الصحابة أن عليه عن كل يوم إطعام مسكين كفارة عن تأخيره، وأخذ بذلك مالك والثوري والشافعي وأحمد وغيرهم، وهناك رأي آخر: أن لا شيء عليه غير القضاء، وهو رأي النخعي وأبو حنيفة وأصحابه؛ لأنه لم يثبت في ذلك شيء.

من مات وعليه صيام

إذا مات المريض أو المسافر، وهما على حالهما من المرض والسفر، لم يلزمهما القضاء، لعدم إدراكهما عدة من أيام أخر، وإن صح المريض، وأقام المسافر، ثم ماتا، لزمهما القضاء بقدر الصحة والإقامة لإدراكهما العدة بهذا المقدار.

ومعنى اللزوم هنا أنه أصبح في ذمته، وتبرأ ذمته بأحد أمرين:

1- إما بصيام وليه عنه، لحديث عائشة في الصحيحين مرفوعًا: "من مات وعليه صيام، صام عنه وليه" وهذا من باب البر والصلة وليس على سبيل اللزوم والوجوب.

2- وإما بالإطعام عنه، أي بإخراج طعام مسكين من تركته وجوبًا، عن كل يوم فاته؛ لأنه دَيْن لله تعلق بتركته، ودَيْن الله أحق أن يقضى.

ما يفطر الصائم وما لا يفطره

الأشياء الثلاثة المحددة، التي مُنع منها الصائمون، من تبين الفجر إلى دخول الليل، هي الأكل والشرب والجماع وما يلحق بهما، كالدخان والتبغ والاستمناء وغيره، وما عدا ذلك فمحل خلاف طويل بين العلماء، والراجح أنها لا تفطر، وأكدت ذلك السنة بما جاء في الحديث القدسي: "كل عمل ابن آدم له، إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به، يدع الطعام من أجلي، ويدع الشراب من أجلي، ويدع لذته من أجلي، ويدع زوجته من أجلي".

هل الحجامة تفطر الصائم؟

فأما الحجامة- وهي أخذ الدم من الجسم بطريق المص- فقد ذهب إلى التفطير بها أحمد وإسحاق وبعض فقهاء الحديث، وهو مرويٌّ عن بعض الصحابة والتابعين، وقد قالوا: يفطر الحاجم والمحجوم، وحجتهم حديث ثوبان مرفوعًا: "أفطر الحاجم والمحجوم"، وجمهور الفقهاء على أن الحجامة لا تفطر.. لا الحاجم ولا المحجوم، وحجتهم حديث ابن عباس: أن النبي- صلى الله عليه وسلم- احتجم وهو محرم، واحتجم وهو صائم (رواه البخاري في صحيحه، كما في المجموع -35/6).

وسُئل أنس: أكنتم تكرهون الحجامة للصائم، وفي رواية: على عهد رسول الله- صلى الله عليه وسلم؟! قال: لا.. إلا من أجل الضعف (رواه البخاري، المصدر السابق)، وعن أبي سعيد الخدري: رخَّص رسول الله- صلى الله عليه وسلم- في القُبلة للصائم والحجامة (رواه الدارقطني وقال: رواته كلهم ثقات، ورواه من طريق آخر، وقال: كلهم ثقات (نفسه: 351).

والظاهر من هذه النقول أن حديث: "أفطر الحاجم والمحجوم" إن أُخذ بظاهره قد نسخ بدليل حديث ابن عباس في احتجامه عليه الصلاة والسلام وهو متأخر؛ لأنه كان في حجة الوداع، وأحاديث الترخيص في الحجامة تدل على أنها متأخرة، كما في حديث أنس وغيره، وغالب ما يستعمل الترخيص بعد المنع، كما أن أحاديث الترخيص في الحجامة للصائم أصح وأقوى، وينصرها القياس، كما قال الإمام الشافعي فوجب تقديمها.

وقد تأوَّلوا حديث: "أفطر الحاجم والمحجوم" بأن معناه: تعرضًا للفطر، أما الحاجم فلأنه لا يأمن من وصول شيء من الدم إلى جوفه عند المصِّ، وأما المحجوم فلأنه لا يأمن ضعف قوته بخروج الدم، فيؤول أمره إلى أن يفطر.. قال الشافعي: والذي أحفظ عن الصحابة والتابعين وعامة أهل العلم أن لا يفطر أحدٌ بالحجامة (انظر: الفتح -79/5، 80).

