إعداد: شعبة الدراسات القانونية- مركز دراسات الشرق الأوسط

يحاول هذا البحث القانوني الموجز للقرار الذي تبناه مؤخرًا رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية محمود عباس أبو مازن والقاضي بعرض ما عُرِفَ أخيرًا بـ"وثيقة الأسرى" للاستفتاء الشعبي بيانَ الأساس القانوني والسند التشريعي إن وُجِدَ لهذا القرار في ظل النظام القانوني للسلطة الفلسطينية، وهو يبين الرأي القانوني، سواءٌ بعدم دستورية أو قانونية مثل هذا القرار أو العثور على أي أساس قانوني له، وذلك وفقًا للتفصيل الوارد في البنود التالية:

 

أولاً: قضية الصلاحيات في الدستور الفلسطيني

تتكون السلطة الوطنية الفلسطينية من سلطة تشريعية وسلطة تنفيذية وسلطة قضائية، وينظم عمل هذه السلطات ويحدد العلاقة فيما بينها وصلاحيات كل سلطة وحدودها الدستور أو النظام الأساسي الفلسطيني، والذي ينبثق عنه مجموعة تشريعات تنظم مختلف نواحي الحياة، وبشكل محدد فإن النظام السياسي (الدستوري والقانوني) للكيان الفلسطيني هو نظام نيابي ديمقراطي، أي أن الشعب هو الذي يحكم ويدير شئونه عبر ممثلين له (المجلس التشريعي)، وذلك بحسب المادة الخامسة من القانون الأساسي، وملخص الوقائع الدستورية والقانونية الخاصة بالكيان الفلسطيني الموجود حاليًا بشكله المؤسسي والبنيوي الراهن يقول:

 

لحظة توقيع اتفاق أوسلو

- نشأ الكيان الفلسطيني من خلال مفاوضات باشرتها إحدى مؤسسات الشعب الفلسطيني، وهي منظمة التحرير الفلسطينية، والتي تشكِّل حركة فتح الحركة الأكثر تمثيلاً فيها، ويوجد بعض الحركات الشعبية الفلسطينية الأخرى داخل إطار المنظمة، والبعض الآخر غير مُمَثَّل في المنظمة، وبالأخص حركتا المقاومة الإسلامية حماس والجهاد الإسلامي، وهذه المفاوضات هي مفاوضات أوسلو التي أثمرت عن سلسلة من اتفاقيات التسوية بين الطرفين الفلسطيني والصهيوني في التسعينيات الماضية، مثل اتفاق إعلان المبادئ، واتفاق القاهرة "غزة- أريحا أولاً".

- بتشكيل الكيان الفلسطيني الجديد (السلطة الوطنية) استمر هذا الواقع بسيطرة واحتكار أكثر لحركة فتح، ودون اندماج تنظيمي و(أو) قانوني بين منظمة التحرير والسلطة الوطنية؛ حيث لا يوجد أي نص في القانون الأساسي (الدستور الفلسطيني) يُشِيِر إلى المنظمة وصفتها في الكيان القانوني والسياسي الفلسطيني الجديد (السلطة).

 

وبتطور الأحداث ودخول حركة حماس بنسبة (60%) في المجلس التشريعي وتشكيلها للحكومة الفلسطينية الحالية انكسر احتكار وسيطرة حركة فتح لواقع الكيان الفلسطيني (السلطة) ومؤسساته، وببروز الاختلاف البرنامجي بين الفريقين حاولت فتح اللجوءَ لحسم وفرض سيطرتها واستعادة احتكارها للقرار الفلسطيني من خلال المنظمة.

 

وباكتشافها أنه لا مرجعية قانونية للمنظمة بالنسبة للكيان الفلسطيني الجديد (السلطة)- وفقًا للقانون الأساسي للسلطة (الدستور)- لجأت حركة فتح لخيارات عديدة، منها إصدار قرارات من خلال موقع الرئاسة (ذات الانتماء لحركة فتح)، ومثال ذلك (المعابر، الأمن، الإعلام.. إلخ)، ولدى التدقيق القانوني تبيَّن أن الكثير من هذه القرارات لا تستند إلى أساس قانوني سليم، ثم إن بعضها متجاوز لحدود الصلاحيات، وحتى لو وُجد لبعضها أساسٌ في القوانين الأخرى (وليس القانون الأساسي) فإنه يشكِّل مخالفةً دستوريةً مستوجبةً للإلغاء وعدم النفاذ.
ذلك أن الرئاسة الفلسطينية الحالية (وهي من حركة فتح) اكتشفت في خضمِّ النزاع على الصلاحيات أن موقع الرئاسة محددة صلاحياته على سبيل الحصر في القانون الأساسي فقط، وبخلاف ذلك تُعْتَبَر أي ممارسة غير دستورية وخارجة عن إطار الشرعية القانونية، (المادتان 38 و63 من القانون الأساسي).

 

وباستمرار النزاع بين البرنامجين (صلاحيات، سياسية، أمنية... إلخ) لجأت الجهة المحتكرة للقرار سابقًا- ممثلةً في حركة فتح، من خلال موقع الرئاسة- إلى فكرة الاستفتاء