ويكمل العلامة الدكتور يوسف القرضاوي حديثه عن تعامل الحركة الإسلامية مع الطبقات العاملة:
الطبقات العاملة
وأقصد بالطبقات العاملة هنا: العمال الصناعيين والحرفيين ـ بمستوياتهم المختلفة الذين تتكون منهم اليوم ـ وخصوصا في المدن الكبرى ـ تجمعات ضخمة، وتقوم على أمورهم نقابات منظمة، قادرة على أن تعطل سير الحياة اليومية إذا قررت الإضراب عن العمل، طلبا الحق، أو احتجاجا على ظلم. والملاحظ أن الحركة الإسلامية محدودة الأثر في البيئة العمالية إلى اليوم، ولا زال اليساريون هم الأعلى صوتا، والأقوى تأثيرا، والأكثر نفوذا في فئاتها المختلفة، ولا زالوا هم القادرين على تحريكها لحسابهم، كلما أرادوا إلى حد بعيد. هذا برغم أن الحركة الإسلامية الأم ـ حركة الإخوان المسلمين بقيادة الإمام البّنا - رحمه الله ـ بدأت أول ما بدأت بمجموعة من العمال المصريين في الإسماعيلية، كانوا هم الذين بايعوه على نصرة الهدف الذي يدعو إليه.
ورغم الامتداد الأفقي الواسع للحركة الإسلامية في صفوف الطلاب في أكثر البلاد الإسلامية: في مصر والسودان والأردن وتونس والجزائر وباكستان وغيرها.. نجد انكماشا في صفوف عمال الصناعة.
وقد سجل ذلك الدكتور حسن الترابي زعيم الجبهة الإسلامية في السودان في كتابه عن الحركة الإسلامية هناك، رغم نجاح الإخوة هناك في الدخول إلى مناطق شتى، بعضها أصبح خالصا لهم، وبعضها لهم فيه وجود راجح، وصوت عال.
لماذا ضعف تأثير الحركة في المحيط العمالي؟ مهما تكن الأسباب؛ فلا بد للحركة من مراجعة استراتيجيتها في ذلك، فالعمال جزء حيّ وهام من شعوبنا المسلمة، والإسلام لا زال هو العامل القوي لتحريك الجماهير بالإيمان، وخصوصا إذا وعت أن الإسلام أعظم دين يكرم العمل، وينصف العمال وقد اشتمل نظامه الاقتصادي والاجتماعي والقانوني على الرعاية المادية والأدبية للعمال، وصيانة حقوقهم، والوقوف بجانبهم ضد من يظلمهم، أو يستغل جهودهم، ويأكل عرقهم، كما يعمل هذا النظام على توفير العمل لكل عاطل، والضمان الاجتماعي لكل عاجز حقيقة أو حكما. الفرصة اليوم مواتية : |