بعيدًا عن الانحياز المشروع والاستقطاب المذموم.. بعيدًا عن الحكومة والمعارضة، نحن جميعًا أمام تحدٍّ جديد في الحياة الديمقراطية وآلياتها المعمول بها عالميًّا. نحن أمام مرحلة فارقة نكون أو لا نكون.. نكون دولة مؤسسات وقانون رغم السجال السياسي الذي تحوَّل إلى صراع وصدام، أو لا نكون ببقايا دولة الفوضى والمشاع وعدم الاستقرار.

 

من الطبيعي- بل والمطلوب- أن نختلف ونتنافس، لكن وفقًا لقواعد ونظم تحكم الممارسة الديمقراطية. أما أن يخترع كل منا ما شاء من قواعد اللعبة فنحن أمام حالة من الفوضى والعبثية والذهاب إلى المجهول. من هنا كانت التساؤلات: لماذا الدعوة إلى الانقلاب على الشرعية وإهدار إرادة الشعب في أول انتخابات ديمقراطية وانتخاب أول رئيس مدني منتخب؟! أليس هذا النمط من التغيير كان من المآخذ على فصائل من التيار الإسلامي والشيوعي اعتمدت العنف والانقلاب سبيلاً للتغيير؟!

 

هل يظن دعاة التمرد (الوجه الجديد لجبهة الإنقاذ والخطوط الخلفية له) أن أنصار الرئيس والتيار الإسلامي سيجلسون أمام شاشات التلفاز يشاهدون باستمتاع أو بامتعاض، الانقضاض على الإرادة الشعبية والشرعية؟! أليس من حق مؤيدي الرئيس حماية الدولة ومؤسسات الدولة في حالة تقاعس بعض الجهات الأمنية التي لا تزال مخترقة حتى تاريخه؟! هل من جديد في موازين القوى للخريطة السياسية المصرية؟! هل من قيم شعبية ورصيد مضاف للمعارضة يمكِّنها من إحداث تغيير ميداني لا إعلامي؟! هل نحن أمام قنبلة حقيقية شديدة الانفجار؟! أم أمام بالونة هواء كبيرة فاقدة المفعول؟! هل تظن المعارضة أن الحشد والتجييش الإعلامي سيعوض ندرة الحضور الميداني؟! هل نحن أمام جولة جديدة من العنف أشد دمويةً، أملاً في إثارة الفوضى على أمل وهم تدخُّل الجيش ليفض الاشتباك؟! ألا يعلم هؤلاء أن الرئيس يقف في مربع التيار الإسلامي بكل ألوانه وأشكاله على مسطرة الاعتدال والتطرف؟! ألا يعلم بعض ضيوف فضائيات المساء والسهرة أن الترويج الكاذب لهروب أسر الإخوان خارج البلاد من الآن سيُلهب مشاعر وحماس الإخوان وأسر الإخوان ودوائر الإخوان، وكأننا على أبواب معارك مقدسة قادمة؟! أليس ما يطرح في بعض فضائيات المساء والسهرة تجاه الرئيس وجماعته والمربعات المؤيدة له نوعًا من التحريض العلني الذي يستوجب الحساب القانوني لفريق من المعارضة افتقد الحس الوطني وغلَّب مشاعر العداء والكراهية على واجبات الأخوة الوطنية والحقوق الإنسانية؟! هل يظن بعض بقايا نظام مبارك المتمركزين على مفاصل الدولة (بقايا قضاء مبارك وأبواق صفوت الشريف وأذناب فاروق حسني وجيوب حبيب العدلي وفِرَق عمر سليمان وكتائب الحزب الوطني المنحل) حتى الآن أن القادم هو معركتهم الفاصلة والأخيرة لذا كانت الأموال الطائلة وغير المسبوقة تنفق في كل اتجاه دون وعي أو عقل؟!

 

خلاصة الطرح: القادم في 30 يونيو ليس بجديد. باختصار، الأسر المصرية القادرة ماديًّا ستتجه إلى الشواطئ والمصايف بعد امتحانات الثانوية العامة، وباقي الأسر تستعد لشهر رمضان، ويبقى تمرد جبهة الإنقاذ كما هو في العدد والعدة؛ فلا إضافة، بل الخصم هو القادم، وبقايا أبواق صفوت الشريف ستمنحنا مزيدًا من الغبار الإعلامي الكثيف، ويمر اليوم ببعض حالات العنف المفتعلة وينتهي المشهد الساعة الثانية عشرة بالتوقيت المحلي لمدينة القاهرة، وعلى فرق البلطجة وبعض ضيوف فضائيات المساء والسهرة مراعاة فروق التوقيت وفروق سعر العملة.

 

حما الله مصر (عقل وقلب العروبة والإسلام) من كيد كل الأعداء وجهل بعض الأبناء وعجز الوهم المسمى "النخبة".