كان من الممكن أن يمر سؤال مذيعة الجزيرة مباشر مصر "ضحى الزهيري" مر الكرام لولا ما ينتشر في أرجاء المحروسة انتشار النار في الهشيم هذه الأيام.

 

أما السؤال فكان موجهًا للداعية الثوري صفوت حجازي عن التهديدات التي وصلت نائب المخلوع عمر سليمان بالقتل من جماعة الإخوان المسلمين.

 

ولا تتعجب ولا تتخيل  السؤال معكوسًا.

إذ الطبيعي والمنطقي أن يهدد رجل المخابرات الإخوان والثوار بالقتل والاغتيال؛ فهو الكنز الإستراتيجي الثاني للصهاينة والأمريكان، وعدو الثورة والثوار، الفاشل في حماية نظام المخلوع أو إجهاض الثورة التي قضت عليه.

 

أما أن يهدد الإخوان عمر سليمان بالقتل، فهي تلكيكة عبيطة عبط رجال سليمان من أمثال إحنا آسفين يا مخلوع وإحنا زغطنا الوز والبط أو عبط أستاذ السياسة الذي كان يعد ابن المخلوع لسرقة مصر وقال فيما قال: إن مبارك يعرف مصر شبرًا شبرًا لأنه طيار!!!!

 

نعم قال علي الدين هلال- تعيشوا وتفتكروا- هذا البله ذات يوم، وكأن الطيار كان يقوم بطلعات جوية لقياس أرض مصر بالشبر ليخبرها ويعرفها عن قرب، عفوًا أقصد عن بعد ما دام الرجل طائرًا!

 

أما سؤال ضحى لا يمكن أن نضعه في سياق الهبل والعبط السياسي الذي ظل يحكمنا طوال 30 عامًا وما زال ويتمنى البعض عودته بترشح أعمدة المخلوع بكل بجاحة وصفاقة مرددين أنهم ترشحوا لحماية الثورة واستكمال مسيرتها- أي والله العظيم يقولون هذا جهارًا نهارًا-.

 

فمنذ أقل من شهر أعلن الصحفي الناصري عبدالله السناوي في برنامج مع يسري فودة أن شخصية عسكرية رفيعة المستوى أكدت له أن المجلس العسكري سيسلم السلطة ولا رغبة له فيها مطلقًا، ولكنهم على استعداد بالقيام بعمل انتحاري إذا اضطروا لذلك، وعندما سأله فودة عن هذا العمل الانتحاري أوضح أنه يقصد انقلابًا، إذا أدت الأمور إلى قيام دولة دينية...إلخ

 

ولقد أعاد السناوي هذه الحدوتة مرة أخرى في مقال له بإحدى الصحف الخاصة واسعة الانتشار، مما يعنى قيامه بتنفيذ الأوامر بترويج هذا التهديد رغم ثوريته وعدائه الشنيع للعسكر واتهامه الإخوان بعقد الصفقات معهم...وآه يا بلد!
الأخطر من ذلك هو خروج الأمر من مجرد الكلام إلى الفعل.

 

ففي يوم الجمعة الفائت أطلقت ما قيل عنه أعيرة خرطوش على مظاهرة (والنبي لترجع يا اسمك إيه..) المطالبة لنائب المخلوع بالعدول عن قراره بعدم خوض سباق الرئاسة، واستجابة لدعوة صاحب البط والوز الذي استضافه التلفزيون المصري الرسمي ليلة المظاهرة ليطالب جموع الشعب بالخروج إلى العباسية- حفظ الله عليكم نعمة العقل-.

 

كل هذا مع انتشار شائعات هنا وهناك عن اغتيالات لقيادات الإخوان أو عودة أحداث 54، ووصول تهديدات بالقتل لمحامي جماعة الإخوان إذا تقدم بأوراق الدكتور محمد مرسي وغير ذلك من الترهات والتهديدات، كتلك التي انتشرت قبل الانتخابات التشريعية وادّعت أن الدماء ستكون للركب والأذقان، فرد الله كيدهم إلى نحورهم، وخيّب ظنهم بوعي الشعب العظيم الذي ما زالوا يتهمونه ببيع صوته بالسكر والزيت خيبهم الله من فاشلين حاقدين، فما أشبه قولهم بقول نائب المخلوع من قبل إن المصريين جهلاء لا يصلحون لممارسة الديمقراطية.

