بعد نجاح حركة طالبان فى السيطرة على أفغانستان بعد عشرين سنة من الكفاح المسلح ضد المحتل الأمريكي والمتعاونين معه، ودخول العاصمة كابول دون إراقة دماء .. تعالت الأصوات هنا وهناك توجه اللوم لجماعة الإخوان وتنتقد سلميتهم ومقولة المرشد الدكتور" محمد بديع" - فك الله بالعز أسره وجميع إخوانه - عندما نطق بهذه الجملة من فوق منصة رابعة قائلاً : "سلميتنا أقوى من الرصاص" . 
وذلك لأن السلمية في نظر هؤلاء لم تقدم للإخوان سوى الدماء والأشلاء والمعتقلات والمطارادات والتضييق .. إلخ .
 بل إن البعض الآخر يتندر من سلمية الإخوان قائلاً : لوقالت طالبان سلميتنا أقوى من الرصاص لعلقوا على أعواد المشانق، أنتم تقولون سلميتنا أقوى من الرصاص بينما تقول طالبان :
رصاصنا أقوى من السلمية .
ولكل من يرى أن سلمية الإخوان انتهى مفعولها، وطالبان أسست لمرحلة جديدة من خلال البندقية وليس من خلال السلمية.. نقول لهؤلاء أن عقد مقارنة بهذه الصورة ظلم للإخوان بكل المقاييس، فطالبان تقاتل عدواً ظاهراً محتلاً (حتى لو كان هناك جيش عميل تم تدريبه وتسليحه بمعرفة الأمريكان وتعاون معهم)، فهذا الجيش لايستطيع أن يتصرف من تلقاء نفسه، ولكن حسب التعليمات والأوامر الأمريكية، فهو أمريكي بامتياز .
وأما مقولة "سلميتنا أقوى من الرصاص" فيجب أخذها بحسب تاريخها وظروفها الموضوعية وسياقها الذى قيلت فيه، ولا يجوز بترها عن ذلك السياق، فهى تصلح لحالة وظرف خاص، ولكنها ليست على إطلاقها .
فيجب أن توضع هذه المقولة فى هذا الإطار الخاص بها . 
أما من  يريد أن يعقد مقارنة بين سلمية الإخوان ورصاص طالبان فنقول له :
إن جماعة الإخوان المسلمين جماعة مدنية إصلاحية سياسية شاركت في الحكم عبر حزب سياسي "حزب الحرية والعدالة" فى تنافس سياسي لايصلح له سوى النضال السلمي فقط . 
أما حركة طالبان فهي حركة تحرر وطني من حقها أن تستخدم السلاح ضد العدو وأعوانه . 
فهي إذن مقارنة مجحفة وفيها الكثير من الشطط وعدم الإنصاف .
فيجب على هؤلاء إذا أرادوا أن يعقدوا مقارنة صحيحة أن يقارنوا بين موقف جماعة الإخوان المسلمين فى مصر والعشرية السوداء بالجزائر في تسعينيات القرن الماضي، وسيرى صحة الموقف الذي اتخذته الجماعة في حينه بعيدا عن المزايدة والمقارنات الظالمة!!
فجماعة الإخوان المسلمين على الرغم من إجرام سلطات الانقلاب بحقها خلال ثماني سنوات دامية سواء بالتصفية الجسدية من خلال المذابح التى اقترفتها سلطات الانقلاب والقتل خارج إطار القانون فضلا عن القتل البطيء داخل السجون والمعتقلات وأحكام الإعدام الجائرة فإنها حافظت على سلميتها ولم تنجرّ إلى حمل السلاح؛ لأن الجماعة تدرك جيدا أن عسكرة الثورات وتحولها من السلمية إلى العنف والدخول فى حرب أهلية وتحويل البلاد إلى ساحات مفتوحة للقتال.. لايستفيد من ذلك إلا الأعداء المتربصون بالبلاد والعباد . 
كما أن  من يُقْدِم على حمل السلاح في مواجهة النظم العسكرية الانقلابية المدعومة من كل قوى الشر فى الداخل والخارج  يعطي لهذه الأنظمة غير الشرعية المبرر لسفك المزيد من الدماء  في ظل عدم توازن القوى  .
فقد نجحت جماعة الإخوان من خلال رفع هذا الشعار الذى لم يعجب البعض وتبني خيار السلمية في تجنيب البلاد والعباد حربا أهلية كانت كفيلة بأن تغرق مصر فى بحور من الدماء .
وكم كان يتمنى قائد الانقلاب ذلك من خلال طلبه تفويضا بسفك الدماء وجر البلاد إلى الاحتراب الأهلي وساعتها ستكون النتيجة ليست عشرية سوداء فقط .. بل دوامة من القتل والدماء لاتنتهي .
وعندما جاءت شهادة الشيخ "محمد حسان" التى زعم خلالها  بأن الجماعة رفعت شعار الشرعية أو الدماء ليبرئ سلطات الانقلاب ويغسل أيديهم من دماء الأبرياء.. كانت شهادته هذه شهادة زور كذّبتها  سلمية الإخوان وشعار سلميتنا أقوى من الرصاص .
فكان خيار حماية الوطن والحفاظ عليه رغم الآلام والجراح والتضحيات التي قدمتها الجماعة مقدما على خيار حمل السلاح .  
لكن البعض ما زال يصر على مقارنة موقف طالبان وحمل السلاح في وجه الغزو الأمريكي الواضح.. وبين موقف الإخوان في مصر ورفع شعار "سلميتنا أقوى من الرصاص" .
فالإخوان تحملوا  ظلم العسكر _كارهين _ ورفضوا تبني خيار حمل السلاح بالرغم من المذابح التي تعرضوا لها، ثم بعد ذلك يأتي من يقول أن سلمية الإخوان لم تكن فى محلها لأن طالبان لم تتبن خيار السلمية فانتصرت دون أن يذكر الفارق بين الفصيلين أو بين الحالتين .
أيها الأحباب : كونوا موضوعيين يرحمكم الله .