أكدت مصادر أمريكية أن أندرو ميلر نائب مساعد وزير الخارجية الأمريكي للشئون الإسرائيلية الفلسطينية استقال من منصبه، في أحدث حلقة من سلسلة الاستقالات من الإدارة الأمريكية على خلفية موقفها من الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، وفقًا لـ "قناة الجزيرة".
وقالت المصادر إن استقالة ميلر وصلت إلى مكتب وزير الخارجية أنتوني بلينكن، وستكون سارية في 30 يونيو الجاري.
وكشفت المصادر أن ميلر كان يعتزم الاستقالة منذ فترة على خلفية موقف الإدارة الأمريكية من حرب غزة.
وذكرت المصادر أن ما عزز قرار ميلر هو موقف الإدارة الأمريكية من الهجوم الصهيوني على مدينة رفح وإخفاقها في معالجة موقف رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو المتعنت.
ووفقا للمصادر، فإن ميلر هو أعلى مسئول في الدبلوماسية الأمريكية على اتصال بسياسة الحرب يستقيل من منصبه.
وكان ميلر يأمل في تحول ملموس في موقف إدارة الرئيس جو بايدن، وسعى لاعتدال السياسات من داخل الحكومة.
واشنطن بوست: القرار جاء رفضا لقتل المدنيين في غزة
ورغم أن ميلر قال لزملائه، الجمعة، إنه ترك وظيفته لقضاء وقت أطول مع عائلته، فإن تقرير صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية قال إن قراره يأتي اعتراضا على سماح الولايات المتحدة بقتل عشرات الآلاف على يد إسرائيل في غزة.
ووصفت الصحيفة استقالة ميلر بأنها "انتكاسة للدبلوماسيين الأمريكيين الذين يسعون إلى قطيعة أكبر مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وائتلافه اليميني المتطرف".
وتأتي استقالة ميلر وسط إحباط متزايد داخل الحكومة الأمريكية وخارجها، بشأن العدد الكبير من القتلى المدنيين في غزة، الذي تجاوز 37 ألفا حتى الآن وفق السلطات الصحية في القطاع.
وحسب "واشنطن بوست"، يوصف ميلر بأنه "مؤيد مبدئي للحقوق الفلسطينية وإقامة الدولة الفلسطينية، ومفكر دقيق في شئون الشرق الأوسط".
وقبل أن يركز عمله على الصراع" الإسرائيلي الفلسطيني"، كان ميلر مستشارا سياسيا لسفير الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة، وخلال إدارة الرئيس الأسبق باراك أوباما شغل منصب مدير القضايا العسكرية لمصر وإسرائيل في مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض.
وكان ميلر قد حذر، وفق الصحيفة الأمريكية، مما سماه "عناق الدب"، في إشارة إلى لقطة احتضان بايدن لنتنياهو في زيارة الأول إلى تل أبيب، خلال الأيام التي تلت هجوم حماس.
ويعتقد أن ميلر كان يرى أن النفوذ الذي تتمتع به الولايات المتحدة على "إسرائيل"، باعتبارها أكبر داعم عسكري واقتصادي وسياسي لها، كان من الممكن استخدامه بشكل أكثر فعالية لمنع مقتل مدنيين في غزة.
آخرون سيحذون حذوه
من جانبه، قال المسئول السابق في الخارجية الأمريكية وليام لورانس إن ميلر عزا استقالته إلى أسباب عائلية حتى لا يتسبب في إحراج للخارجية الأمريكية، مؤكدا أنه هو المسئول الأهم في متابعة القضية الفلسطينية.
وأكد لورانس -في حديث للجزيرة- أن ميلر كان معارضا لما يحدث في غزة وأن هناك آخرين سيحذون حذوه، معتبرا أن هذه الاستقالات أمر غير مألوف في الإدارة الأمريكية، ويعكس في الوقت نفسه عدم رضا تجاه مواقف الإدارة من الحرب على غزة.
استقالات سابقة
وفي أواخر مايو الماضي، اختار ألكسندر سميث، أحد المقاولين لدى الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (يو إس إيه آي دي)، الاستقالة بعد أن تم تخييره بينها وبين الفصل بعد إعداد عرض تقديمي حول وفيات الأمهات والأطفال بين الفلسطينيين.
وفي استقالة أخرى، أرسلت مسئولة وزارة الخارجية من مكتب السكان واللاجئين والهجرة، ستايسي جيلبرت، رسالة بالبريد الإلكتروني إلى زملائها توضح فيها أنها ستغادر بسبب تقرير رسمي للوزارة بأن "إسرائيل لم تعرقل الغذاء أو المساعدات الأخرى إلى غزة".
وفي الثامن من مايو أيضا، استقالت لِيلي جرينبرج، وهي مسئولة يهودية شغلت منصب مساعد خاص لرئيس الأركان بوزارة الداخلية الأمريكية، احتجاجا على دعم الاحتلال .
وفي 26 أبريل الماضي، أعلنت المتحدثة الناطقة بالعربية باسم وزارة الخارجية الأمريكية هالة غريط استقالتها؛ اعتراضا على سياسة واشنطن تجاه الحرب على غزة، لتكون الاستقالة الثالثة على الأقل في الوزارة بسبب هذه القضية.
وقبل ذلك بشهر تقريبا، أعلنت أنيل شيلين من مكتب حقوق الإنسان بوزارة الخارجية استقالتها، كما استقال المسئول بوزارة الخارجية جوش بول في أكتوبر الماضي.
واستقال طارق حبش، المسئول الكبير في وزارة التعليم الأمريكية، وهو أمريكي من أصل فلسطيني، من منصبه في يناير الماضي.
وقبل أيام، قالت شبكة "سي إن إن" الأمريكية إن مجموعة من المسئولين في إدارة بايدن الذين استقالوا بسبب تعاملها مع العدوان الصهيوني على غزة، يعملون معا لدعم المعارضة والضغط على الحكومة لتغيير مسارها.
وقال هؤلاء إنهم شعروا بأن وجهات نظرهم وخبراتهم ومخاوفهم لم يتم الالتفات إليها، وإن الإدارة تتجاهل الخسائر الإنسانية الناجمة عن الحرب الإسرائيلية. وتحدثوا عن عدم انتباه الإدارة لتأثير الحرب على مصداقية واشنطن.