وعلى هذا يُعرف حكم أخذ الدم من الجسم في الصيام، فعلى رأي الجمهور لا يُفطر، ولكن قد يكره من أجل الضعف، أي إذا كان يضعف المأخوذ منه، وعلى رأي أحمد: إذا قيس على الحجامة يُفطر، وإذا وقف عند النص لم يُفطر.

هل يفطر القيء الصائم؟

وأما القيء فقد جاء فيه حديث أبي هريرة: "من ذرعه القيء وهو صائم فلا قضاءَ عليه، ومن استقاء فليقض"، وهذا الحديث الذين أوردوه لم يُصحِّحوه بل ضعَّفوه وأنكروه، فيما عدا الحاكم، وهو كما قالوا: واسع الخطو متساهل في التصحيح، ونقل عن البيهقي وغيره أن الحديث مختلف في إسناده، وقال البيهقي- في موضع آخر- إسناده مضطرب، ولا تقوم به حجة (التلخيص مع المجموع 352/6).

فأما حديث أبي هريرة فيكفي أن أحمد أنكره، وقال: ليس من ذا شيء، أي أنه غير محفوظ، وقال البخاري: لا أراه محفوظًا، وقد روي من غير وجه، ولا يصح إسناده، والحقيقة أن التفطير بالقيء لا يتفق مع مقاصد الصيام.

هل الحقن أو الإبر تفطر الصائم؟

اتفق الفقهاء المعاصرون على أن الحقن- إن كانت تؤخذ للعلاج- لا تفطر، واختلفوا فيما أُخذ للتغذية عن طريق الوريد كالجلكوز وغيره، والراجح أن هذا لا يفطر كله؛ لأنه لم يتناول طعامًا من المدخل المعتاد وهو الفم.

هل المعاصي تفطر الصائم؟

الصيام عبادة تعمل على تزكية النفس، وإحياء الضمير، وتقوية الإيمان وإعداد الصائم ليكون من المتقين، كما قال تعالى: ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِيْنَ مِنْ قَبْلِكِمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُوْنَ﴾ (البقرة: 183)، وهذا ما نبَّهت عليه الأحاديث الشريفة وأكده تلاميذ المدرسة النبوية.. يقول رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: "الصيام جنة، فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب- وفي رواية: (ولا يجهل)- فإن امرؤٌ سابَّه أو قاتله فليقل: إني صائم، مرتين" (متفق عليه عن أبي هريرة)، وقال عليه الصلاة والسلام: "من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجةٌ في أن يدع طعامه وشرابه" (رواه البخاري في كتاب الصوم)، وقال: "رب صائم ليس له من صيامه إلا الجوع" (رواه النسائي وابن ماجه عن أبي هريرة، ورواه عنه أحمد والحاكم والبيهقي بلفظ "رب صائم حظُّه من صيامه الجوع والعطش"، وكذلك كان الصحابة وسلف الأمة يحرصون على أن يكون صيامهم طُهرةً للأنفس والجوارح، وتَنزُّهًا عن المعاصي والآثام.

ومن أجل ذلك ذهب بعض السلف إلى أن المعاصي تفطِّر الصائم، فمن ارتكب بلسانه حرامًا كالغيبة والنميمة والكذب أو استمع بأذنه إلى حرام كالفحش والزور أو نظر بعينه إلى حرام كالعورات ومحاسن المرأة الأجنبية بشهوة، أو ارتكب بيده حرامًا، كإيذاء إنسان أو حيوان بغير حق، أو أخذ شيئًا لا يحل له، أو ارتكب برجله حرامًا، بأن مشى إلى معصية، أو غير ذلك من أنواع المحرمات كان مفطرًا.. فاللسان يُفطِّر، والأذن تُفطِّر، والعين تُفطِّر، واليد تُفطِّر، والرجل تُفطِّر، كما أن البطن تُفطِّر، والفرج يُفطِّر.

وإلى هذا ذهب بعض السلف أن المعاصي كلها تُفطِّر، ومن ارتكب معصيةً في صومه فعليه القضاء، وهو ظاهر ما رُوي عن بعض الصحابة والتابعين، وهو مذهب الإمام الأوزاعي، وهو ما أيده ابن حزم من الظاهرية.

وأما جمهور العلماء: فرأوا أن المعاصي لا تُبطِل الصوم، وإن كانت تخدشه وتصيب منه، بحسب صغرها أو كبرها.

