- القوة التي حاصرت منزل د. أبو الفتوح استمرت في مواقعها حتى بعد رحيله!

- الضابط طلب من د. عبد السلام تسليم المسدس لأنه من الجماعة الإسلامية!

- إنهاء تفتيش شقة د. لاشين بعد القبض على حقيبتين بهما أمواله الخاصة

 

تحقيق- إسلام توفيق:

"افتح الباب.. البيت كله محاصر"، هذا هو شعار الحملات الأمنية التي تشنها أجهزة الأمن المصرية على قيادات ورموز الإخوان المسلمين، والتي طالت مؤخرًا الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح عضو مكتب الإرشاد وأمين عام اتحاد الأطباء العرب، والمستشار د. فتحي لاشين الخبير الاستشاري في المعاملات المالية الشرعية والمستشار السابق بوزارة العدل؛ الذي تمَّ إخلاء سبيله وإطلاق سراحه اليوم لظروف صحية، والدكتور جمال عبد السلام مقرر لجنة القدس باتحاد الأطباء العرب ومرشح الإخوان في انتخابات 2005م، وكلاًّ من رضا فهمي (شمال القاهرة)، وعبد الرحمن الجمل (الغربية) من رجال التربية والتعليم.

 

قوات مكافحة الإرهاب وأمن الدولة استباحت القبض على الآمنين الذين يمارسون حقَّهم الدستوري في عيش حياة آمنة، ولا يحملون السلاح، ولا يخطِّطون لعنف، بل إن كل تهمتهم أنهم يقولون ربنا الله.

 

(إخوان أون لاين) رصد بعضًا من مشاهد اقتحام قوات الأمن لمنازل شرفاء الوطن في سطور التحقيق التالي:

 

د. عبد المنعم أبو الفتوح

 الصورة غير متاحة

 د. عبد المنعم أبو الفتوح

تبدأ القصة الأولى عندما أمر ضابط أمن الدولة بتوجيه قوة مكوَّنة من عربتي أمن مركزي برجالهما، بالإضافة إلى سيارتين (بوكس) للتوجه إلى منزل الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح عضو مكتب الإرشاد بالجماعة والأمين العام لاتحاد الأطباء العرب.

 

هذه القوة التي ظنَّ الأهالي أنها جاءت للقبض على أحد تجَّار المخدرات بالمنطقة أو أحد السفاحين الهاربين من العدالة؛ اصطفت على ناصية الشارع، وقامت بإغلاقه تمامًا، ومنعت دخول الأهالي منازلهم أو خروجهم منها؛ حتى يُحكموا السيطرة على المجرم الهارب من العدالة كما يظنون.

 

ولكنَّ الأهالي فوجئوا بأن قوةً كبيرةً من الجنود تصعد سلالم منزل الدكتور أبو الفتوح؛ ليقوم الضابط بالضغط على جرس الشقة، لتستمرَّ دهشة الجيران من محاولة هذا المجرم الهارب الاختباء في منزل الدكتور المعروف عنه الالتزام والاحترام والتقدير بين كل جيرانه، إلى أن ظهرت المفاجأة بأن كل هذه القوة جاءت لتقبض على الدكتور نفسه.

 

الدكتور أبو الفتوح استيقظ من نومه ظنًّا منه أن ابنه الأصغر نسي مفتاح الشقة ويحتاج إلى من يفتح له للدخول بعد يوم طويل من العمل، فوجئ بهذه القوة التي تقف أمامه، ليفتح لهم الباب بكل هدوء ويقول لهم: "تفضلوا.. حتى أغير ملابسي".

 

هذه القوة الكبيرة انطلقت داخل شقة الدكتور بصورة غريبة تفتش في كل مكان تبحث عن شيء غير موجود إلا في مخيلاتهم وحدهم، ليأخذوا كل ما يجدونه أمامهم حتى نالت أيديهم كل الأوراق بما فيها الدراسات العلمية والكتب المتخصصة في المجالات غير السياسية.

 

التفتيش الذي استمر من الواحدة والنصف وحتى أذان الفجر حصد بين طياته إيصالات النور والكهرباء وعقد الشقة وضمانات الأجهزة الكهربائية، كما حصد جهاز كمبيوتر و(هارد) كمبيوتر آخر.

 

لم يجدوا أموالاً كي يأخذوها، وإن كانوا يتمنون أن يجدوها بعد سؤال الضابط لأبناء الدكتور أبو الفتوح "هو فيه هنا فلوس؟.."، المذهل في الأمر أن القوة الغفيرة التي جاءت لتنال من عضو مكتب الإرشاد لم تتحرك بعد اعتقاله وبقيت حتى الفجر لتأمين باقي القوة التي استمرت في التفتيش حتى بعد نزول الدكتور وترحيله إلى القسم.

 

د. جمال عبد السلام

 الصورة غير متاحة

د. جمال عبد السلام

القصة الثانية اختلفت كثيرًا عن القصة الأولى في تفاصيلها؛ لكنها اتفقت في النهاية مع القصة الأولى، هذه المرة مع الدكتور جمال عبد السلام مقرر لجنة القدس باتحاد الأطباء العرب ومرشح الإخوان عن دائرة قصر النيل في انتخابات مجلس الشعب الأخيرة في 2005م، فلم تمكث قوة أمن الدولة في البيت سوى 14 دقيقة فقط، ولم تكن القوة المرسلة من القسم لاعتقاله كبيرة، بل كانت مكونة من الضابط ومخبر و5 عساكر.

