القرآن روح تسري

إذا أردت أن تعلم ما عندك وعند غيرك من محبة الله، فانظر محبة القرآن من قلبك. كلما قرأت القرآن شعرت أن روحي تهتز داخل جسمي. إن مثل القرآن والعلم كمثل سائق سيارة يمشي بها في السهل الواسع يرى القمر أمامه مُطلًّا عليه من فوق الجبل، فيسرع ليدرك القمر، والقمر مكانه.

رتل القرآن، وتمعن به، اشعر بالملائكة تردد خلفك وتستمع إليك.

العالم كله ليس فيه كتاب غير القرآن ظل أربعة عشر قرناً كاملاً بنصه هذا مبلغ صفائه ودقته.

القرآن الكريم.. هذا هو كتابنا، هذا هو دستورنا، هذا هو نبراسنا. وقد أودع الله فيه علم كل شيء، فيه الأحكام والشرائع، والأمثال والحكم، والمواعظ والتاريخ، والقصص ونظام الأفلاك. القرآن مكتوب في المصاحف، محفوظ في الصدور، مقروء بالألسنة، مسموع بالآذان، فالاشتغال بالقرآن من أفضل العبادات.

خواطر عن القرآن الكريم

من دلائل عظمة القرآن وإعجازه أنه حينما ذكر الزواج، لم يذكر الحب، وإنما ذكر المودة والرحمة والسكن.. سكن النفوس بعضها إلى بعض وراحة النفوس بعضها إلى بعض، إنها الرحمة والمودة.. مفتاح البيوت والرحمة تحتوي على الحب بالضرورة.. والحب لا يشتمل على الرحمة، بل يكاد بالشهوة أن ينقلب عدواناً والرحمة أعمق من الحب وأصفى وأطهر، والرحمة عاطفة إنسانية راقية مركبة، ففيها الحب، وفيها التضحية، وفيها إنكار الذات، وفيها التسامح، وفيها العطف، وفيها العفو، وفيها الكرم، وكلنا قادرون على الحب بحكم الجبلة البشرية، وقليل منا هم القادرون على الرحمة وبين ألف حبيبة هناك واحدة يمكن أن ترحم، والباقي طالبات هوى ونشوة ولذة.

تفـقـَّـد الحلاوة في ثلاثة أشياء: في الصلاة والقرآن والذكر.. فإن وجدت ذلك فامض وأبشر.. وإلا فاعلم أن بابك مغلق فعالج فتحه.

إن من يقصر علاقته بالقرآن تلاوة وتدبراً على شهر رمضان.. فهو كمن يعلن عن استغنائه عن هدى الله، ونوره، ورحمته، وشفائه.. وحياة قلبه أحد عشر شهراً.. لقد شكل القرآن أخلاق المسلمين، وحضهم على الاعتدال لدرجة لا يوجد لها نظير وعلمهم مواجهة الحياة دون شكوى، أو دموع.. لكل إنسان في هذه الدنيا نقطة بداية بميلاده، ونقطة نهاية بوفاته، ويرسم بينهم مسار حياته .

ولكل إنسان دليل يتبعه في هذا المسار.. فهذا دليله هواه، وهذا دليله العرف، وهذا دليله مواريث الأسلاف وذاك دليله هدى الله ووحيه  وإن طريق الهدي هو الطريق المستقيم الذي لا عوج فيه ولا اعوجاج؛ فهو الطريق المستقيم الذي من تمسك به فقد نجا، ومن اعرض عنه فقد خاب وخسر.

يقول الله عز وجل في علاه ﴿ وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ " (سورة الأنعام آية 153)

ثم إن هؤلاء السائرين إلى رب العالمين يحتاجون في سفرهم الطويل إلى زاد يزيد المشاعل التي في أيديهم توهجا فيزدادون بصيرة ويقينا في طريقهم ويعرفون المنعطفات فيحذرونها والعقبات فيتخطونها .... وهذا كله يجدونه في الدواء الشافي في القرآن الكريم .