حكم القبلة للصائم

لا حرج على الصائم في القبلة إذا لم يخَف على نفسه أن تحرك شهوته وتوقعه في المحذور، وقد قالت عائشة رضي الله عنها: كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يُقَبِّل ويُباشِر وهو صائم وكان أملككم لأربه (متفق عليه).. أي لشهوته.

إذا أكل أو شرب يظن غروب الشمس أو بقاء الليل

إذا أكل أو شرب أو جامع يظن أن الشمس قد غربت أو أن الفجر لم يطلع فبان خلافه فقد ذهب الأئمة الأربعة إلى أن صومه قد يبطل؛ لأنه فعل ما ينافي الصيام، وهو الأكل في نهار رمضان، وعليه القضاء وإن لم يكن عليه إثم لخطئه.

وقال إسحاق بن راهويه وداود: صومه صحيح، ولا قضاءَ عليه، وحُكي ذلك عن عطاء وعروة بن الزبير والحسن البصري ومجاهد، واحتجوا بما رواه البيهقي عن زيد بن وهب قال: "بينما نحن جلوس في مسجد المدينة في رمضان، والسماء متغيمة، فرأينا أن الشمس قد غابت، وأنَّا قد أمسينا، فأخرجت لنا عساس من لبن من بيت حفصة، فشرب عمر رضي الله عنه وشربنا، فلم نلبث أن ذهب السحاب، وبدت الشمس فجعل بعضنا يقول لبعض: نقضي يومنا هذا فسمع بذلك عمر: فقال: والله لا نقضيه، وما تجانفنا لإثم"، وهذا ما يؤكده ابن تيمية ويدلل عليه.

من أكل أو شرب ناسيًا

لقد جاء الحكم النبوي بشأن الصائم الذي ينسى فيأكل أو يشرب وهو غير ذاكر لصومه، فلم يُعتبر أكلُه ولا شربُه في حال النسيان قاطعًا لصومه، بل هو رزقٌ ساقه الله إليه، وصومه صحيح.. يقول رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: "من أكل أو شرب ناسيًا فليتم صومه، فإنما أطعمه الله وسقاه" (رواه الجماعة عن أبي هريرة)، وفي لفظ: "إذا أكل الصائم ناسيًا، أو شرب ناسيًا، فإنما هو رزق ساقه الله إليه، ولا قضاء عليه" (رواه الدارقطني في سننه-178/2 وقال: إسناد صحيح، رواته كلهم ثقات).. وفي لفظ: "من أفطر يومًا من رمضان ناسيًا فلا قضاء عليه ولا كفارة".

وما حكم من جامع ناسيًا؟ هل يلحق بمن أكل أو شرب ناسيًا؟

الظاهر ذلك بمقتضى القياس، ولدخوله تحت عموم رفع المؤاخذة عن الناسي ولحديث:"من أفطر يومًا من رمضان" فظاهره يشمل المُجامِع، وإن كان من المستبعد- ولا سيما في صوم الفرض- أن ينسى الرجل وزوجته أو كلاهما ويقع الجماع نسيانًا!!

هل يفطر الجاهل بالتحريم؟

من أكل أو شرب أو جامع جاهلاً بتحريم ذلك على الصائم فإن كان قريب عهد بإسلام أو نشأ ببادية بعيدة بحيث يخفى عليه كون هذا مفطرًا لم يفطر؛ لأنه لا يأثم، فأشبه الناسي الذي ثبت فيه النص، وإن كان مخالطًا للمسلمين بحيث لا يخفى عليه تحريمه أفطر لأنه مقصر.

هل يفطر المكره؟

لا يفطر المكرَه على الفطر، سواء أدخل المُكرِه الطعامَ إلى جوفه بغير فعل من الصائم أم أُكرِه الصائم على أن يأكله هو بنفسه على الصحيح، لحديث: "إن الله وضع عن أمتي الخطأ والنسيان، وما استكرهوا عليه" (رواه ابن ماجه والحاكم والبيهقي بأسانيد صحيحة من رواية ابن عباس، كما قال النووي في المجموع - 309/6).. هذا ما رجحه الإمام النووي من مذهب الشافعي، وقال الأئمة الثلاثة: يبطل صومه، وإن كان مكرهًا.

