في السابع عشر من يونيو 2012 خرج الشعب المصري بجموع هادرة ليعبر عن حقه المشروع في اختيار أول رئيس مدني منتخب، وليجني ثمار ثورته التي أزاح فيها حكم المستبد، على أمل أن يفتح صفحة جديدة لوطن حر يمتلك إرادته ويحمي حريته.

وفي مثل ذلك اليوم أيضًا امتدت اليد الآثمة في السابع عشر من يونيو 2019 م لتغتال الرئيس الشهيد بمحبسه؛ في محاولة لقتل حلم الشعب وتطلعاته في حياة كريمة بدأ يتنسم عبيرُها مع مطلع ثورة يناير، إلا أن هذه الجريمة لن تطمس معالم الحقيقة، ولن تمحو ذلك التاريخ من ذاكرة الأمة، ولن تغير من الحقائق على الأرض، ولن تنجح في اغتيال حلم الشعب في الحرية والعدالة، ولن تفلح في ترسيخ الاستبداد الذي افتُضح أمره وانكشفت سوءاتُه.

إن الأحداث التي تشهدها مصر اليوم - في ظل جهود محمومة لإفشال مصر وتركيعها - تؤكد لكل ذي عينين أن الشعب المصري بات يمتلك وعيًا راشدًا ويقينًا راسخًا بخطورة الانقلاب على حاضر مصر ومستقبله، وأنه لا فكاك من هذا الواقع المرير إلا بإنهاء هذه الحقبة السوداء التي لطخت تاريخ مصر وأهالت عليها التراب، وأعادتها خطوات واسعة إلى الوراء.

لقد أدرك الشعب بيقين ثابت أنه لا مجال للمقارنة بين حكم مدني يتم فيه تداول السلطة بين مكونات سياسية لكل منها برنامج يتم عرضه على الشعب، وبين حكم عسكري يحتكر الحكم ويقمع الحرية! ولا مجال للمقارنة بين حاكم مدني أخذ شرعيته من الجماهير؛ يتلمَّس إرادتهم، ويضبط بوصلته تجاههم، وبين حاكم عسكري لا يعتدُّ بإرادة الشعب، ويضبط بوصلته تجاه مَنْ دفع به إلى سدَّة الحكم! ولا مجال للمقارنة بين حاكم مدني وطني الهوى ارتبط بإرادة شعبه الذي منحه الشرعية، ويخضع لمحاسبته ورقابته، وبين حاكم ارتبط بقوى إقليمية ودولية أسبغت عليه شرعية يفتقدها داخل الوطن، ولا يرى للشعب حقًّا في محاسبته أو مراقبة تصرفاته!

لقد قدَّم الرئيسُ الشهيدُ الدكتور "محمد مرسي" روحه فداءً لأمته، مستبشرًا بما ادَّخره الله للشهداء من فضل: ﴿وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّـهِ أَمْوَاتًا  بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ﴾ (آل عمران: ١٦٩)؛ ليحمل الراية من بعده رجالٌ مؤمنون ونساءٌ مؤمنات تعلَّموا من دينهم معنى الحرية ورفض الظلم، وإنْ قيَّدتهم السجونُ وغيَّبتهم المعتقلات؛ فهم يدركون حقيقة الموت! فباعوا أنفسهم رخيصة في سبيل الله، ونذروا أنفسهم للدفاع عن حق شعبهم في الحرية والكرامة الإنسانية، ولا ينزلون أبدًا على رأي الفَسَدة، ولا يعطون الدَّنِيَّة من وطنهم أو حرية شعبهم أو دينهم.

﴿وَاللَّـهُ غَالِبٌ عَلَىٰ أَمْرِهِ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ﴾ (يوسف:21).
والله أكبر ولله الحمد

علي حمد
المتحدث الإعلامي باسم جماعة "الإخوان المسلمون"
الإثنين، 11 ذو الحجة ١٤٤٥ هـ - 17يونيو 2024 م