 

إن استهداف المظاهرات المؤيدة للمخاليع والعكاشين والسليمانيين وبتوع إحنا آسفين ومحتاجين للي يذلنا ويذل أولادنا.. لا يمكن أن تكون إلا أحد أمرين:

 

- الأول: إما أنه تصفية حسابات بلطجية فيما بينهم، خاصةً أن البلطجية صناعة المخلوع وزبانيته، فمن الجائز اختلافهم على قرص ترامادول أو وجبة كنتاكي أو خمسين جنيه فقامت المعركة، وعلى من لا يصدق الرجوع إلى مشاهدة السيد صاحب تزغيط البط وحزمة الجرير وتمن الجاموسة في سوق البهايم لا مؤاخذة.

 

- الثاني: أن يكون الأمر مجرد تمهيد للاعتداء على التجمعات والمؤتمرات للمرشحين المنافسين فيما بعد، وتكون هذه المسرحية حجة ودليلاً أنهم قد تعرضوا لمثل هذه الاعتداءات قبل غيرهم، وتبرأ ذمتهم منها، كما يتخيلون ويحلمون.

 

والاحتمال الأخير هو الأقرب للواقع، أما أن يهدد الإخوان أو غيرهم من القوى السياسية نائب المخلوع بالقتل أو ما شابهه فهو تهريج واستغفال للناس.

 

فأثناء الثورة لم يستخدم أحد العنف ناهيك عن القتل والاغتيال، رغم وحشية مبارك ونائبه وحبيبه العادلي واستخدامهم الضرب في المليان بالأسلحة والقنابل دون رحمة أو شفقة.

 

لقد انتصر الشعب في ثورة سلمية شهد العالم أنها أعظم ثورة في تاريخه، فلماذا يلجأ من قدم الشهداء راضيًا للعنف والقتل.

 

إن الإخوان وجميع القوي السياسية والثورية تعلم أن تأخر اكتمال أهداف الثورة إنما هو نتيجة لرضائهم بالمسار السلمي، ورفضهم جميعا قيام محاكم ثورية كتلك التي مارست البطش والقتل دون تحقق واستبيان، رغم وجود من يستحقون ما هو أكثر من القتل بمراحل عديدة.

 

إن ما هدد به أحد المرشحين للرئاسة من استخدامه السلاح لوقف مهزلة ترشح سليمان للرئاسة، يمثل مدى الغضب الذي يستعر في قلوب الشعب الذي ضحى بخيرة أبنائه من أجل إزاحة الطاغية وخلعه، ليفاجئوا بمن يصر على إعادة التاريخ إلى الوراء.

 

ومع كون الأمر لا يخرج عن كونه سجالاً إعلاميًّا، وغضبًا مشروعًا في مقابل ضخامة الجريمة التي تحاك ضد الوطن والثورة؛ إلا أن الجميع يعرف هذا المرشح ويعرف انتماءه الفكري والحزبي، وهو بعيد كل البعد عن الإخوان، فكيف تم ليِّ عنق الأحداث ليحشر فيها الإخوان حشرًا؟!

 

عمومًا إن الأيام القادمة ستشهد أحداثًا جسامًا بقدر ما ستحدثه في تاريخ مصر من تغيير سيكون بإذن الله تعالى للنهضة والحرية والكرامة رغم أنف المتآمرين والمتربصين والعملاء والخونة، ولكن أن يتخيل مريض ما أن الاغتيالات أو الانقلابات يمكن أن تكون حلاً لأزمتهم وتحقيقًا لطموحاتهم فهذا لن يكون بإذن القوي العزيز الذي نصر عباده المستضعفين على جبابرة العصر في تونس ومصر وليبيا واليمن وسوريا قريبًا بإذنه تعالى.

 

ولن يكون ذلك بعد أن عرفت الشعوب حريتها وشبت عن الطوق، واستطاعت أن تطرد بن علي وتسجن مبارك وتحرق صالح وتسحل القذافي...

 

إن الشعب المصري لم يلتفت إلى الحملات الإعلامية التي شاركت فيها مئات الفضائيات والجرائد وأعطى صوته لمن عرف فيهم الصدق والتضحية، هذا الشعب العظيم سيستطيع أن يوقف كل مؤامرة خسيسة إذا سول الشيطان لأحد أوليائه أن يقوم بها هنا أو هناك، بعد أن صار الحساب والقصاص بيده هو لا بيد العملاء والخونة والمأجورين.