أعدمت قوات الدعم السريع التي تقاتل الجيش السوداني منذ 15 إبريل 2023، أكثر من 30 شخصاً في منطقة صالحة جنوبي مدينة أم درمان، إحدى مدن العاصمة السودانية الثلاث (الخرطوم، بحري، أم درمان)، وصورت ذلك في مقاطع فيديو بثتها على مواقع التواصل الاجتماعي، متهمة إياهم بالعمل مع الجيش السوداني، في وقت نددت منظمات طبية وقانونية في السودان بما وصفته بـ"مجزرة بحق المدنيين العالقين" في المنطقة التي تشهد مواجهات عسكرية مستمرة.
وقبض مسلحون من الدعم السريع على مجموعة من المواطنين في منطقة صالحة، واقتادوهم إلى وسط الطريق مع تصويرهم، قبل أن يطلقوا النار عليهم ويضعوا فوقهم إطارات سيارات قديمة. وقال أحد المقاتلين خلال التصوير إن الجيش يقوم بتصفية أسراهم، لذلك هم "سيعملون على تصفية كل من يقبضون عليه ولن يحتفظوا بأسرى بعد اليوم".
وقالت شبكة أطباء السودان (مجموعة طبية ترصد الانتهاكات)، في بيان صحفي اليوم الأحد، إن مجموعة من الدعم السريع ارتكبت "مجزرة جماعية" بتصفية ميدانية لـ31 شخصاً من أبناء منطقة صالحة، بينهم أطفال قصر، في "أكبر جريمة قتل جماعي موثقة تشهدها المنطقة"، بتهمة الانتماء للجيش. وأضافت أن ما حدث "يهدد الآلاف من المدنيين العزل بمدينة صالحة".
وطالبت الشبكة المجتمع الدولي بالتحرك العاجل لإنقاذ المدنيين وفتح مسارات آمنة لضمان خروجهم من منطقة صالحة. ونشر عدد من أبناء المنطقة على موقع "فيسبوك" أسماء أشخاص ظهروا في مقاطع الفيديو، مؤكدين أنهم مواطنون عاديون ولا علاقة لهم بالجيش السوداني.
من جانبها، دانت مجموعة "محامو الطوارئ" الحقوقية بأشد العبارات ما وصفته بـ"الجرائم الوحشية" التي ارتكبتها قوات الدعم السريع في صالحة، وحمّلت قياداتها كامل المسؤولية القانونية والجنائية عن عمليات التصفية والقتل العمد للمدنيين، مطالبة باتخاذ إجراءات رادعة لضمان عدم إفلات الجناة من العقاب.
وقالت المجموعة، في بيان صحفي، إن عناصر يتبعون لقوات الدعم السريع وثقوا عبر تسجيلات مصورة جريمة تصفية مدنيين عزل، مضيفة أن المقاطع أظهرت مشاهد صادمة واعترافاً صريحاً من أحد قادة الدعم السريع بإصدار أوامر مباشرة بقتل المدنيين.
وأشارت المجموعة إلى أن وجود هذه الأدلة "يثبت بما لا يدع مجالاً للشك الطابع العمدي والمنهجي لهذه الانتهاكات"، موضحة أن تصفية المدنيين العزل تشكل "انتهاكاً جسيماً لكافة المواثيق الدولية، وترقى إلى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية". وذكرت أن ارتكاب هذه الجرائم بصورة منظمة وتوثيقها علناً يعكس "مدى استهانة قوات الدعم السريع بأرواح المدنيين واعتمادها سياسة الإفلات من العقاب لترهيب السكان وفرض سطوتها بالقوة".
وتُصر مجموعات من الدعم السريع على البقاء في غرب وجنوب أم درمان بعد إخراجها من معظم المناطق، فيما يواصل الجيش شنّ هجمات متواصلة لإخراجها بالكامل من العاصمة.
وقال الجيش السوداني، في بيان صحفي اليوم الأحد، إن قواته ضبطت مخازن ذخيرة وبعض المدرعات بعد تطهير معسكر الكونان غرب أم درمان، مضيفاً أن جنوده "قضوا على المئات من مقاتلي الدعم السريع وتم دفنهم وفقاً لقواعد الاشتباك".
وكان المستشار في الأكاديمية العليا للدراسات الاستراتيجية والأمنية، اللواء معتصم عبد القادر، قد قال لـ"العربي الجديد" إن معارك غرب أم درمان تمثل خط الدفاع الأخير للدعم السريع عن دارفور، مبيناً أن سيطرة الجيش على طريق الصادرات الذي يربط أم درمان بمدينة بارا في شمال كردفان تعني استمرار تدفق الإمداد الكثيف للجيش، ومن ثم نهاية التمرد في الإقليمين. وأوضح أن هذا ما يجعل الدعم السريع "تستميت للبقاء في أم درمان".