استعمال السواك ومعجون الأسنان للصائم

السواك قبل الزوال مستحب كما هو دائمًا، وبعد الزوال اختلف الفقهاء، فقال بعضهم: يكره الاستياك للصائم بعد الزوال، وحجته في ذلك أن النبي- صلى الله عليه وسلم- قال: "والذي نفسي بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك"، وقد جاء عن بعض الصحابة أنه قال: "رأيت النبي- صلى الله عليه وسلم- يتسوَّك ما لا يحصى وهو صائم" فالسواك في الصيام مستحب في كل الأوقات في أول النهار وفي آخره كما هو مستحب قبل الصيام وبعد الصيام، فهو سنة أوصى بها رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وقال:"السواك مطهرة للفم مرضاة للرب" (رواه النسائي وابن خزيمة وابن حبان في صحيحيهما، ورواه البخاري معلقًا مجزومًا)، ولم يفرق بين الصوم وغيره.

أما معجون الأسنان فينبغي التحوط في استعماله بألا يدخل شيء منه إلى الجوف، وهذا الذي يدخل إلى الجوف مفطر عند أكثر العلماء؛ ولذا فالأولى أن يجتنب المسلم ذلك ويؤخره إلى ما بعد الإفطار.

ما يستحب للصائم

1- تعجيل الإفطار

ويستحب للصائم تعجيل الإفطار، فقد رغَّب في ذلك رسول الله- صلى الله عليه وسلم- بقوله وفعله.. ففي الصحيحين أنه- صلى الله عليه وسلم- قال:"لا يزال الناس بخير ما عجَّلوا الفطر" (متفق عليه من حديث سهل بن سعد، كما في اللؤلؤ والمرجان -668).

2- السحور وتأخيره

ومما سنَّه النبي- صلى الله عليه وسلم- للصائم أن يتسحر، وأن يؤخر السحور
ولذلك قال: "تسحروا فإن في السحور بركة" (متفق عليه، اللؤلؤ والمرجان -665).

3- التنزه عن اللغو والرفث والجهل والسبِّ

وينبغي للصائم أن يزداد حرصًا على التنزه عن اللغو والرفث والصخب والجهل والسبّ والشتم، وقد قال عليه الصلاة والسلام: "الصيام جنة، وإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب (وفي رواية: ولا يجهل) فإن سابَّه أحد أو قاتله فليقل: إني امرؤ صائم" (متفق عليه، اللؤلؤ والمرجان -706،707.

4- قيام ليالي رمضان وصلاة التراويح

فرض الله تعالى صيام أيام رمضان، وسن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قيام لياليه.. فعن أبي هريرة قال: كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يرغِّب في قيام رمضان من غير أن يأمرهم بعزيمة، ثم يقول: "من قام رمضان إيمانًا واحتسابًا غُفِر له ما تقدَّم من ذنبه" (متفق عليه، اللؤلؤ والمرجان -435)، ومعنى (إيمانًا): أي تصديقًا بوعد الله تعالى، ومعنى (احتسابًا): أي طلبًا لوجه الله تعالى وثوابه، ومن صلى التراويح كما ينبغي فقد قام رمضان.

5- اغتنام أيام رمضان في الذكر والطاعة والجود

رمضان موسم من مواسم الخير، تضاعف فيه الحسنات، وتُرجى فيه المغفرة، وتزداد فيه الرغبة في الخير، والمحروم حقًّا من حُرم في هذا الشهر رحمة الله عز وجل، وإنما تُنال رحمة الله تعالى بالإقبال عليه، والاجتهاد في ذكره وشكره، وحسن عبادته.

6- الدعاء طوال النهار وخصوصًا عند الإفطار

يستحب للصائم أن يرطِّب لسانه بذكر الله ودعائه طوال يوم صومه، فإن الصوم يجعله في حالة روحية تقرِّبه من الله تعالى، وتجعله في مظنَّة الاستجابة لدعائه.

والذكر والدعاء مطلوب من الصائم طوال نهاره، ولكنه مطلوبٌ بصورة خاصة عند الإفطار، وأولى ما يقوله الصائم عند فطره ما رواه ابن عمر قال: كان النبي- صلى الله عليه وسلم- يقول إذا أفطر: "ذهب الظمأ وابتلَّت العروق وثبت الأجر إن شاء الله تعالى".

