وقفة أخرى في بداية عام جديد مع حركة فتح المختطفة من قِبل ثلة مارقة أوردتها المهالك، وما زالت توردها، حتى باتت فتح- التي قادت النضال الوطني الفلسطيني ولعقودٍ من الزمان تيارات عديدة- متصارعةً فيما بينها، وحتى أصبحت عاجزةً حتى عن الاحتفال بذكرى إشهارها في أي مكانٍ على وجه الأرض، تأكلها الصراعات والتكتلات والمحسوبيات، وينكر مَن يدمرونها ذلك، ويصرون على وحدة حركية لا توجد إلا في الشعارات، ولولا وجود ثلة أخرى ما زالت تؤمن بالمبادئ والثوابت الأصلية وتحاول أن تعيد فتح لسابق عهدها، لكنَّا قرأنا عليها السلام، مع السلام المزعوم الذي يقوده مَن يختطفونها.

 

اليوم وصلت درجة الانحطاط السياسي لعباس وزمرته حدًّا غير مسبوق، داخل فتح وخارجها، يضربون بعصا غيرهم كونهم عملاء من الطراز الأول للمحتل، ويستخدمون من يضرب نيابةً عنهم من سفلة القوم وأصاغرهم.

 

ليس هذا بتجنً بل واقع وحقيقة ماثلة تتكرر يومًا بعد يوم، وحتى لا نخوض في تفاصيل كثيرة يكفي أن نعرِّج على بعض الأمثلة لما سبق.

 

بالأمس ومع نهاية العام 2010م حرَّكت الطغمة التي تختطف فتح والقرار الفلسطيني بيادقها من خارج فتح؛ لتخوض معركةً نيابةً عنها فإذا بالمحرر السياسي لوكالة (وفا) والذي يفترض أنها وكالة لكل الفلسطينيين يخرج ببيانٍ أقل ما يُقال عنه أنه بيان ساقط ككاتبه، يهاجم فيه الأستاذ ياسر الزعاترة لمقالةٍ له نشرتها صحيفة (الدستور)، مقالة لم تخرج عن حدود العمل الصحفي والتحليل السياسي المهني لكن مع وجود أمثال عبّاس أصبح الزعاترة عدوًا للشعب- وبسهولة يمكن لأي إنسان أن يتأكد من المقالة وبيان الساقط في وكالة (وفا)؛ ليعرف ويتعرَّف على المهنية والأخلاق مقابل الامتهان والنفاق.

 

لم تكتفِ تلك الزمرة بالبيان فأوعزت للبغيض شيخ الشياطين المستوزر الهارب محمود الهباش ليخصص جزءًا من خطبته ليكرر سقطات محرر (وفا) السياسي، وليرعد ويزبد- قاتله الله وأخزاه في الدنيا والآخرة-، ليقول فيما قال: "إن الحملة التي تتعرَّض لها قيادتنا وآخرها ما نُشِرَ في صحيفة الدستور من تهكماتٍ على السلطة الفلسطينية وقادتها ما هي ألا مجرد سفاهات من كاتبٍ طعَّان ولعَّان وبذيء؛ حيث إن كلماته بعيدة عن البلاغة، وما هو إلا مجرد خادم لسياسة نتنياهو وليبرمان والسياسة الإيرانية التي تشترك بأهدافها المعادية لمصلحة وعرض الشعب الفلسطيني وقيادته"!!.

 

هذا البغيض يستخدم منبر الجمعة لتصفية حسابات عباس نيابةً عنه، تمامًا كما يفعل آخرون في تصفية الحسابات بين عبَّاس ودحلان، هذا البغيض الذي أمم المساجد ومنع نواب الشعب الفلسطيني من الخطابة بحجة استخدام المنابر، يستخدمها ليبث قاذوراته إرضاءً لأسياده، ليلوي أعناق النصوص ويُفصِّل الآيات كما يشاء، نسأل الله سبحانه وتعالى أن يرينا فيه عجائب قدرته، وأن يجعله عبرةً لكل منافقٍ متزلفٍ أفَّاق مشَّاءٍ بنميم.

 

هذا عندما يتعلق الأمر بتحريك أزلامهم، لكن عندما يتعلق الأمر بالمحتل المجرم، فهم كالفئران بل أكثر طوعًا، وهم- بلا مبالغة- أحذية المحتل يستعملها كيفما شاء، وقد بلغت الخيانة لصالح الاحتلال، والتي يسمونها تنسيقًا أمنيًّا مبلغًا غير مسبوق، ثم يزايدون أنهم الأوصياء الأوفياء على مصلحة الشعب، وهاكم كشفًا بحصاد العام 2010م السلطوي الفتحاوي العباسي الفياضي:

 

- أكثر من 3000 حالة اعتقال سياسي منها: (1404 أسرى محررين من سجون الاحتلال- 49 إمام مسجد- 24 أستاذًا جامعيًّا- 36 صحفيًّا فلسطينيًّا- 32 عضو مجلس بلدي- 417 طالبًا جامعيًّا ومدرسًا- 9 محامين).

 

- وفي تجاوز لكل القيم والأخلاق، وفي ممارسة قمعية لم تشهد فلسطين مثيلاً لها، اعتقلت ميليشيات العمالة 7 نساء واستدعت 7 أخريات.

 

- وحاكمت سلطة العمالة أكثر من 90 معتقلاً سياسيًّا أمام محاكم عسكرية.

 

- كذلك سلمت أجهزة العمالة 37 مغتصبًا دخلوا محافظات الضفة بما يُسمَّى طريق الخطأ.

 

- وبالأمس فقط ارتكبت أجهزة العمالة جريمة أخرى لصالح الاحتلال باختطافها مطارد منذ تسعينيات العام الماضي، واليوم تتحدث الأنباء عن تدهور صحة المضربين عن الطعام في سلخانات عباس فياض، وربما موت سريري لأحدهم.

 

نعم تمادت الطغمة المختطفة لفتح والسلطة في غيها، بينما اكتفت كل الأطراف بالشجب والتنديد وتحديد الخطوط الحمر التي لم تعد تعني شيئًا!

 

لكن.. ورغم كل هذه الجرائم والممارسات الخيانية، ورغم الوضع القاتم، خاصةً في الضفة الغربية المحتلة ازدواجيًّا، ورغم شراستهم وهجومهم وتهديدهم، ورغم كل محاولاتهم لإضفاء الشرعية على أنفسهم.. رغم كل ذلك فإننا على يقينٍ أنهم إلى زوال، مثل الاحتلال الذي يخدمونه، وعلى يقينٍ أن باطلهم لن يصمد مهما علوا وتفرعنوا، وإننا على يقين أنه مع نهاية عام وبداية آخر، فإن وقتهم وزمانهم يقترب من النهاية.

 

اليوم ونحن نستقبل العام الجديد نقول للسيد الزعاترة ولكل مَن يقبض على الجمر أن هجومهم واستهدافهم هو وسام شرف على صدر الشرفاء، وهو عار مقيم للأخسرين، وهو دليل أنك على النهج والطريق الصحيح، وأنك قد أصبتهم في مقتل، وإلا لما استنفروا أبواقهم وبيادقهم كما فعلوا بالأمس.

 

عهدًا أن نبقى كما نحن في وجه هذه الطغمة الفاسدة لا يسكت اللسان ولا يسقط القلم.

 

خلاصة القول فزت يا أخي ياسر، أما مَن يستهدفك فهو بلا شك ضعيف منبوذ خاسر، ولا نامت أعين الجبناء.

-------------

* [email protected]