في حديثه عن الأقباط يؤكد نائب المرشد العام للإخوان المسلمين الدكتور محمد حبيب أن الإخوان يقرِّون للإخوة الأقباط بكامل حقوق المواطنة، موضحًا أن هذا الفهمَ مستقرٌّ داخل الإخوان من بواكير الدعوة حتى الآن وفق صيغة المساواة المعروفة في ثقافتنا الإسلامية:

"لهم ما لنا وعليهم ما علينا".

 

مشيرًا إلى أن الجماعة حريصةٌ على فتح قنوات الاتصال والحوار معهم؛ باعتبارهم شركاء الوطن والكفاح، وشدَّد نائب المرشد العام في هذا الحوار على دور المناخ السياسي السائد؛ بحسبانه من أهم عوامل إشاعة التوجس والريبة لدى الطرفين.. فإلى تفاصيل الحوار:

* ثمة اتهامٌ موجَّهٌ ضد حركة الإخوان بجعل الرابطة الدينية بديلاً عن الرابطة الوطنية، وفهم بعض الأقباط أن الولاء للدولة يكون على أساس ديني لا سياسي!!

** هذا الأمر يحتاج إلى توضيح وتصحيح، فالإسلام في فهم الإخوان (كما جاء في رسالة التعاليم للإمام البنا) يعني: "نظام شامل يتناول مظاهر الحياة جميعًا، فهو دولةٌ ووطنٌ أو حكومةٌ وأمةٌ، وهو خلقٌ وقوةٌ أو رحمةٌ وعدالةٌ، وهو ثقافةٌ وقانونٌ أو علمٌ وقضاءٌ، وهو مادةٌ وثروةٌ أو كسبٌ وغنى، وهو جهادٌ ودعوةٌ أو جيشٌ وفكرةٌ، كما هو عقيدةٌ صادقةٌ وعبادةٌ صحيحةٌ، سواءً بسواءٍ".

 

ومن ثمَّ فالرابطةُ الإسلامية أعمُّ وأشمل من الرابطة الوطنية، وهي- أي الرابطة الإسلامية- تتضمن الرابطة الوطنية والعكس غير صحيح، ومن المغلوط أن يفهم البعض أن التمسك بالرابطة الإسلامية يكون على حساب الإخلاص للرابطة الوطنية أو لإضعافها.

 

والرابطة الوطنية في المفهوم الإسلامي لها قيمتها الكبرى ومنزلتها العظمى، ويكفي قول النبي- عليه الصلاة والسلام-: "حب الوطن من الإيمان.." كما أن الدفاع عن الأوطان من فرائض الأعيان، وأن العمل على أمن الوطن واستقراره والسعي إلى نهضته وتقدمه ورقيِّه يُعتبر من أقرب القربات إلى الله.. يقول الإمام البنا في رسالته (المؤتمر الخامس):

إن الإسلام قد فرضها فريضةً لازمةً لا مناصَ منها، أن يعمل كلُّ إنسانٍ لخير بلده، وأن يتفانى في خدمته، وأن يقدم أكثرَ ما يستطيع من الخير للأمة التي يعيش فيها، وأن يقدم في ذلك الأقرب فالأقرب رحمًا وجوارًا، حتى إنه لم يُجِز أن تُنقَل الزكواتُ أبعدَ من مسافةِ القصرِ إلا لضرورة؛ إيثارًا للأقربين بالمعروف، فكل مسلم مفروض عليه أن يسد الثغرة التي هو عليها، وأن يخدم الوطن الذي نشأ فيه، ومن هنا كان المسلم أعمق الناس وطنيةً وأعظمهم نفعًا لمواطنيه؛ لأن ذلك مفروض عليه من رب العالمين، وكان الإخوان المسلمون بالتالي أشدَّ الناس حرصًا على خيرِ وطنِهم، وتفانيًا في خدمة قومهم، وهم يتمنَّون لهذه البلاد العزيزة المجيدة كلَّ عزةٍ ومجدٍ، وكلَّ تقدمٍ ورقيٍّ، وكلَّ فلاحٍ ونجاحٍ، فلا يجدون غضاضةً على أي إنسان أن يُخلصَ لبلده، وأن يَفنَى في سبيل قومه، وأن يتمنَّى لوطنه كلَّ مجدٍ وكلَّ عزٍّ وفخارٍ".. أما بالنسبة للإخوة الأقباط فالدين عندهم شيء والسياسة والاقتصاد بل والاجتماع (على تفصيل) شيء آخر، وذلك من منطلق: أعط ما لله لله وما لقيصر لقيصر، وبالتالي فهم في حاجة إلى رابطةٍ تربطهم بالدولة، وفي حالتنا نعتبر النظامَ الإسلاميَّ هو الرابطةَ الجامعةَ التي تكفل لهم كافة حقوق المواطنة.

 

* أين إسهامات مفكري الجماعة في ترسيخ مفهوم المواطنة الجامع كرؤية بديلة لخطاب الذمَّة؟!

** نحن نفهم أن الجنسية- أي الرابطة السياسية والقانونية- التي تعطيها الدولة لمواطنيها حلَّت محلَّ مفهوم أهل الذمة، ومن ثم فإن إخواننا الأقباط الذين يشاركوننا حياتَنا وهمومَنا وأفراحَنا وأتراحَنا في هذا الوطن لهم كافة حقوق المواطنة التي يتمتع بها المسلمون، سواءً بسواءٍ، وقد جاء في مبادرتنا للإصلاح الشامل التي أعلنَّاها في 3/3/2004م في مؤتمر صحفي بنقابة الصحفيين: "إننا نؤكد على أن موقفنا من الإخوة الأقباط موقفٌ مبدئيٌّ ثابتٌ مفروضٌ على المسلمين بموجب إسلامهم وإيمانهم، مؤكَّدٌ بنصوص القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة (القولية والعملية)، وهذا الموقف يتلخَّص في النقاط التالية:

1) الإخوة الأقباط جزءٌ من نسيجِ المجتمع المصري، فهم شركاء الوطن والمصير، ولهم ما لنا وعليهم ما علينا.