تعجب الكاتب اليهودي "نيك كوهين" المعلق في صحيفة "أوبزرفر" البريطانية أنه في الوقت الذي تحاول "الصين تحويل النقد لسجلها المدمر في حقوق الإنسان وضد الأقليات المسلمة إلى جريمة، فإن "الدول التي كان عليها أن تصرخ شجبا تحني رأسها احتراما وبصمت".
وقارن الكاتب في مقال بالجريدة البريطانية، بين ردود فعل حكام المسلمين مما يحدث للمسلمين الأيجور في إقليم "تشينجيانج" الذي تحتله الصين اليوم من تعقيم نساء المسلمين وفصْل أطفال المسلمين عن ذويهم، وما حدث من قبل إزاء سلمان رشدي صاحب كتاب آيات شيطانية وصحيفة يولاندس بوستن الدنماركية أو تشارلي إيبدو الفرنسية. فقال "كوهين" إن "الصحفيين يستطيعون تغطية الأحداث في هونج كونج ولا يمكنهم الاقتراب من تشنجيانج بدون المخاطرة، حيث يعاني الملايين هناك بصمت.
ورأى في مقاله أن السبب في معاناتهم هي أن الدول التي احتجت على رشدي ويولاندس – بوستن، وتشارلي إيبدو، قررت الصمت، فهي تستخدم فكرة التضامن الإسلامي عندما تناسبها.
وأضاف "في يوليو 2019، أوقفت باكستان والسعودية ومصر والإمارات العربية المتحدة والجزائر وبقية الدول ذات الغالبية المسلمة والتي تقدم نفسها كحامية للدين، تحركا غربيا في الأمم المتحدة ضد الصين ومطالبتها بالسماح بـ”تحقيق مستقل ودخول المراقبين” إلى تشنجيانج.
وتابع: "وتقوم إيران بإصدار نقد من وقت لآخر، لكنها لا تستغني عن دعم بكين في حربها ضد دونالد ترامب، ولهذا فعندما تشتكي عن وضع المسلمين، يكون كلامها مبطنا".
ورأى أن "النفاق واضح ومثير للسخرية لو كنت تتحمل السخرية السوداء. فإيران ومصر وسوريا وعدد من الدول الأخرى عليها الآن التعايش مع وضع تقوم فيه الصين بإجبار النساء المسلمات على العقم. فهي تقوم بتقديم غمزة موافقة لمعسكرات الاعتقال لكنها تضع خطا تحت صورة ساخرة في صحيفة دنماركية. وقد تم شراء الكثيرين منهم بدرجة أصبحت فيها الصين صوتا مؤثرا وفاعلا في الأمم المتحدة لأن الكثير من الدول تنتفع من مليارات الدولارات التي تستثمرها الصين في مبادرتها “الحزام والطريق”.

من يجرؤ؟
وأشار الكاتب إلى أن الصين لا ترد فقط بالمنح بل ترد بالعقوبات والهجوم، فأشار ابتداء إلى أنه عندما فرضت الصين عقوبات تجارية على النرويج عام 2010 لمنحها المعارض الصيني السجين ليو جياباو جائزة نوبل للسلام، نطقت كلمة لم نألف سماعها من الدعائيين للحزب الشيوعي الملحد، ولكن علينا أن نعتاد على سماعيها، (هذا كفر) قال أحد المتحدثين بالحزب”.
وأضاف أن نفس ما واجهت به الصين النرويج في 2010، واجهت به "أستراليا هذا العام عندما طالبت بتحقيق دولي في منشأ كوفيد-19 فمن يتجرأ على “الكفر” ضد الصين يواجه عقوبات وهجمات سايبرية".
وفي سياق دعم الصين لديكتاتوري العالم ضمن استعراضه "دراسة مسحية لـ إيكونوميست” حول قوة الصين المتزايدة"، سحب ادعاء بأن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يستفيد من استثمارات الصين لتهدئة قاعدته، ولكنه لن يشجب انتهاك الصين للمسلمين بنفس القوة التي يقوم بها ضد نقاده في الداخل.
وزعم أن "النظام العالمي الصيني يجذب الساديين الذين يسكتون على ما تفعله الصين مقابل سكوتها عما يقومون بعمله".

سياق سابق
واستعرض الكاتب "كوهين" ما حدث في أوقات سابقة، مما رآه "تلاعب القوى العظمى والشريرة بالغضب الديني من أجل تعزيز قوتها"، ومنها في عام 1989، حيث أصدرت إيران فتوى ضد سلمان رشدي لأنه سخر من الإسلام في كتابه “آيات شيطانية”. وعزز آية الله الخميني من سلطته بادعائه قيادة العالم الإسلامي والتحدث باسمه.
وأنه "عندما قامت الصحيفة الدانماركية يولاندس- بوستن بنشر رسوم كاريكاتيرية ساخرة من النبي محمد عام 2005 في محاولة للتأكيد على حقها بالسخرية من الدين، حوّل حسني مبارك وبشار الأسد، ديكتاتورا مصر وسوريا نقاشا محليا إلى حملة عالمية ضد الدنمارك، فصيحات الغضب كانت كافية لأن تحرف النظر عن نظاميهما الفاسدين".!
وأعتبر أن الدول ذات الأغلبية المسلمة باتت اليوم "عارية"، مضيفا أن "هذه الدول التي حاولت قتل روائي ملحد وصرخت معبرة عن رغبتها في حماية النبي محمد من الإهانة، ركعت اليوم وعضّت على ألسنتها في وقت تقوم الصين بجريمة لا يمكن وصفها ضد غالبية مسلمة في غرب البلاد".
ورأى الكاتب في ترجمة لـ"القدس العربي" لمقاله، أن واحدة من كبريات الجرائم التي ترتكب في القرن الحادي والعشرين أمام ناظرينا، ونراها ولكننا نتجاهلها. عودة الحزب الشيوعي الصيني إلى الإرهاب الديكتاتوري الذي كان في ظل ماوتسي تونج وأعاده للحياة من جديد.