7- الاجتهاد في العشر الأواخر

صحَّت الأحاديث عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- أنه كان يجتهد في العشر الأواخر من رمضان ما لا يجتهد في غيرها (رواه أحمد ومسلم والترمذي عن عائشة: كما في صحيح الجامع الصغير -4910)، وقالت عائشة: "كان إذا دخل العشر شدَّ مئزره، وأحيا ليله، وأيقظ أهله" (رواه الستة إلا الترمذي عن عائشة، المصدر السابق -4713، وانظر: اللؤلؤ والمرجان -730).

المفطرات في مجال التداوي

قرر مجمع الفقه الإسلامي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي أن الأمور الآتية ليست من المفطرات:

1- قطرة العين، أو قطرة الأذن، أو غسول الأذن، أو قطرة الأنف، أو بخاخ الأنف، إذا اجتنب ابتلاع ما نفذ إلى الحلق.

2- الأقراص العلاجية التي توضع تحت اللسان لعلاج الذبحة الصدرية وغيرها إذا اجتنب ابتلاع ما نفذ إلى الحلق.

3- ما يدخل المهبل (فرج المرأة) من تحاميل (لبوس)، أو غسول، أو منظار مهبلي، أو إصبع للفحص الطبي.

4- إدخال المنظار أو اللولب ونحوهما إلى الرحم.

5- ما يدخل الإحليل (أي مجرى البول الظاهر للذكر والأنثى) من قسطرة (أنبوب دقيق) أو منظار، أو مادة ظليلة على الأشعة، أو دواء، أو محلول لغسل المثانة.

6- حفر السن، أو قلع الضرس، أو تنظيف الأسنان، أو السواك وفرشاة الأسنان، إذا اجتنب ابتلاع ما نفذ إلى الحلق.

7- المضمضة، والغرغرة، وبخاخ العلاج الموضعي للفم إذا اجتنب ابتلاع ما نفذ إلى الحلق.

8- الحقن العلاجية الجلدية أو العضلية أو الوريدية، باستثناء السوائل والحقن المغذية.

9- غاز الأكسجين.

10- غازات التخدير (البنج) ما لم يُعطَ المريض سوائل (محاليل) مغذية.

11- ما يدخل الجسم امتصاصًا من الجلد، كالدهونات والمراهم واللصقات العلاجية الجلدية المحملة بالمواد الدوائية أو الكيميائية.

12- إدخال قثطرة (أنبوب دقيق) في الشرايين لتصوير أو علاج أوعية القلب أو غيره من الأعضاء.

13- إدخال منظار من خلال جدار البطن لفحص الأحشاء أو إجراء عملية جراحية عليها.

14- أخذ عينات (خزعات) من الكبد أو غيره من الأعضاء ما لم تكن مصحوبة بإعطاء محاليل.

15- منظار المعدة إذا لم يصاحبه إدخال سوائل (محاليل) أو مواد أخرى.

16- دخول أي أداة أو مواد علاجية إلى الدماغ أو النخاع الشوكي.

17- القيء غير المتعمد بخلاف المتعمد (الاستقاءة).

وأوصى المجمع أنه على الطبيب المسلم أن ينصح المريض بتأجيل ما لا يضر تأجيله إلى ما بعد الإفطار من صور المعالجات المذكورة فيما سبق.. انتهى.

وقد زادت الندوة الفقهية الطبية التاسعة أمورًا على أنها ليست من المفطرات بإجماع أعضائها:

1- التبرع بالدم، سواءٌ للمنقول منه أو المنقول إليه.

وزادت بالأغلبية الأمور التالية:

1- قطرة الأنف، وبخاخ الأنف، وبخاخ الربو.

2- ما يدخل الشرج من حقنة شرجية، أو تحاميل (لبوس) أو منظار، أو إصبع طبيب فاحص.

3- العمليات الجراحية بالتخدير العام، إذا كان المريض نوى الصيام من الليل.

4- الحقن المستعملة في علاج الفشل الكلوي حقنًا في الصفاق (الباريتون)، أو بالكلية الاصطناعية.

5- منظار المعدة إذا لم يصاحبه إدخال سوائل أو مواد أخرى.. انتهى.

والحقن المغذية مثل الجلوكوز اختلف فيها فقهاء العصر على أنه لا يحتاج إليها إلا المريض مرضًا شديدًا يباح معه الفطر.

--------

* اعتمدنا في هذا التلخيص على كتاب (فقه الصيام) للدكتور يوسف القرضاوي، وقرار مجمع الفقه الإسلامي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي، الندوة الفقهية الطبية.