هذه بعض الفوائد والدروس الهامة لكل مُصلح وداعية، والتى ترتبط بفهم الإسلام فهماً شاملاً وصحيحاً، باعتبار أن سلامة التصور وصحة الفهم هو الركن الأول الذى يجب أن يستوعبه الدعاة، لأن سلامة الفهم وصحته هي التى تعصم من الخلل والزلل، وتقى من الانحراف أو الانجرلف عن الجادة، وتُعين على مواصلة السير دون إفراط أو تفريط.

وإليكم هذه الفوائد الموجزة، تحت عنوان (علمتني الدعوة ..):

علمتني الدعوة أن الفهم الصحيح الشامل هو محور الارتكاز، وهو العامل الأساسي الذي يجب توفره من أجل سلامة المسير، وأنه المشرب الذي     يستقي منه أبناء الدعوة.

علمتني الدعوة أن الفهم السليم يُعين على حسن التطبيق، ويُعين على سلامة العمل، ويقي من العثرات.

علمتني الدعوة أن المخلص العامل الذي لا يُحسن الفهم الصحيح، ولا يُنزِل الأمورَ منازلها قد يضل ضلالًا كبيرًا، والخوارج أكبر دليل عملي على   ذلك.

علمتني الدعوة أن الفرق بين الحفظ والفهم كالفرق بين الجسد والروح، فالحفظ جسد والفهم روحه.

علمتني الدعوة أن العبرة ليست بكثرة المعارف والمحفوظات والأعمال، وإنما العبرة بجودة الفقه، وصحة الفهم، وسلامة الإدراك.

علمتني الدعوة أن فقيهًا واحدًا أشد على الشيطان من ألف عابد، كما أخبرنا بذلك الحبيب ﷺ.

علمتني الدعوة أن موت ألف عابد – قائم الليل صائم النهار – أهون من موت العاقل البصير بحلال الله وحرامه، كما أخبرنا بذلك الفاروق عمر- رضي الله عنه.

علمتني الدعوة أن الله ميَّز نبيًّا على نبي بسبب ما أُعطي من عمق أبلغ في الفهم، حينما قال ﴿فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَأنَ﴾ (الأنبياء: 42).

علمتني الدعوة أن التمكين لدين الله لن يتم إلا على أساس الفهم الصحيح الشامل للإسلام الذي جاء به الحبيب محمد ﷺ دون تحريف أو تقصير أو اجتزاء.

علمتني الدعوة أن الإسلام لا يمكن تطبيقه وتحقيقه في أرض الواقع بفهم ناقص أو بفهم قاصر أو بفهم منحرف أو فيه خطأ في التصور والاعتقاد.

علمتني الدعوة أن الفهم الصحيح يحمي المسلم والجماعة والأمّة من الخطأ والانحراف في التصور والاعتقاد والسلوك.

علمتني الدعوة أن الفهم الصحيح يحفظ للجماعة خطّها الإسلامي الصحيح، وينفي عنها خبثها ومحاولات الالتفاف عليها.

علمتني الدعوة أن الفهم الصحيح يمنع ظهور المدارس الفكرية المتعددة داخل مدرستنا الدعوية الموحدة، بل هو مشرب واحد ومنبع واحد.

علمتني الدعوة أن الفهم الصحيح يمنع كل ما هو دخيل على الإسلام أن يلحق به، ولا يسمح بأي فكرة مناهضة بسبب عاطفة أو تساهل في إحداث بلبلة داخل الجماعة المباركة.

علمتني الدعوة أن الفهم الصحيح هو مرجعيتنا عند الاختلاف، أو بروز صورة للانحراف عنه.

علمتني الدعوة أن الفهم الصحيح يُمهّد الطريق للعمل الجاد على بصيرة، وأن صاحب الفهم الصحيح صاحب بصيرة نافذة ووعي تام ﴿قُلْ هَذِهِ سَبِيْلِي أَدْعُو إِلَى اللهِ عَلَى بَصِيْرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِيْ﴾ (يوسف: 107).

علمتني الدعوة أن الفهم الصحيح للإسلام ضد الفهم الضيق الذي يحصر الإسلام في جانب أو ناحية أو جزء منه، فالإسلام كلٌّ لا يتجزأ.

علمتني الدعوة أن الدعوة للإسلام لا يصلح معها إكراه، ولا تنتشر بإجبار، ولا تستمر بضغط، بل هو فهم وإدراك وإقناع.

علمتني الدعوة أن الفهم الصحيح للإسلام ضابط لكل عمل ولكل اجتهاد ولكل خلق وسلوك من أن ينحرف بصاحبه عن الجادة.

علمتني الدعوة أن الانحراف عن الفهم الصحيح للإسلام سببه جهل أو اتباع الهوى أو تأويل خاطئ، أو جعل القرآن تابعًا لا متبوعًا.

علمتني الدعوة أن صحة الفهم نور يقذفه الله في قلب العبد يميز به بين الصحيح والفاسد، والحق والباطل، والهدى والضلال، والغِيّ والرشاد، كما قال بذلك ابن القيّم.

علمتني الدعوة أن شر الخلق قوم مع كثرة صومهم وصلاتهم وقراءتهم أُخرجوا عن السنّة والجماعة، فهم قوم لهم عبادة وورع وزهد ولكن بغير علم، كما أخبرنا بذلك ابن تيمية.

علمتني الدعوة أن الفهم الصحيح يُحرّر العقيدة من زيف الجمود وما يمكن أن يداخلها من أوهام وشبهات.

علمتني الدعوة أن الفهم الصحيح يكسر الجمود الذي أصاب العقل بالتقليد وغلق باب الاجتهاد على السواء.

علمتني الدعوة أن أصول الفهم حماية للمسلم من الهوى والظن والانحراف، وأنها تُعين المسلم على تحديد إطار الفهم السليم بعيدًا عن الغلوِّ والتجاوز.

علمتني الدعوة أننا بحاجة إلى الفهم الصحيح لكل من (الغاية التي نسعى لها – الوسيلة التي نستخدمها – التغيير الأمثل الذي نسلكه – المنهاج الصحيح الذي نعتمده – الهوية التي يجب أن نحملها – الجهاد الحق الذي نشغله – طرائق الدعوة والتربية التي ننتهجها. إلخ).

علمتني الدعوة أننا بحاجة إلى أن نفهم الإسلام في حدود أصول الفهم العشرين، والتي تهدف إلى: إدراك الفهم الصحيح للإسلام، العمل الراشد للإسلام والتجمع حوله، والحذر من خط الانحراف، وجمع المسلمين على فهم واحد، وتضييق شقة الخلاف بين العاملين للإسلام.

علمتني الدعوة أن واجبنا هو السعي لإحياء الفهم الذي كاد أن يندثر.

علمتني الدعوة أن دورنا هو الإيمان بهذا الفهم الصحيح الشامل، والعمل به، ودعوة الناس جميعًا إليه، وحمل الناس جميعًا على العمل به، وأن نتحمل في سبيله ما قد نلاقيه.