الصورة غير متاحة

 خالد إبراهيم

الشعب المصري الذكي يعرف أن هناك تخوفات وأفكارًا وآراء واعتبارات لدى (الأفندية) الذين تبوءوا- في ظل النظام المخلوع- المناصب الحزبية والدبلوماسية، أو وُظِّفوا في المراكز البحثية، أو استكتبوا في الصحف المحلية والعالمية، أو استضيفوا في القنوات الفضائية، وهذه التخوفات تجعلهم تارةً ينادون بتأجيل الانتخابات لأسباب واهية خلاصتها أن الشعب المصري ما زال قاصرًا، ولا يستطيع أن يفرق بين حبيبه وعدوه، وتارةً يدعون للتصويت بـ(لا) على التعديلات الدستورية، ولا ندري ما البديل؟ لأن كلاًّ منهم قد خرج باقتراح خاص به ولا نعرف أيَّ الاقتراحات نأخذ؟!

 

نرجوكم أيها (الأفندية) أن تردوا على من يتهمكم بعدم الحرص على التصدي للثورة المضادة واستقرار الأوضاع الأمنية، أو توقف المظاهرات الفئوية، أو الحفاظ على الوحدة الوطنية، أو دوران العجلة الإنتاجية، أو تفرغ الجيش لمهمته الأصلية، واليقظة للحدود المصرية المشتعلة شرقًا وغربًا وجنوبًا، وأنكم إنما تريدون حرمان الشعب من الديمقراطية التي طالما تشدقتم بالدعوة إليها، حرصًا منكم على المغانم والكراسي!.

 

ثم هل هناك علاقة بين تحذير القذافي للغرب النفعي من الإرهاب والهجرة غير الشرعية؛ مما أدَّى إلى الصمت المريب كل هذا الوقت على المجازر الوحشية في حق الشعب الليبي الشقيق المطالب بالحرية والكرامة وعودة السلطة إليه ورغبتكم في منع أو تأخير حق الشعب المصري في ممارسة الديمقراطية الكاملة بحرية تامة لأول مرة في تاريخه القديم والحديث؟
نعلم أنكم لا تجرءون على التصريح بما في نفوسكم؛ لذا ترفعون شعارات مؤثرة من قبيل: احترام إرادة جماهير الثورة، والتغيير الكامل الشامل، وإشراك الشباب، ودستور جديد، ومجلس رئاسي مدني، لكنكم لم تقولوا أو تتفقوا أو تقنعونا: كيف ومتى ومَن الذي سيقوم بكل هذه الأحلام الجميلة التي لا يختلف عليها مخلصان؟

 

أما التعديلات الدستورية المقترحة فهي تحدد آلية القيام بكل هذه الإجراءات بل وتوقيتاتها، فلماذا تريدون منا أن نترك تعديلاً في أيدينا وتأخذونا إلى المجهول؟

 

لقد رأينا الديمقراطية الأمريكية وما فعلته بفيتنام والعراق وأفغانستان، ورأينا الديمقراطية الروسية وما فعلته بالشيشان وبقية الجمهوريات، ورأينا الديمقراطية الصينية وما فعلته بالتبت والويغور وميدان تيان آن من، ورأينا الديمقراطية الصهيونية وما فعلته بالفلسطينيين، ورأينا الديمقراطية الإيطالية وتحالفها مع سفاح ليبيا.

 

وقد حان الدور على الشعب المصري الذي قام بثورة حضارية غير مسبوقة من سيناء شرقًا إلى الوادي غربًا، ومن الإسكندرية شمالاً إلى أسوان جنوبًا، كي يعلِّم الدنيا بأسرها الديمقراطية المصرية.

 

فيا شعب مصر العظيم، ويا شبابه الأبطال..

هذه فرصتك كي تقول كلمتك النافذة بحرية تامة لأول مرة في تاريخك..

هذه فرصتك كي لا تسلَّم السلطة لديكتاتور جديد؛ أيًّا كان اسمه أو رسمه..

هذه فرصتك كي تعلِّم الذين يسخرون منك ويسفِّهون رأيك ويسلبونك حقك في الاختيار..

هذه فرصتك كي تجعل قرارك بيدك، فتنتخب من تشاء، وتعزل من تشاء، وقتما تشاء..

هذه فرصتك كي تأتي بخدم لك لا سادة عليك..

هذه فرصتك كي تخرج عن بكرة أبيك وتقول: نعم لتعديلات كنا نحلم بها.. نعم لجدول زمني تسلَّم فيه السلطة للشعب.. نعم لتعديل الدستور.. نعم للشعب.. لا للكراسي.