لِمَ لا!.. وهو الدواء الرباني الذي أنزله الله عزوجل ليهدينا إلى الطريق المستقيم، ويشفينا مما نعاني منه من أمراض. يقول الله تبارك وتعالى ﴿ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ " (سورة فصلت آية رقم44)

القرآن الكريم..

هو المعجزة الأكبر والأعظم، نزلت من السماء، ويكمن سرها في مقدرتها على التغيير الـجذري الكامل والمستمر... تغيير أي شخص مهما كان وضعه وحالته ليكون من خلال المصنع القرآني عبدًا لله عز وجل في كل أموره؛ فالقرآن هو الذي سيعرفنا معرفة صحيحة وعميقة بربنا سبحانه وتعالى، فيتغير تبعا لهذه المعرفة تعاملنا وتقديرنا.

القرآن هو الذي سيعيد تشكيل علاقتنا بالحياة، وستصغر الدنيا في أعيننا وتهون علينا، القرآن هو الذي سيزهدنا في الناس، ويشعرنا بأنهم أمثالنا فقراء إلى الله لا يملكون لنا نفعا ولا ضرا ، فيؤدي ذلك الى قطع الطمع فيهم أو الرغبة فيما عندهم .

القرآن هو الذي سيوقد شعلة الإيمان في قلوبنا، ويولد الطاقة والقوة الدافعة للقيام بأعمال البر المختلفة، بدافع ذاتي بحت

القرآن هو الذي سيذكرنا دوما بما علينا من واجبات تجاه أنفسنا ، وأهلنا وكذلك تجاه الآخرين ...

القرآن أفضل وسيلة لتطوير الفكر ، فهو يستثير العقل ويحرك كوامنه ويدفعه للتفكير ، والقيام بدوره كقائد لهذه الأرض

القرآن هو أفضل مصدر للعلم الحقيقي .. العلم بالله

القرآن هو الذي سيقرب في أعيننا المسافة بين الحياة والموت فنرى من خلاله أحداث ما بعد الموت فيزداد استعدادنا له

القرآن هو الذي سيسكب فينا السعادة والسكينة والرضا والطمأنينة

وبالقرآن سيكون لدينا كل يوم جديد نقدمه للناس .

فماذا نريد أكثر من ذلك ؟!

أتدرون أيها الأحباب أين نجد ذلك في القرآن؟ أتدرون ماذا لو قرأنا الورد اليومي من القرآن ماذا يفعل بحياتنا؟

أتدرون همومنا ماذا يحل بها إذا تلونا بضع آيات من القرآن ؟

عجبا أي والله عجبا للغذاء وللعلاج الذي بأيدينا بضع آيات يمكنها أن تفتت براثن الغفلة، ووهن القلوب، وكثرة الهموم، وتزاحم الأمراض، كل ذلك نعم أخي الكريم، أختي الفاضلة.

نعم إنه القرآن الكريم كلام الله عزوجل.

عرفتم أهمية القرآن لنا، إنه شريان المؤمن، نبض القلب، انس الوحدة، ونور الظلام، ومطهر الأمراض، ومسكب العطور على الأجساد .

ولكي يتمكن القرآن من القيام بعمله معنا، والنجاح في تغييرنا وسعادتنا، لابد أن يتعامل معه بشكل مختلف عما نفعله الآن قال السيوطي رحمه الله، “وإن كتابنا القرآن لهو مفجر العلوم ومنبعها، ودائرة شمسها ومطلعها، أودع فيه سبحانه وتعالى علم كل شيء، وأبان فيه كل هَدْيٍ وغَيّ؛ فترى كل ذي فن منه يستمد وعليه يعتمد.

وأيضا قال الإمام الشاطبي في كتابه الموافقات: "إن كتاب الله قد تقرر أنه كلية الشريعة، وعمدة الملة، وينبوع الحكمة، وآية الرسالة، ونور الأبصار والبصائر، وأنه لا طريق إلى الله سواه، ولا نجاة بغيره، ولا تمسك بشيء يخالفه، وهذا لا يحتاج إلى تقرير واستدلال عليه؛ لأنه معلوم من دين الأمة." كما وصف الوليد بن المغيرة كلمات القرآن التى سمعها وقال: "إن له لحلاوة، وإن عليه لطلاوة، وإنه لمثمر أعلاه، مغدق أسفله، وإنه ليحطم ما تحته، وإنه ليعلو وما يعلى  عليه" كما قال سهل ابن عبد الله التستري: "لو أعطي العبد بكل حرف من القرآن ألف فهم , لم يبلغ نهاية ما أودع الله في آية من كتابه".

