أتعجب كثيرًا من قسوة الانقلابيين وقتلهم المصريين بدم بارد، لكن المثير للإعجاب أكثر هو ثبات المتظاهرين السلميين ثباتًا يجعلك تظن أنك في عهد الصحابة والتابعين، ومازلنا بكامل ثقتنا بالله القوي المتين، وسيكتب التاريخ مرحمة المتظاهرين السلميين وثباتهم بحروف من نور يضيء للأجيال التالية، كما سيسجل بحروف من نار الرَصاص ملحمة الانقلابيين الدمويين وهم خليط من العسكريين والمخابرات والشرطة والشيوخ والبابوات وأمن الدولة والإعلاميين والبلطجية الذين: "لَا يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلًّا وَلَا ذِمَّةً وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُعْتَدُونَ" (التوبة:10)، بأشكال من الخسة والنذالة غير مسبوقة لطَّخت تاريخ الجيش والشرطة بدماء وشواء أجساد المصريين، سيخجل منها كل مصري حر، بل كل إنسان في العالم، وفرح بنو صهيون بالسيسي الذي أمَّن الصهاينة من حكم المصريين الأحرار لبلدهم وهم موقنون أن نهضة مصر هي نهضة العرب والمسلمين والأمة كلها، وقديمًا قيل: لو فتحت مصر فلن تقوم لدولة الرومان قائمة إلى يوم الدين، فلما دخل الإسلام مصر فاتحًا على يد عمرو بن العاص وعبد الله بن أبي سرح بعد أربع سنوات من الجهاد وهي أطول بلد استغرقت وقتًا طويلاً لفتحها لكن لما فتحت مصر انتهى الرومان تماماً بعد عشرة قرون، ويقيني أن الصهيوأمريكان يدركون هذا جيدًا من قديم ويعملون على تركيع مصر وجعلها ذيلاً لهم كما كان نظام مبارك وعمر سليمان، لكن الشعب الذي وفقه الله لثورة ٢٥ يناير صار يؤثر الموت عزيزًا على حياة الذل والعار، ويرددون قول الله تعالى: "إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآَنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ" (التوبة: 111)، فأبوا أن يبيعوا النفس الشريفة إلا لخالقها فصاروا يترنمون بقول الشاعر:
ونفس الشريف لها غايتان بلوغ المنايا ونيل المنى
فإما حياة تسر الصديق وإما ممات يغيظ العدا
نعم والله إنها معركة الحق في مواجهة الباطل، بين ثورة ٢٥ يناير في مواجهة انقلاب ٣٠ يونيو، فهل يغلب الصهيوأمريكان والعملاء الانقلابيين قوة الملك التي لا تقهر؟!، ثم غضبة الشعوب التي لا تنكسر؟!.
يا إخواني لا تهنوا ولا تحزنوا ولا تستكينوا؛ فاستمروا على سلميتكم ورباطكم حتى " يَحْكُمَ اللَّهُ وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ" (يونس: من الآية109)، لأن هنا إلهًا واحدًا لهذا الكون والأمر كله بيده، وليس من الكنيست أو البيت الأسود أو المجلس العسكري، بل القانون الإلهي هو الحكم كما قال تعالى:
1. "وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ رُسُلًا إِلَى قَوْمِهِمْ فَجَاءُوهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَانْتَقَمْنَا مِنَ الَّذِينَ أَجْرَمُوا وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ " ( الروم : 47).
2. "وَهَمَّتْ كُلُّ أُمَّةٍ بِرَسُولِهِمْ لِيَأْخُذُوهُ وَجَادَلُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ فَأَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كَانَ عِقَابِ" (غافر: من الآية5).
3. "سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ * بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ" (القمر:45-46).
4. "قَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَأَتَى اللَّهُ بُنْيَانَهُمْ مِنَ الْقَوَاعِدِ فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِنْ فَوْقِهِمْ وَأَتَاهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لَا يَشْعُرُونَ" (النحل:26).
لا تخشوا علينا لأننا نذرنا حياتنا لله وبعنا أنفسنا وأموالنا لله وحده، وهم قد باعوا أنفسهم ومصر لأعداء الله، ونبذل قصارى جهدنا في عالم الشهادة ونحسن التوكل على الله في عالم الغيب، ويقيننا أن من توكل على الله كفاه وأغناه ووقاه ونصره كما قال تعالى: "وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ" (الروم: من الآية 47).
فأبشروا بنصر قريب ونعيم مقيم.
فانتظروا إنا منتظرون..