 

كلمة السر في عملية اعتقال الدكتور عبد السلام كانت في المخبر سيد إبراهيم الذي كان يحرك الأمور كلها بعد أن اعتاد على البيت وعرف تفاصيله، فهذه هي المرة الثالثة التي يأتي فيها لاعتقال الدكتور عبد السلام.

 

الغريب أن الدكتور قبل نومه كان يستمع لبرنامج (العاشرة مساءً) الذي استضاف الدكتور حمدي حسن الأمين العام المساعد للكتلة البرلمانية للإخوان المسلمين والذي كان يتحدث عن حل مجلس الشعب، تبعه حديث بين الأسرة الصغيرة المكونة من الأب والأم والولدين عن الاعتقالات ليقرأ الدكتور آخر آيات سورة هود ﴿وَللهِ غَيْبُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ﴾، وكأنه يصبرهم قبل نومهم بأن كل أمور المؤمن بيد الله عز وجل.

 

نعود لأحداث الاعتقال؛ فوجئ أهل البيت بطرق كثيف على باب الشقة، ليقوم الدكتور بنفسه وكأنه يعلم أنهم أمن الدولة جاءت لاعتقاله، ليقوم بإيقاظ زوجته وابنه الأصغر ويفتح لهم الباب، ليفاجأ بضابط أمن الدولة يقول له: "لو معاك مسدس طلعه"!!، الأمر الذي استهجنه طبيب الأمراض الباطنية والمتخصص في الشئون الإغاثية ليرد عليه قائلاً: "أنا من الإخوان.. ومش أول مرة يتقبض عليَّ، والإخوان مش بيشيلوا مسدسات".

 

رد الدكتور عبد السلام واجه غلظة شديدة من الضابط الذي قال له: "أنا مش جايلك عشان أنت إخوان.. أنا جايلك علشان الجماعة الإسلامية".

 

وعلى الرغم من سوء المعاملة وعدم آدميتها إلا أن التفتيش كان حذرًا وكأن الضابط لديه أوامر بعدم التفتيش بالصورة الهمجية التي سبق أن حدثت مع الدكتور أثناء اعتقاله في المرة الأولى، ومع هذا لم يسلم المنزل من مصادرة محتوياته حتى نال أيديهم كتاب (الخلفاء الراشدين) المترجم للغة الإنجليزية، حيث اعتبر الضابط الإمام السيوطي بأنه يحمل الفكر الجهادي كما أخبرهم الضابط، فضلاً عن مصادرتهم مجموعة من الدورات في التنمية البشرية.

 

صورتا الشهيدين أحمد ياسين وعبد العزيز الرنتيسي المعلقتان على حائط المنزل أثارت انتباه الضابط الذي سأل عنهم: "من هؤلاء؟"، ليرد عليهم الابن الأصغر: "ملكش دعوة بيهم.. دول إخوان.. وأنت جاي للجماعات الإسلامية"، ليعيد الضابط أسئلته مرة أخرى: "هي الوالدة منتقبة ولا لأ؟"، ليرد عليه: "منتقبة منذ زواجها".

 

الترهيب الذي اتبعه الضابط والمخبر الذي طاف الشقة مرتين أو ثلاث يبحث عن أي شيء يأخذه وأي شيء يعتبره حرزًا لم يمنع الدكتور عبد السلام من العرض على الضابط بتفتيش العيادة أو السيارة إن أراد، ليرد عليه الضابط: "لا.. مش مهم.. هي ربع ساعة وترجع على طول".

 

الطريف أن السيارة التي انتظرت أسفل العمارة كان يقف أمامها مجموعة من الشباب الذين يلهون ويتعاطون المخدرات ويتحرشون بالمارة، ولم يقل لهم الضابط شيئًا، بل عندما نزل الدكتور معتقلاً بادروه متعجبين من حاله: "معلش يا دكتور.. ربنا معاك يا دكتور.. انتوا واخدين الراجل الطيب ده ليه؟..".

 

د. فتحي لاشين

 الصورة غير متاحة

د. فتحي لاشين

القصة الثالثة مع أحد رموز القضاء في مصر وهو المستشار الدكتور فتحي لاشين الخبير الاستشاري في المعاملات المالية الشرعية والمستشار السابق بوزارة العدل الذي تعدى السبعين من عمره، ويعاني من مرض فشل كلوي يكلفه شهريًّا أكثر من 15 ألف جنيه.

 

هي بالفعل قصة اعتقال لرجل قعيد ملازم الفراش هاجمته قوة أمن الدولة في الثانية عشرة والنصف صباحًا واستمرت في البيت أكثر من 3 ساعات، كانت بمثابة تحقيق بوليسي داخل الغرفة أو بمعنى أدق على (السرير) من قِبَل الضابط المصاحب للقوة، في حين تولى مسئولية التفتيش وبعثرة محتويات الشقة باقي القوة التي تعاملت مع المنزل الصغير الذي يعيش فيه المستشار مع حفيدتيه بعنف فبعثروا محتوياته بحثًا عن الأموال.

 

مشهد غريب يصور المخبر يطير فرحًا عندما يجد شنطة بها 100 ألف دولار، ليذهب سريعًا ليخبر الضابط الذي يأمره بالبحث عن أموال أخرى، ليعكف المخبر ومن معه على البحث عن شنط أخرى حتى يجد شنطة أخرى بها 100 ألف جنيه، ليعود للضابط ويخبره، ويتنهد الضابط: "الحمد لله.. نمشي بقى".