هيا بنا نتعامل معه على حقيقته كمصدر للهداية والاستقامة والشفاء لا كمصدر لجمع الحسنات فقط

هذه العودة تستدعي منا:

1- تفريغ وقت مناسب للقاء القران كل يوم

2- مكان هادئ بعيد عن الضوضاء

3- نقرؤه بتركيز شديد بعيدًا عن الغفلة والتشتت، وبهدوء وترسل وترتيل ولا يكن هم احدنا آخر السورة أو الجزء بل همه فهم الايات

4-نستجيب لأوامره بالتسبيح والاستغفار والسجود

5- نتجاوب مع خطاب الله لنا فنجيب عن الاسئلة

وبذلك يكون المراد داخل المصنع الرباني داخل واحات النور داخل القرآن الكريم

النصوص الشرعية من القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة تحث على المحافظة والمداومة على قراءة القرآن الكريم والإكثار من ذلك، فقد قال الله عز وجل فى كتابه الكريم: {وَاتلُ ما أوحِيَ إِلَيكَ مِن كِتابِ رَبِّكَ}، وكذلك فى الحديث النبوى الشريف قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (اقْرَؤوا القرآنَ فإنه يأتي يومَ القيامةِ شفيعًا لأصحابه).. [رواه مسلم].

ويقول الأستاذ مصطفى مشهور في كتابه – زاد على الطريق [ ومن أهم وأيسر وأغزر الوسائل وأكثر فيضاً كتاب الله العزيز فهو معين لاينضب من الزاد ، بل إننا نجد فيه أيضاً التوجيه الى غيره من الوسائل التى نتزود بها ، إننا نجد فيه النور و الهداية و الرحمة و الذكر .

فالقرآن يرشدنا الى أن تلاوته من أفضل الوسائل للتزود بالإيمان وتقوى الله ، ويرشدنا الى توحيد الله الذى يحقق السلام و الطمأنينة داخل النفس ، ويوجهنا الى عبادة الله التى تكسب صاحبها  الزاد المتجدد من تقوى الله ، ويدعونا الى التفكر فى خلق الله فنتعرف من خلاله على صفات الله فيتولد تعظيمنا وإجلالنا وتقديسنا لله سبحانه وتعالى  وفى ذلك خير زاد من الإيمان بالله وتقواه ، وفى القرآن نجد العظة و العبرة من قصص السابقين من الرسل وأقوامهم مما يزودنا بالخبرة و الحكمة ونحن ندعو الى الله .

و القرآن يطلب منا طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم والاقتداء به وفى ذلك خير عون وإرشاد فى الطريق ، وفى القرآن التوجيه الى فعل الخير و الحث عليه و التحذير من الشر و البعد عنه ، وفيه التذكير باليوم الآخر و البعث و الحساب و الجزاء ، فيه الترغيب فى الجنة و التبشير بها و الترهيب من النار و التنفير منها  ، وبالجملة نجد فى القرآن كل خير يحتاجه الإنسان لتتحقق له السعادة والآخرة ويحفظه وينجيه من العنت و الشقاء فى الدنيا ومن عذاب الآخرة ، كما أن فيه كل مقومات التربية التى تصنع رجال العقيدة وتفجر فيهم طاقات الخير :{ إن هذا القرآن يهدى للتى هى أقوم } ، { هذا بصائر للناس وهدى وموعظة للمتقين } :{ وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين } ، :{ يا أيها الناس  قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما فى الصدور وهدىً ورحمة للمؤمنين } ، :{ قد جاءكم من الله نورٌ وكتاب مبين يهدى به الله من اتبع رضوانه سبل السلام ويخرجهم من الظلمات الى النور بإذنه ويهديهم الى صراط مستقيم } .