قبل نحو عامين خرج برلماني سابق يدعى “محمود يوسف أبو الليل” نائب وأمين عام حزب "مصر 2000" بالأقصر جنوب مصر في مقطع فيديو مصور يقول فيه : "إن عصير نبات “البرسيم” الذي يستخدم في إطعام المواشي وسماه عصير الملوك.. يقضي على فيروس كورونا" !! . 
واليوم يخرج علينا الدكتور "عوض تاج الدين عفيفي" مستشار قائد الانقلاب للشئون الصحية ليقول لنا في وصلة تطبيلية إنه "توقع انخفاض معدلات الإصابة بالضغط والسكر نتيجة تطوير منظومة الطرق؛ لأن ذلك ينعكس مباشرة على صحة المواطن، فضلًا عن توفير الوقت والبنزين من الناحية الاقتصادية ، 
لأن تطوير الطرق الذى يحدث الآن ساهم في انخفاض الزحام المروري، وعدد "كلاكسات" السيارات ، وبالتالي قل عدد المشاجرات بين المواطنين، وأن ذلك ينعكس بشكل إيجابي على صحة المواطن الذي يجلس في السيارة طوال الوقت، ويعاني من أمراض مثل الضغط والسكر" ! . 
وماقاله الدكتور عوض تاج الدين ليس بجديد في عالم التطبيل للسفاح القاتل، فقد سبقه العديد من المطبلين قديمًا وحديثًا .. ففي زمن العباسيين رمى الخليفة المتوكل عصفوراً فلم يصبه، فقال له وزيره : "أحسنت ! فقال الخليفة لوزيره : أتهزأ بي؟! فقال الوزير : لقد أحسنت إلى العصفور يا مولاي !"
وكما قال الشاعر "محمد بن عاصم" يمدح كافوراً الإخشيدي بعد حدوثِ زلزال في مصر حينئذ قائلا : "ما زلزلت مصر لشر يراد بها ... بل رقصت من عدلكم طربًا" !. 
هذا المطبل أو ذاك لايعنيه إلا ما سيحصل عليه من الحاكم مقابل تملقه بكلمات هو يعلم أنها كذب ودجل ونفاق .
كما أنه لم يراع حال الفقراء الذين هدم الزلزال بيوتهم وكان الأولى والأجدر به أن يواسيهم في مصيبتهم ولو بكلمةطيبة .
فالتطبيل قديم، ونماذج المطبلين كثيرة من المتملقين للحكام الذين يستفيدون من عطايا الأنظمة الفاسدة لدرجة أن يكون تشييد كوبري "جسر" يصبح ترياقاً لعلاج الأمراض المزمنة! . 
وقد فات مستشار السفاح القاتل أن يقول لنا: إن الكباري والعاصمة الإدارية الجديدة علاج لمرض الإيدز وكورونا على طريقة العلاج بجهاز الكفتة !! . 
ولكن الواقع المؤلم يشهد بأن بناء الكباري بهذه الصورة يعطي صورة واضحة لحالة الاختلال في ترتيب الأولويات في إنفاق حكومة النظام الانقلابي في مصر ، فما ينفق في إنشاء الطرق الجديدة أضعاف ما ينفق في صيانة الطرق المتهالكة داخل المحافظات المكتظة بالسكان .
وإذا أضفنا إلى ذلك انهيار العديد من هذه الطرق والكباري عند أول اختبار لها مع هطول الأمطار في فصل الشتاء فإن الأمر يزداد سوءًا .
وكان الأولى إنفاق هذه الأموال وتوجيهها لمشروعات تساهم في زيادة الإنتاج، وتشغيل الأيدي العاملة، للتقليل من الفقر والبطالة .
ولكن مشكلة المطبلين أنهم يحاولون إثبات أن ما يفعله قائد الانقلاب من تصرفات وسلوكيات خرقاء والفشل الذريع في كل الملفات ما هو إلا عين الصواب، وماعداه خطأ مطلق وخيانة للوطن !!
وقد يصل التطبيل بأصحابه إلى الكفر البواح والعياذ بالله، كما فعل الشاعرُ "ابن هانئ الأندلسي" وهو يمدح الخليفة العبيدي "المعز لدين الله" قائلاً له : "ما شئتَ لا ما شاءتْ الأقدار ... فاحكم فأنتَ الواحدُ القهَّار" 
وكأنما أنتَ النبيُ محمد ... وكأنما أنصارُك الأنصارُ
أنت الذي كانت تبشِّرنا به ... في كتبها الأخبارُ والأحبارُ
هذا الذي تُرجى النجاةُ به ... وبه يُحَطُّ الإصرُ والأوزار" .
 أو قد يلجأ المطبل إلى الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم  _ على الرغم من شناعة هذا الفعل الذي حذر منه النبي صلى الله عليه وسلم كما في الصحيحين من حديث المغيرة بن شعبة رضي الله عنه (إن كذِبَاً عليَّ ليس ككذب على أحد ، من كذب علي متعمدًا فليتبوأ مقعده من النار) _ كما فعل ذلك غياث بن إبراهيم النخعي الكذاب الذي وضع حديثاً في فضل اللعب بالحَمَام بعد أن دخل على المهدي الذي كان يُحب اللعب بالحَمَام ، فجاء بحديث : "لا سبق إلا في نصل أو خفّ أو حافر" فزاد فيه : (أو جناح) !
فأمر له المهدي بصرّة من ذهب؛ فلما قام من عند المهدي قال المهدي : أشهد أن قفاك قفا كذّاب! ثم أمر المهدي بذبح الحَمَام !
ويُحكى أن الأمير "بشير الشهابي" قال لخادمه يوماً : أشتهى أن آكل الباذنجان!
فقال الخادم : بارك الله لك في الباذنجان يا مولاي ، فهو سيد المأكولات ، لحم بلا شحم ، وسمك بلا حسك ، يُؤكل مقلياً ، ويُؤكل مشوياً ، وأنا على أمر الأمير !
فقال الأمير : ولكني أكلتُ منه قبل أيام فأوجعتني معدتي منه
فقال الخادم : لعنة الله على الباذنجان، ثقيل غليظ نفَّاخ !
فقال الأمير : ويحك .. تمدح الشيء وتذمه في وقت واحد؟ !
فقال الخادم : أنا خادم الأمير لا خادم الباذنجان ، إذا قال الأمير نعم قلتُ نعم ، وإذا قال الأمير لا .. قلتُ لا ! . 
وحديثاً لما وقعت إحدى رافعات البناء على حجاج بيت الله الحرام قبل سنوات وأدت إلى مقتل وجرح المئات .. حوّل البعض الموضوع إلى مسألة إيمانية روحانية، فبدلاً من المطالبة بمحاسبة المقصرين .. أخذ أحدهم ينظم الشعر قائلاً :
"عجبي لرافعة رأت من حولها ... تلويحة البشرى فخرّت ساجدة
طوبى لمن حازوا الشهادة تحتها ... فمضوا معًا لله روحًا صاعدة" 
والسؤال: لماذا سجدت هذه الرافعة وحدها ولم تسجد بقية الرافعات؟ !!
وبحسب نظرية الدكتور عوض تاج الدين لانحتاج لبناء مستشفيات أو مصحات لأن الطرق والكباري ستقدم العلاج للمرضى بالمجان!!
ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .